أحمد سراج يكشف الساعات الأخيرة من حياة رفعت سلام الذي “تنبأ” بموته
أهدى الكاتب والناقد أحمد سراج، كتابه “مضيئًا على حد انتصاف الليل” عن الشاعر الكبير الراحل رفعت سلام، إلى “اليوم السابع” بالتزامن مع الذكرى الثانية لرحيل صاحب “وردة الفوضى الجميلة”، والذى رحل عن عالمنا في 6 ديسمبر 2020.
في كتابه الجديد والذى ينفرد “اليوم السابع” بنشره، يتحدث الكاتب أحمد سراج عن تفاصيل الأيام بل الساعات الأخيرة في حياة رفعت سلام، وكيف تنبأ الأخير بموته حين قال له “سأموت”.
وفى السطور التالية ننشر فصلاً من مقدمة الكاتب والناقد أحمد سراج في كتابه عن تفاصيل ساعات رفعت سلام الأخيرة، حيث قال:
يقول لي المخرج أحمد إسماعيل يوم الأربعاء الثاني من ديسمبر 2020م: “رفعت في العناية المركزة، والحالة غير مطمئنة، لن أكلمك إلا لو حدث شيء”
لأربع ليالٍ لا أذوق النوم إلا إن باغتني، وحين أنتبه أنظر للهاتف بين رعبٍ ورجاء.. وحين وجدت رقم إسماعيل يوم الأحد يظهر على شاشة الهاتف رأيت النبأ..
لا يعرف إسماعيل أن رفعت قال لي قبلها: “سأموت”.
قالها حين جاء فراس ليسأله عن تدريب، فقال له: “اسأل عمو أحمد”.
قالها حين طلب مني أن أدخل غرفة مكتبه، ووصفها لي، بدقة..
قالها حين طلب مني أخذ مجموعة من كتبه لأحبائه الذين لا يعرفهم..
قالها حين أصر على أن أخرج كتبه التي اتفق على إعادة طبعها في دار نشر، فسألته: “لقد أعطيتهم ريتسوس وديوانك.. فهل التعامل المالي مشجع؟” قال الصمت: “إنها دورة النسر الأخيرة” فكما تفعل النسور حين تشعر بالموت.. ترتفع وترتفع وترتفع..
اليوم هو عيد ميلاده.. وحين هنأته.. هز رأسه بأسى، لكن فراس ابنه الصغير عاجلنا بأرز ولبن فأكلنا.. وقلت له منتزعًا ابتسامة: “العام القادم نكون قد أعدنا طباعة كتبك.. ونحتفل”.
شعرت بتعبه؛ جسده يتحرك للأمام والخلف، لكنه مصرٌّ على بقائي، استأذنته في الانصراف، كان يجلس على كرسي وظهره لباب الشقة، قبل أن أخرج بخطوة، جاءني صوته: “شكرًا يا أحمد” جمدت في مكاني فكررها: “شكرًا يا أحمد”.
رغم الامتنان الطاغي الذي ظهر في كلمته؛ فقد وصلت الرسالة: “سأموت وأنا راضٍ عنك” لكن ما أبكاني حقًّا أنني تيقنت مما خفته: “هذا لقاؤنا الأخير”.
الأحد السادس من ديسمبر 2020 في الثانية عشرة ظهرًا يسترد الله وديعته، وفي الثانية والنصف يدخل الجسد بيته الأخير.. مات رفعت سلام.