أخبار العالم

‫ اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية.. تعددية أكثر شمولاً واتباع نهج شامل لحقوق الإنسان


عربي ودولي

18

اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية.. تعددية أكثر شمولاً واتباع نهج شامل لحقوق الإنسان

20 فبراير 2023 , 10:19ص

الدوحة – قنا

 تحتفل الأوساط الدولية باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية في الـ20 من فبراير من كل عام، للتذكير بالفجوات الاجتماعية والتعاملات الطبقية، حيث تزداد الاختلالات الاقتصادية المرتبطة بالعولمة والتقنية بشكل مطرد سنويا، رغم كل الجهود الأممية والمنظمات الدولية.


وقد دفعت هذه الأحوال غير الطبيعية في ظل مناخات غير صحية تفتقر للعدالة والمساواة وتوزيع الثروات، إلى انحراف مفاهيم التضامن الإنساني والعدالة الاجتماعية، مما يتسبب بمتغيرات ديموغرافية وموجات من الهجرة غير النظامية، مدفوعة بارتفاع الاضطرابات السياسية والنزاعات العسكرية .


ويقاس مؤشر الفشل بتحقيق العدالة الاجتماعية بستة معايير، أولها غياب الحرية وانتشار الظلم والفساد والمحسوبية. والثاني هو عدم المساواة في توزيع الدخل بين الأفراد. بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق أو الجنس أو غير ذلك. والثالث هو عدم المساواة في توزيع الموارد والممتلكات كالأراضي والمباني بين الأفراد. والرابع هو عدم المساواة في توزيع فرص العمل بأجور مجزية. والخامس هو عدم المساواة في الحصول على فرص التعليم، وعلى الخدمات التعليمية المختلفة كالإنترنت والكتب. والأخير هو عدم المساواة في توزيع خدمات الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية.


وبناء على مبادرات كثيرة لم يكتب لها النجاح في تجسير الهوة بين المجتمعات وخصوصا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بادرت الجمعية العامة خلال مداولات مكثفة عام 2007، لإعلان يوم الـ 20 من فبراير، بوصفه اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، ثم تبعها اعتماد منظمة العمل الدولية بالإجماع في 10 يونيو 2008، إعلان رؤية معاصرة بشأن العدالة الاجتماعية في حقبة العولمة.


وتحرص هذه الرؤية من خلال التنسيق بين ممثلي الحكومات وأرباب العمل ومنظمات العمال من 182 دولة من الدول الأعضاء، على الالتزام معا بتعزيز قدرة منظمة العمل الدولية على تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية، وإضفاء الطابع المؤسسي على مفهوم العمل اللائق الذي وضعته منظمة العمل الدولية منذ عام 1999، ليكون في صلب سياسات المنظمة وأهدافها.


وترتكز بوصلة النهوض بعولمة عادلة على إتاحة فرص جديدة، عبر التجارة والاستثمار وتدفق رؤوس الأموال وأوجه التقدم التكنولوجي، والسعي لتحقيق النمو الاقتصادي العالمي والتنمية وتحسين مستويات المعيشة في العالم، بشكل يواكب تحديات الأزمات المالية الحادة وانعدام الأمن والفقر وانعدام المساواة داخل المجتمعات، ومحاولة تجاوز العقبات التي تحول دون زيادة اندماج البلدان النامية، ضمن الاقتصاد العالمي.


وقد وضعت مشاريع العام 2023، للأمم المتحدة نصب أعينها خطة للتغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية، في إطار توصيات قدمت لتعزيز التضامن العالمي وإعادة بناء الثقة في الحكومات وتعزيز الحوار مع الدول الأعضاء، والشباب، والشركاء المجتمعيين، ومنظمات المجتمع المدني، وكيانات الأمم المتحدة، وغيرها من أصحاب المصلحة الآخرين.


وتتبع هذه الخطة الإجراءات اللازمة لتقوية العقد الاجتماعي الذي تمزق بسبب تزايد التفاوتات والصراعات وضعف المؤسسات العاملة وإطلاق المزيد من الاستثمارات في الوظائف اللائقة، مع التركيز بشكل خاص على الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والاقتصاد القائم على خدمات الرعاية وعلى الشباب.


وتضع هذه الجهود الدولية في الاعتبار تصاعد مستويات الفقر، واتساع أوجه التفاوت داخل البلدان فيما بينها في أنحاء كثيرة من العالم، وسط أزمات اقتصادية واجتماعية تتفاقم تداعياتها القاسية في السنوات الأخيرة. إذ تعيش بلدان ومجتمعات ليست بالقليلة أتون المآسي الإنسانية جراء الحروب والصراعات، والكوارث الطبيعية، والفساد والأزمات المالية، التي تلقي بظلالها الوخيمة على طبقات واسعة من أفراد تلك المجتمعات.


وإزاء هذه الظروف المعقدة، عانى النظام العالمي المتعدد الأطراف، من بطء التكيف مع البيئات المتغيرة، فلم يقدم طروحات عملية ناجعة أو حلولا مرضية لمشاكل مجتمعات متنوعة، وهذا ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقريره المعنون”خطتنا المشتركة”، داعيا إلى تعددية أطراف أكثر شمولا، وتجديد العقد الاجتماعي بين الحكومات وشعوبها مع الأخذ بالاعتبار اتباع نهج شامل لحقوق الإنسان، في إطار الخطة المرسومة لعام 2030، لا سيما في وقت لم يزل فيه تحقيق هذه الأهداف بعيد المنال.

 

وفي العالم العربي.. شكل تعزيز العمل اللائق في المنطقة الهدف الأساسي لدى المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لمنظمة العمل الدولية، فالعمل اللائق يجسد تطلعات الأفراد في حياتهم المهنية، وآمالهم المعلقة على الفرص والمداخيل والحقوق والاستقرار العائلي والتطور الشخصي والعدالة والمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى رغبتهم في إيصال صوتهم والاعتراف بدورهم.


في هذا الإطار، تستند البرامج الابتكارية في منطقتنا العربية إلى 4 أسس بالغة الأهمية وهي: استحداث فرص العمل، وتطوير المؤسسات والحماية الاجتماعية، والمعايير والحقوق في العمل، والحوار الاجتماعي.


ولهذه البرامج هدفان رئيسيان، تسعى من جهة إلى النهوض بالعمل اللائق باعتباره عنصرا أساسيا ضمن إستراتيجيات التنمية الوطنية وتحاول من جهة أخرى وضع رصيد المنظمة من المعرفة والمناصرة والتعاون والأدوات في خدمة الأطراف الثلاثة في إطار مبني على النتائج، وذلك بغية الارتقاء بأجندة العمل اللائق في سياق ميزة المقارنة التي تتمتع بها المنظمة.


وواحدة من أكبر الفجوات ضمن مفهوم العدالة الاجتماعية لبعض البلدان هي قضية الأجور المناسبة للعمل، فهناك فروق بين أجور النساء والرجال، وهناك فروق أخرى بين كبار السن والشباب رغم أدائهم نفس العمل والوظيفة، وهناك بلدان أخرى يعاني فيها العمال للتمييز بحسب العرق والقومية، ولذا ثمة حاجة لتبني إجراءات ومبادرات تشريعية وعملية تؤتي ثمارها في مواضع كثيرة.


أبرز هذه المبادرات، أن يحرص أصحاب العمل، على إجراء مراجعات داخلية دقيقة وعلى أساس دوري لرواتب الموظفين، وفقا لفئاتهم الوظيفية وخصائصهم السكانية، وذلك للوقوف على مدى الامتثال للقواعد الإرشادية، ونشر مؤشراته في إطار من الشفافية، مع العمل على تصحيح أي تشوهات تشوبها.


كما يدخل تكثيف الجهود المعنية بجمع بيانات أجور العاملين من قبل أصحاب العمل والعاملين لتحليلها على أساس دوري من أجل الوقوف على الفجوات الأجرية القائمة، ونشرها مجتمعيا.


بجانب ذلك، ثمة أهمية بالغة للتوعية بأهمية المساواة في الأجور بين جهات العمل باعتبارها جزءا أصيلا من المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وتبيان انعكاساتها الإيجابية على كل من الأداء الفردي ورأس المال البشري والأداء المؤسسي عموما، بالإضافة إلى التعريف بآليات تطبيقها، والممارسات النموذجية ذات الصلة.


وفي دولة قطر.. أدركت القيادة أنه لا يمكن لقطر أن تطور اقتصادها ومجتمعها دون رأسمالها البشري ومواردها البشرية. وتلحظ التنمية البشرية بحسب رؤية قطر الوطنية 2030 إنشاء بنية تحتية شاملة وحديثة للرعاية الصحية يستفيد منها الجميع، ونظام تربوي وتعليمي يضاهي أرقى الأنظمة التعليمية في العالم.


ويؤكد الدستور القطري في كثير من بنوده على مفاهيم العدالة الاجتماعية، كما تشدد الرؤية الوطنية على رعاية قوة عمل كفؤة وملتزمة بأخلاقيات العمل، ومشاركة متزايدة ومتنوعة للقطريين في قوة العمل من خلال استثمارات واسعة لمؤسسات القطاعين العام والخاص في برامج التأهيل والتدريب، وإيجاد فرص تدريبية عالية الجودة لجميع المواطنين كل حسب طموحاته وقدراته، وزيادة فرص العمل أمام المرأة القطرية ودعمها مهنيا.


فضلا عن ذلك تعمل دولة قطر على حقوق العمالة الوافدة، ورعاية حقوقها وتأمين سلامتها، والحفاظ على أصحاب المهارات المتميزة منهم، وتطوير التشريعات الخاصة بهم.


وقد أشادت منظمة العمل الدولية بجهود دولة قطر في هذا السياق، إذ تقول في بيان لها، إن قطر أصبحت الدولة الأولى في منطقة الخليج التي تعتمد حدا أدنى غير تمييزي للأجور منذ مارس 2021، ينطبق على جميع العمال بغض النظر عن جنسياتهم وقطاع عملهم، بما في ذلك العمال المنزليون. وأدى ذلك إلى ارتفاع في الأجر الأساسي إلى عتبة الحد الأدنى لما يقارب 13 بالمئة من مجموع اليد العاملة منذ دخول هذا القانون الجديد حيز التنفيذ.


ويضيف بيان المنظمة أن أصحاب العمل أصبحوا ملزمين بتحويل أجور الموظفين عن طريق البنوك القطرية، ما يسمح لوزارة العمل بمراقبة التحويلات والحد من انتهاكات الأجور، كما شددت العقوبات المفروضة على عدم دفع الأجور.


وفي سياق برنامج التعاون بين منظمة العمل الدولية ودولة قطر، تعد مسألة السلامة والصحة المهنيتين من بين أولويات هذا البرنامج، وعليه صدر قرار جديد يعزز حماية العمال في دولة قطر من الإجهاد الحراري من خلال حظر العمل في الأماكن المكشوفة ما بين الساعة العاشرة صباحا والساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر في الفترة الممتدة من 1 يونيو وحتى 15 سبتمبر، لتسجل دولة قطر بذلك أكبر عدد من ساعات العمل المحظورة في منطقة الخليج.


كل هذه الإصلاحات تتماشى بحسب المنظمة الدولية مع الرؤية الوطنية 2030 لدولة قطر وتساهم في تحقيقها. إذ تتضمن هذه الرؤية أهدافا تتعلق بتطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي وقائم على المعرفة.


وعن المرأة، تبنت دولة قطر سياسات وتشريعات وطنية تعمل على تمكين النساء وبناء وتعزيز قدراتهن عن طريق إتاحة فرص التعليم والتدريب وتقلد الوظائف العامة بما فيها الوظائف القيادية في قطر، كما أكدت اهتمامها بتضمين منظور حقوق المرأة في جميع الإستراتيجيات التنموية الاجتماعية والاقتصادية.


وبشأن رعاية المسنين، تؤكد دولة قطر على توفير الرعاية الكاملة لهذه الفئة من المجتمع، فهي تشكل جزءا لا يتجزأ من وحدة الأسرة في قطر، وفي حين ترتفع نسبة الأطفال والشباب في البلاد، فإن المواطنين فوق سن 65 عاما يشكلون نحو 2 بالمئة من السكان.


ويحق للمتقاعدين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما والذين كانوا يعملون في الحكومة الحصول على معاش تقاعدي، كما يجوز للمواطنين المسنين التقدم بطلب للحصول على المساعدة من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة.


وعن ذوي الدخل المحدود تقوم المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، عبر أجهزتها المختصة بدور وقائي من خلال تقديم خدمات شاملة تتضمن برامج لدعم العائلة وبرامج توجيهية، وتدريبا مهنيا، كما تقدم قروضا بدون فوائد إلى الأسر المعوزة وتجري حملات وبرامج توعية مختلفة.


 

مساحة إعلانية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى