«الذئاب المنفردة» تربك حسابات الاحتلال

عربي ودولي
87
من «الخلايا» إلى «العمل الفردي».. تحول في شكل المقاومة الفلسطينية
«الذئاب المنفردة» تربك حسابات الاحتلال
عمليات المقاومة الفلسطينية تشهد تغييراً في الشكل والأسلوب
رام الله – محمـد الرنتيسي
تملك دولة الاحتلال ترسانة عسكرية ضخمة، ولديها من دوافع القتل والبطش، ما لا يقدر عليه شعب أعزل، لكنها تقف اليوم مرتبكة ومجروحة أمام الهجمات الفدائية التي دأب على تنفيذها أخيراً، فدائيون فلسطينيون فرادى، في خروج عن المألوف في أسلوب المقاومة الفلسطينية، الذي ظل لسنوات طويلة، حكراً على فصائل وقوى بعينها.
فعلى غير عادتها في شن عمليات انتقامية، رداً على الهجمات المسلحة التي ينفذها فلسطينيون ضد جنودها ومستوطنيها، لا زالت حكومة الاحتلال وأجهزتها المسماة «أمنية» تعاني الارتباك والتخبط في كيفية الرد على عمليتي النبي يعقوب وسلوان في القدس المحتلة، وتنتظر قرارات مجلسها الأمني، للقيام برد يحفظ لها ماء وجهها.
وحسب مراقبين، فليس صحيحاً القول، إن دخول السبت اليهودي هو الذي حال دون قيام قوات الاحتلال بعمليات انتقامية، ولس أدل على صحة هذا المنطق، من أن دولة الاحتلال نشرت الآلاف من عناصرها، وعززت من تواجدها في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة، تحسباً لمزيد من الهجمات.
كانت نقطة التحول الكبرى في نمط الهجمات الفلسطينية، بدأت العام الماضي بعد أن نفذت قوات الاحتلال عمليات اغتيال عدة ضد مقاومين فلسطينيين، فبدأ الفدائيون يخرجون لتنفيذ العمليات بشكل فردي، وبدافع شخصية، بعيداً عن أي تنظيمات أو خلايا، ما عقّد مهام أجهزة الاحتلال الأمنية، وصعّب موقفها، إذ بدت عاجزة أمام هؤلاء الفتية والشبان، الذين فرضوا أسلوباً جديداً في المقاومة، سيكون من الصعب على الاحتلال السيطرة عليه.
«نعيش أوضاعاً صعبة، ونواجه سلسلة هجمات فردية، وسنستخدم كل القدرات لمواجهة هذه الظاهرة» هكذا علّق المحلل الأمني الإسرائيلي رون بن يشاي، منوهاً إلى أن التغيير الملحوظ في شكل الهجمات الفلسطينية يجعل من أي هجوم شبه مميت، وفق قوله.
ووفقاً لخبراء ومراقبين، فإن المختلف في هذه المواجهة، هو التحول من خلايا تتبع لفصائل فلسطينية معروفة، إلى أفراد من الفدائيين، لا يتبعون لأي من القوى الفلسطينية، ولا يلمحون عن نواياهم بتنفيذ هجمات، ما يزيد من تعقيد الأمر بالنسبة لقوات الاحتلال، ويجعلها تقف عاجزة عن تنفيذ رد فعل فوري، كما درجت العادة.
آخر الفدائيين الجدد، الذين تسميهم إسرائيل «الذئاب المنفردة» الشاب خيري علقم، الذي نفذ هجوم «النبي يعقوب» في القدس المحتلة، ما أوقع ثمانية إسرائيليين قتلى، رداً على مجزرة جنين الأخيرة، وفي حين دأبت قوات الاحتلال على ملاحقة الفصائل الفلسطينية التي كانت تتبنى الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، بدت هذه القوات لا حول لها ولا قوة، مع تغيير نمط العمليات الفدائية، والخروج من دائرة «الخلية» أو «التنظيم» إلى فتية وشبان انطلقوا بدوافع شخصية.
ما بعد ظهور «الذئاب المنفردة» ليس كما قبله، هكذا تبدو صورة المشهد في الكيان الإسرائيلي، وهكذا يرجّح أيضاً لـ»الشرق» المعلّق السياسي الفلسطيني محمـد التميمي، بأن تصل الهجمات الفردية إلى مداها، موضحاً: «حين يخرج الذئب إلى هدفه، لا يخبر أحداً بما سيفعله، وهنا لا ينفع إغلاق، ولا حواجز عسكرية».
مساحة إعلانية