صحيفة فرنسية تكشف زيف “قصة 10 أكتوبر” الإسرائيلية: هكذا بدأت الكذبة
عربي ودولي
78
الدوحة – موقع الشرق
كشفت صحيفة لوموند إن زيف قصة 10 أكتوبر الإسرائيلية التي روجت لها تل أبيب ووسائل إعلام غربية والتي ادّعت أن المقاومة الفلسطينية قطعت رؤوس أطفال في إحدى المستوطنات خلال هجوم 7 أكتوبر الماضي.
وقالت إن الشائعة ما تزال منتشرة بعد 6 أشهر على اندلاع الحرب على غزة، مما أثار اتهامات ضد إسرائيل بالتضليل، موضحة في تحقيق مطول، بحسب موقع الجزيرة نت، أن طوفان الشهادات عن جرائم القتل والنهب والتشويه، الذي أعقب هجوم 7 أكتوبر 2023، انتشرت خلاله شائعة اتخذت أبعاداً غير عادية، وهي العثور على 40 طفلاً مقطوعي الرؤوس في (كيبوتس) مستوطنة “كفار عزة”، رغم أن ذلك لم يحدث في كفار عزة ولا في أي كيبوتس آخر، حسبما أكد المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية للصحيفة.
وشهدت هذه القصة وتفاصيلها انتشاراً غير مسبوق، حتى إن البيت الأبيض تحدث عنها، وتساءلت الصحيفة عن كيفية نشوء وانتشار تلك المعلومات الكاذبة.
وقالت لوموند إنها قامت بتحقيق لإلقاء الضوء على شائعة ولدت عضوياً، من مزيج من المشاعر والارتباك والمبالغة المروعة، ولم تفعل إسرائيل شيئاً لمحاربتها، بل إنها حاولت في كثير من الأحيان استغلالها بدلاً من إنكارها، مما أدى إلى تأجيج الاتهامات بالتلاعب بوسائل الإعلام.
لا تأكيدات
بدأت الصحيفة تحقيقها مما نقله مراسلها في القدس صامويل فوري، الذي شارك في الزيارة التي نظمها الجيش الإسرائيلي لعشرات الصحفيين والمراسلين الأجانب إلى كيبوتس كفار عزة، حيث قتل 60 شخصاً، قائلاً إنه وصل إلى المكان ولا تزال الجثث في كل مكان، قتلى إسرائيليون ملفوفون في أكياس، أو مقاتلو “حماس” ممددون حيث سقطوا، مضيفاً أنه تلقى اتصالاً من المسؤول في لوموند بعد الزيارة التي استمرت 90 دقيقة، وسأله هل رأيت أطفالاً مقطوعي الرؤوس؟ ليرد “رأيت المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي وأنا في طريق عودتي، لكن لا يبدو أن هناك ما يؤكد ذلك”.
وتابع “لم يتحدث معي أي جندي عن ذلك، وقد تحدثت مع 6 منهم. لا أعتقد أن هذه القصة ممكنة. كان الجنود في الكيبوتس منذ اليوم السابق. كان من الممكن توثيق مثل هذا الحدث الفظيع، ولم يصرح به أي جندي لأي من الصحفيين”، مؤكداً أنه اتصل بمنظمتين للإسعافات الأولية، ولم يذكر أحد قطع الرؤوس ولم ينكره، ولكن الصورة القوية -كما يقول- لها الأسبقية على الواقع، فهو يخدم تصوير “حماس” تجسيداً للشر المطلق.
ويشير صحفي لوموند إلى أن هذا كان أساس رسالته التي نشرها على موقع إكس (تويتر سابقاً)، في اليوم التالي لزيارة كفار عزة، ولكنه لاحظ بعد مرور بعض الوقت، أن منشوره لم يعد متاحاً في فرنسا وبعض البلدان الأوروبية، وبالتالي ثبت لديه أن قصة الأطفال مقطوعي الرؤوس معلومات كاذبة.
ولأن الصحفيين لا يستطيعون الدخول إلى عدد كبير من المنازل خشية الألغام، فالجثث الإسرائيلية الوحيدة التي يرونها موجودة في أكياس وجميعها بحجم البالغين، ولم تذكر هيئة الأركان العامة الأطفال القتلى، ولكنهم أتيح لهم سؤال الجنود ورجال الإنقاذ الموجودين.
أشياء متخيلة
وتابعت لوموند أنه وجد في مكان الحادث رجال إنقاذ من منظمة “زاكا”، وهي منظمة غير حكومية يهودية متطرفة مسؤولة عن انتشال الجثث وفقاً للتعاليم اليهودية -كما قال الصحفي- وقد اكتشفوا جثثاً لم يعد من الممكن التعرف عليها.
وبسبب الافتقار إلى التدريب الطبي، يسيء البعض فهم هوية الضحايا وأعمارهم، وقيل للصحافة إن امرأة حاملاً تم نزع أحشائها وطعن جنينها، وهو ما لم يحدث أبداً، كما أكد نحمان ديكشتيجن، المتطوع بـ”زاكا” لصحيفة لوموند.
وقال مؤسس “زاكا” يوسي لانداو إنه “رأى بأم عينيه أطفالاً ورضعاً مقطوعي الرؤوس”، ولكن صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت في وقت لاحق أن الجمعية، التي كانت في وضع مالي غير مستقر، حاولت الاستفادة من المأساة لجذب التبرعات.
ونقلت لوموند عن صحفي إسرائيلي قوله إن رقم 40 طفلاً الذين قتلوا في كفار عزة أتى من مايكل ليفي، وهو طبيب احتياطي ناطق بالفرنسية، وقد أنكر الترويج لذلك الرقم بشكل قاطع.
لكن عندما سألته لوموند، أكد أنه رأى طفلاً صغيراً مقطوع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا، ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغر ضحايا الكيبوتس يبلغ من العمر 14 عاماً.
رحلة الإشاعة
انطلقت الإشاعة مع أول ذكر لأطفال مقطوعي الرؤوس من قبل صحفية موقع “آي 24 نيوز” الإسرائيلي نيكول زيديك، عندما قالت في بث مباشر من كيبوتس كفار عزة، إن جنودا تحدثوا عن “أطفال رؤوسهم مقطوعة، هذا ما يقولونه”، وتابعت أن “حوالي 40 طفلاً حملوا على نقالات”، مع أنها لم تشاهد شيئاً، كما تقول الصحيفة.
وتقول الصحيفة الفرنسية، بحسب موقع الجزيرة نت: وهكذا أصبحت هذه الشائعة عنصراً من عناصر حرب المعلومات، حيث تطور إسرائيل خطابا مزدوجا حذرا من جهة، وانتقاميا من جهة أخرى، مع أنها اعترفت على شبكة “سي إن إن”، بأنها لا تستطيع تأكيد قصة الأطفال مقطوعي الرؤوس، مما دفع الصحفية الأميركية سارة سيدنر إلى الاعتذار.
وتحدث المعلق السياسي الأميركي جاكسون هينكل عن “الكذبة”، وقال في رسالة شوهدت أكثر من 5 ملايين مرة إنه “لم يتم قطع رؤوس الأطفال”، وأكد أن “إسرائيل كذبت بشأن الجميع”.
ولم تصحح “آي 24 نيوز” قصة قطع الرؤوس التي أطلقتها إلا في 30 نوفمبر قائلة “بينما أصبحت الأرقام الرسمية أكثر وضوحاً، نقوم بتصحيح تقريرنا الأولي”، وقد حذفت عبارة “40 طفلاً”.
مساحة إعلانية