لماذا تقف أنقرة على الحياد بالأزمة الأوكرانية؟ باحثة تركية تكشف
أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من حفاظ تركيا على شراكتها الوثيقة مع روسيا رغم العمليات العسكرية الروسية المتواصلة في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، حيث فرضت بروكسل على إثرها عقوبات على موسكو، بينما نأت أنقرة بنفسها عن ذلك، فهل يطلب الاتحاد الأوروبي من تركيا اليوم وقف تعاونها مع روسيا التي تساعدها أنقرة في الالتفاف على العقوبات الأوروبية؟
جوزيب بوريل، منسّق السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، قال في رسالة وجهها إلى البرلمان الأوروبي، إن “تعميق العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا يمثّل مصدر قلق كبيرٍ بالنسبة إلى بروكسل”، مضيفاً أن “استمرار سياسة تركيا المتمثلة بعدم الانضمام إلى الإجراءات التقييدية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، أمرٌ يستدعي القلق”، على حدّ تعبيره.
سفن تحمل الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود قرب اسطنبول – رويترز
ورأت أكاديمية تركية وباحثة في العلاقات الدولية أن “تركيا غير ملزمة بالعقوبات الأوروبية على روسيا لسبب رئيسي يكمن في أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي”.
وقالت الأستاذة الجامعية والباحثة التركية نورشين آتيش أوغلو غوناي لـ”العربية.نت” إن “تركيا دولة مستقلة وهي ليست ضوا في الاتحاد الأوروبي، ولهذا لا أعتقد أن يكون لغضب بروكسل من سياساتها تجاه الحرب الأوكرانية أي تأثير على العلاقات بينهما، خاصة أن أنقرة تحاول أن تبقى حيادية في هذه الأزمة”.
وأضافت أن “تركيا لا تصدّق فعالية فرض عقوبات على روسيا، ولا تصدّق أن هذه العقوبات سترغم موسكو على وقف حربها ضد أوكرانيا، فهي تؤمن بوجود حوار فعّال بين موسكو وكييف، الأمر الذي تحاول القيام به، ولذلك لا تقف أنقرة بجانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العقوبات المفروضة على روسيا، حيث لا تعد الوسيلة المناسبة لإيقاف الحرب”.
وتابعت أن “تركيا ترى وجود حوار جدّي ومفتوح بين الطرفين أمر ضروري للوصول إلى إيجاد حلول أو على الأقل لوقف إطلاق النار بين الجانبين، وهي ليست مرغمة على الوقوف بجانب أحد الطرفين ضد الآخر لاسيما أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي وروسيا التي تعتمد عليها بشكلٍ كبير في مسألة النفط والغاز”.
وبحسب الأكاديمية التركية، تفضّل أنقرة الوقوف على الحياد في الجبهة الأوكرانية، وقد تكون لاحقاً طرفاً مساعداً في إيقافها.
وكانت تركيا قد نأت بنفسها عن الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إذ حاولت لعب دور الوسيط بين كلا البلدين اللذين ترتبط معهما بعلاقات سياسية واقتصادية محكمة رغم القلق الأوروبي من انفتاحها على موسكو خلال هذه الأزمة.
وأعلنت تركيا مراراً في السابق أنها لن تنضم إلى العقوبات الأوروبية التي تفرضها بروكسل على موسكو رغم الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة بين أنقرة وبروكسل والاتحاد الجمركي الذي يشكلانه معاً.
ويربط الاتحاد الأوروبي قلقه بشأن التعاون الروسي ـ التركي بالدور الذي تلعبه أنقرة في الالتفاف حول العقوبات المفروضة على موسكو والتي فرضت المزيد منها آخر مرة في مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ولم تمنع الجانب الروسي من الاستفادة من عائدات النفط نتيجة تعاونه مع الجانب التركي، ففي يوم الجمعة الماضي فقط، وصل عدد ناقلات النفط الروسية التي تنتظر في البحر الأسود لعبور مضيقي البوسفور والدردنيل التركيين إلى 28 ناقلة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد اتفق مع مجموعة السبع وأستراليا على منع مقدمي خدمات الشحن مثل شركات التأمين، من المساعدة في تصدير النفط الروسي ما لم يتم بيعه بسعرٍ حددته الأطراف الثلاثة مسبقاً بهدف حرمان موسكو من إيرادات النفط، لكن عدم انضمام تركيا إلى هذه الاتفاقية رغم الضغوطات التي تعرضت إليها من قبل حلفائها الغربيين منع ذلك.
ويهدف الاتحاد الأوروبي من العقوبات الاقتصادية التي يفرضها على روسيا إلى تحفيف إيرادات الطاقة التي تستخدم موسكو جزءاً كبيراً منها في الحرب على أوكرانيا، لكن رغم ذلك يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا وسط مشاكل عالقة بين الدولتين تتعلق باتفاق يوليو الماضي والذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا وسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر البحر الأسود وتم تمديده مؤخراً حتى منتصف شهر مارس/آذار المقبل.