حصاد عام 2022 .. أزمات وأحداث حبست الأنفاس وهزت أسواق الغذاء والطاقة
عربي ودولي
4
حصاد عام 2022 .. أزمات وأحداث حبست الأنفاس وهزت أسواق الغذاء والطاقة
كان عام 2022، الذي أوشك على الرحيل، استثنائيا بكل المقاييس، فقد شهد أحداثا كبرى لم يعهدها العالم من قبل، حبست الأنفاس، وهزت أسواق الحبوب والطاقة، وأقلقت الاقتصادات الكبرى والصغرى، وقرعت أجراس الإنذار في العديد من العواصم.
وكانت الحرب الأوكرانية أهم وأخطر أحداث العام الذي نوشك على توديعه، ففي الرابع والعشرين من فبراير الماضي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية خاصة في إقليم /دونباس/ جنوب شرقي أوكرانيا، للدفاع عما سميت في ما بعد جمهوريتي: “لوغانسك” و”دونيتسك” الانفصاليتين، قائلا إنه يريد “اجتثاث النازية” من أوكرانيا، ومطالبا بضمانات تتمثل في عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي /الناتو/.
في المقابل، رد الغرب بفرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا، وزود أوكرانيا بأسلحة متنوعة، وتخلّت القوات الروسية في بداية الحرب عن دخول العاصمة كييف، كما تراجعت خلال الأشهر الأخيرة عن منطقتي /خيرسون/ و/خاركيف/، وفقدت الطراد “موسكفا” وهو سفينة القيادة للأسطول الروسي بالبحر الأسود، بعد إعلان أوكرانيا استهداف قواتها الطراد بصواريخ مضادة للسفن، وسط نفي موسكو للتصريحات الواردة من كييف.
وفي أكتوبر الماضي، هزَّ انفجار عنيف الجسر الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الروسي، ودمر جزءا منه، لترد روسيا بشن هجمات صاروخية واسعة النطاق علي جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك العاصمة كييف، مستهدفة بشكل خاص منشآت الطاقة، ما أغرق ملايين الأوكرانيين في الظلام وحرمهم من التدفئة مع حلول فصل الشتاء.
وأدخلت الحرب العالم في أزمة غير مسبوقة لا تزال مستمرة، وهددت بحدوث أزمة غذاء عالمية، بسبب الحصار البحري الروسي المفروض على الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، لكن اتفاقاً تم التوصل إليه في يوليو الماضي بوساطة تركيا والأمم المتحدة سمح لأوكرانيا باستئناف تصدير إنتاجها الوفير من الحبوب تدريجياً.
وتكبد الطرفان: الروسي والأوكراني، خسائر بشرية وعسكرية ومالية كبيرة خلال 10 أشهر من المعارك، كما تعرضت العديد من المدن الأوكرانية لدمار واسع ونزح ملايين المدنيين إلى أوروبا.
وفي خضم هذه الأحداث، استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن بالبيت الأبيض، قبل عدة أيام، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قام بأول رحلة خارجية له منذ بدء الحرب في بلاده، دون بروز أي أفق أو بوادر على قرب انتهاء الأزمة التي أرقت العالم، وأعادت إلى الأذهان تصاعد عسكرة الغرب ضد الشرق.
وفي التاسع من ديسمبر الجاري، شهدت العاصمة السعودية الرياض ثلاث قمم: أولاها الدورة الثالثة والأربعون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مستوى القمة، وقمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية، وقمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية، شارك فيها الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث تركزت المناقشات في القمم على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، وتعزيز التبادل بينها في مختلف الأبعاد والمستويات، وتضافر الجهود لمواجهة التحديات التنموية المشتركة.
وفي منتصف يوليو الماضي، عقدت بمدينة جدة السعودية قمة جدة للأمن والتنمية، بحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى قادة مصر والعراق والأردن والرئيس الأمريكي جو بايدن، ليكشف البيان الختامي للقمة أن القادة المشاركين في القمة عبروا عن تقديرهم لدور دولة قطر في مساندة أمن الشعب الأفغاني واستقراره.
كما رحب القادة بتأكيد الرئيس الأمريكي بايدن على الأهمية التي توليها بلاده لشراكاتها الاستراتيجية الممتدة لعقود في الشرق الأوسط، والتزامها الدائم بأمن شركاء الولايات المتحدة والدفاع عن أراضيهم، وإدراكها للدور المركزي للمنطقة في ربط المحيطين الهندي والهادئ بأوروبا وإفريقيا والأمريكيتين، مؤكدين رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار.
وجدد القادة، في تلك القمة، عزمهم على تطوير التعاون والتكامل الإقليمي والمشاريع المشتركة بين دولهم، وأشادوا بمبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” اللتين أعلنهما سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي.
في نوفمبر الماضي، استضافت الجزائر القمة العربية في نسختها الحادية والثلاثين، والتي عقدت تحت شعار “لم الشمل”، بعد أن قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أغسطس الماضي، بزيارة رسمية للجزائر دامت ثلاثة أيام، واستهدفت طي صفحة القطيعة و”إعادة بناء” العلاقات الثنائية بين البلدين، واعتبرتها الجزائر اعترافا بدورها الإقليمي الهام.
وعلى صعيد الأحداث بالمنطقتين العربية والشرق الأوسط عموما، كان عام 2022 أكثر الأعوام دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 2005، فقد شهدت الأراضي المحتلة هجمة إسرائيلية غير مسبوقة على مجموعات المقاومة الفلسطينية، قابلتها عودة قوية للعمليات المسلحة الفلسطينية والتي شملت نحو 7200 عمل فلسطيني مقاوم، وكانت عملية التفجير المزدوجة عن بعد في القدس من أبرزها، إلى جانب هجمات نفذها فلسطينيون في العمق الإسرائيلي.
وكان حصاد العمليات 227 شهيدا فلسطينيا، وأكثر من تسعة آلاف جريح وستة آلاف وخمسمائة معتقل، مقابل 31 قتيلا إسرائيليا ونحو 500 إصابة وهو الرقم الأعلى منذ 2015، مقابل ذلك، هدمت قوات الاحتلال خلال العام الجاري ثمانمائة وثلاثة وثلاثين مبنى فلسطينيا، وشارك المستوطنون في نحو ألف هجوم على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم، أدت لاقتلاع أو اتلاف مساحات كبيرة من المساحات الزراعية.
وفي أبريل الماضي، لاحت في الأفق اليمني بوادر أمل مشجعة، حيث أعلنت الأمم المتحدة عن توافق أطراف النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين، دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل بالتزامن مع بداية شهر رمضان المبارك، وقد جرى تمديد تلك الهدنة عدة مرات، ولا تزال الوساطات جارية لتمديدها لفترات طويلة.
وفي شهر أبريل أيضا، قرر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إعفاء نائبه علي محسن الأحمر من منصبه، كما قرر تشكيل مجلس قيادة رئاسي، ونقل كامل صلاحياته للمجلس الذي يرأسه رشاد محمد العليمي، وتشكيل هيئة يمنية للتشاور والمصالحة تجمع مختلف المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي والعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية بما يعزز جهود المجلس وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات بين كافة القوى والتوصل لسلام يحقق الأمن والاستقرار في كافة ربوع اليمن.
وفي أكتوبر الماضي، طوى العراق صفحة أكبر أزمة سياسية عاشها منذ تأسيس الدولة الحديثة، حيث لم تتمكن القوى والأطراف السياسية المتنافسة هناك من المضي في تشكيل حكومة جديدة رغم مرور أكثر من عام على الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021، لينتخب مجلس النواب العراقي عبداللطيف رشيد (78 عاما) رئيسا للجمهورية وذلك بعد مخاض عسير، ليعقبها تكليف الرئيس الجديد محمد شياع السوداني مرشح الكتلة النيابية الأكبر بمجلس النواب، بتشكيل حكومة جديدة، ليخرج السوداني للعراقيين بتأكيده على أن الوقت قد حان لاسترداد هيبة الدولة، وإيقاف الانفلات، وتركيز حكومته على معالجة المشكلات الخدمية ومكافحة الفساد، في وقت أعلن التيار الصدري مقاطعة الحكومة ورفضه مشاركة أي من منتسبيه في التشكيل الحكومي الجديد.
وفي شهر مايو 2022، أجرى لبنان أول انتخابات نيابية منذ الاحتجاجات التي جرت في السابع عشر من أكتوبر 2019، مسفرة عن فقدان تحالف حزب الله وحركة أمل، الأغلبية النيابية التي كان يتمتع بها وحلفاؤه مقارنة بما أفرزته انتخابات عام 2018. وفي مؤشر على عدم التوافق واستمرار الانقسام في لبنان، فشل البرلمان المنتخب للمرة العاشرة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال عون الذي انتهت ولايته في نوفمبر الماضي، ليأتي هذا الاستحقاق الانتخابي في ظل أزمة مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في التاريخ اللبناني.
ويرزح لبنان، البلد المتوسطي الذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، وفقا للبنك الدولي، تحت براثن واحد من أسوأ الانهيارات الاقتصادية في التاريخ الحديث، وخسرت العملة المحلية أكثر من 90 في المئة من قيمتها في غضون سنة واحدة فقط، فيما تضاعفت أسعار السلع الغذائية والدواء خمس وست مرات تباعا خلال الفترة نفسها، كل هذا يأتي في وقت لا تحصل معظم مناطق البلاد سوى على ساعات قليلة من الكهرباء يوميا، فيما تشح إمدادات السلع الغذائية والمياه والوقود والأدوية.
وفي جانب آخر ذي صلة بالشأن اللبناني، وقع لبنان مع الكيان الإسرائيلي، في شهر أكتوبر الماضي، وبعد وساطة أمريكية دامت عامين، اتفاقا لترسيم حدودهما البحرية، تم بموجبه تحديد المناطق الاقتصادية الخاصة بالجانبين في البحر المتوسط، من شأنه السماح لهما بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة المتنازع عليها التابعة لمياههما الإقليمية.
حصاد عام 2022.. أزمات وأحداث حبست الأنفاس … إضافة ثانية
وفي السودان، تواصلت الاحتجاجات الشعبية على مدار العام، ففي يناير الماضي، استقال عبدالله حمدوك رئيس الوزراء من منصبه بعد أقل من شهرين على إعادته إلى السلطة، وذلك بعد أن عجز عن تشكيل حكومة جديدة، ليعلن في شهر يوليو الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي انسحاب المؤسسة العسكرية من الحوار الوطني الذي يجري برعاية دولية وإفريقية لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مدنية.
وفي محاولة لإنهاء الأزمة السودانية، وبحضور محلي وإقليمي ودولي واسع، تم في الخامس من ديسمبر الجاري، التوقيع في الخرطوم على الاتفاق السياسي الإطاري بين المكون العسكري وعدد من القوى السياسية، مدشنا مرحلة انتقالية جديدة يقودها مدنيون لمدة عامين، وتنتهي بإجراء انتخابات شاملة بنهاية فترة انتقالية مدتها 24 شهرا.
وبخصوص الأوضاع في تونس، شهدت البلاد في يوليو الماضي، استفتاء على مشروع دستور جديد اقترحه الرئيس قيس سعيد لتغيير النظام السياسي، وبلغت نسبة المشاركة فيه 27.54 بالمئة، لتعلن بعد ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هناك، أن نسبة المؤيدين لمشروع الدستور الجديد في الاستفتاء بلغت 94.6 بالمئة، فيما بلغت نسبة الرافضين له 5.4 بالمئة.
كما شهدت تونس، في السابع عشر من ديسمبر الجاري، انتخابات تشريعية مبكرة، تنافس فيها أكثر من ألف مرشح وسط مقاطعة نحو 13 حزبا، لكن نسبة المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي لم تتجاوز 11.22 بالمئة، ومن المقرر إجراء جولة إعادة في معظم الدوائر الانتخابية في العشرين من يناير المقبل.
وعلى الصعيد الدولي، استمرت التوترات بين الولايات المتحدة والصين، لتبلغ ذروتها بعد زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي لجزيرة تايوان في مطلع أغسطس الماضي، وردت الصين بمناورات عسكرية برية وبحرية غير مسبوقة منذ منتصف التسعينات، إلا أن جو بايدن أكد أن قواته ستدافع عن تايوان إذا غزت الصين الجزيرة.
وسلط الرد الصيني على زيارة بيلوسي الضوء على مدى توتر العلاقات بين بكين وواشنطن، ليتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن في أكتوبر الماضي خطوة كبيرة للحد من صعود الصين عالميا، من خلال حرمانها من الوصول إلى رقائق أشباه الموصلات المتقدمة والتكنولوجيا الضرورية للسيطرة على مجالات مثل الذكاء الاصطناعي.
وفي تطورات أخرى، ضمن هذا الملف، التقى بايدن، في منتصف نوفمبر الماضي، نظيره الصيني شي جين بينغ، على هامش قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية، واتفق الرئيسان بالعمل على تقليل التوترات المتبادلة، وتعهدا بالتعاون في مجالات مثل تغير المناخ والصحة العامة.
في غضون ذلك، عصفت الأزمات والاضطرابات والتقلبات السياسية والاقتصادية بالعديد من الدول في مختلف القارات، وعلى عكس التوقعات والتكهنات التي روج لها أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لم تجتح “موجة حمراء” الانتخابات النصفية الأمريكية التي جرت في نوفمبر الماضي، فقد احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ، بينما فاز الجمهوريون بغالبية ضئيلة في مجلس النواب.
وعلى الرغم من هذه النتيجة، أعلن ترامب ترشحه للانتخابات الرئاسية للعام 2024، لكن المراقبين يرون أن فوزه بترشيح الحزب الجمهوري سيكون ضئيلا مع وجود الكثير من المرشحين المحتملين الآخرين، بينهم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
وفي الكيان الإسرائيلي، عاد بنيامين نتنياهو إلى الحياة السياسية يوم الخميس الماضي، بواحدة من أكثر الحكومات يمينية وتطرفا في تاريخ دولة الاحتلال، وهي عبارة عن تآلف بين أحزاب يمينية وأخرى دينية صهيونية، تتفق على عدم التعايش مع الفلسطينيين، وتنادي بتوسيع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة.
وعلى النطاق الإسلامي، عصفت الأزمات السياسية والاقتصادية والمناخية بباكستان خلال عام 2022، ففي أبريل الماضي خسر عمران خان رئيس الوزراء تصويتا بحجب الثقة في البرلمان، لكنه لم يستسلم، فقد قاد بدلا عن ذلك أتباعه في سلسلة من المسيرات الاحتجاجية في العاصمة إسلام آباد، سعيا للإطاحة بخلفه شهباز شريف، وفي نوفمبر الماضي أصيب خان بجراح في محاولة اغتيال فاشلة.
وفي ماليزيا، أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في نوفمبر الماضي، تراجع حزب الرابطة الوطنية بقيادة محي الدين ياسين رئيس الوزراء السابق، مقابل تقدم “تحالف الأمل” الذي يتزعمه أنور إبراهيم، الذي اختاره ملك البلاد كعاشر رئيس للوزراء، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة على أمل إخراج ماليزيا من أزماتها السياسية والاقتصادية.
وفي القارة الأوروبية، أعلن قصر باكنجهام، في الثامن من سبتمبر الماضي، وفاة الملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة في قلعة /بالمورال/ بأسكتلندا عن عمر ناهز السادسة والتسعين، بعد معاناتها خلال الأشهر التي سبقت رحيلها من مشكلات صحية سببت لها صعوبة في الحركة.
وبوفاتها، فقد العالم أطول ملكة تعمر في الحكم في تاريخ بريطانيا، حيث كانت اعتلت العرش في السادس من فبراير عام 1952 حينما كانت في سن الـ25 عاما، وذلك في أعقاب وفاة والدها الملك جورج السادس، مسجلة رقما قياسيا في جلوسها على العرش، إذ جالت العالم 42 مرة وهي في منصبها منذ سبعين عاما.
وبعد يومين من وفاة والدته، توج مجلس الجلوس على العرش البريطاني، الملك تشارلز الثالث، رسميا، ملكا، متعهدا بخدمة وطنه والدفاع عن دستوره، مشيدا بمناقب الملكة الراحلة.
وفي الشأن السياسي البريطاني، قدم بوريس جونسون استقالته من منصب رئيس الوزراء في سبتمبر الماضي، وتم تكليف ليز تراس رسميا بتشكيل الحكومة، لكنها اضطرت للاستقالة من زعامة حزب المحافظين بعد 45 يوما فقط من توليها المنصب، وتبع ذلك انتخاب ريشي سوناك زعيما لحزب المحافظين ورئيسا للحكومة ليصبح، بذلك، خامس رئيس وزراء لبلاده منذ الاستفتاء على خروجها من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
وفي إيطاليا، أدت جيورجيا ميلوني، اليمين الدستورية رئيسة للوزراء، لتكون أول امرأة وأول يمينية متطرفة تتقلد هذا المنصب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك في حدث غير مسبوق بعد انتخابات تشريعية جرت في أواخر سبتمبر الماضي، وأسفرت عن فوز حزبها “إخوة إيطاليا” وحلفائها من حزبي “رابطة الشمال”، و”قوة إيطاليا”.
وغير بعيد عن إيطاليا، فاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولاية رئاسية جديدة لمدة خمس سنوات، بعد جولة إعادة تنافس فيها مع منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان التي وقفت على أبواب الإليزيه بعد الجولة الأولى من الانتخابات في أبريل الماضي، لكنها فشلت في مسعاها لكن وصولها إلى هذه المرحلة اعتبره المحللون “جرس إنذار” يؤشر لواقع سياسي جديد تقبل عليه الساحة السياسية الفرنسية، والمجتمع ككل.
وفي ألمانيا، أعيد انتخاب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير لفترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات.
وفي تحول نحو اليسار، فاز الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا بالانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 50.9 بالمئة من الأصوات، متفوقا على الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو، لينتقل دا سيلفا من سجين إلى رئيس في غضون ثلاث سنوات فقط.
وعزز الرئيس الصيني شي جين بينغ في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي مكانته في التاريخ، باعتباره الزعيم الأكثر نفوذا في البلاد منذ ماو تسي تونغ، بعد إعادة انتخابه لفترة ثالثة غير مسبوقة كأمين عام للحزب الشيوعي الصيني، وافتراضيا، رئيسا للدولة.
وفي مناطق أخرى من العالم، فاز مرشح المعارضة يون سوك يول في الانتخابات الرئاسية لكوريا الجنوبية، وفي مايو الماضي تم انتخاب حسن شيخ محمود رئيسا للصومال بعد الانتخابات غير المباشرة التي أجريت هناك.
وفي أبريل الماضي، قدم وزراء الحكومة السيريلانكية استقالة جماعية بعد يومين من اندلاع احتجاجات واسعة ضد حكومة الرئيس جوتابايا راجاباكسا، وفرض حالة الطوارئ وقطع وسائل التواصل الاجتماعي، وفي التاسع من يوليو اضطر الرئيس للفرار إثر اقتحام المتظاهرين لمنزله ضمن احتجاجات واسعة ضد الفساد، وفاز غوستافو بيترو في الانتخابات الرئاسية في كولومبيا ليصبح أول رئيس يساري للبلاد.
وشهدت بوركينا فاسو انقلابين عسكريين خلال العام الجاري، أولهما في يناير الماضي وتم اعتقال الرئيس روش مارك كريستيان كابوري ورئيس البرلمان وأعضاء الحكومة، بينما وقع الثاني في أواخر سبتمبر الماضي وقاده النقيب إبراهيم تراوري، الذي عين نفسه رئيسا للدولة، وفي فبراير الماضي قتل 11 شخصا وأصيب آخرون في محاولة انقلابية فاشلة في غينيا بيساو.
وفي مكان آخر من القارة السمراء، تعززت الآمال بتحقيق السلام في إثيوبيا بعد صراع استمر سنتين، حيث وقعت الحكومة الفيدرالية وجبهة تيغراي في الثاني من نوفمبر في بريتوريا اتفاقا “لوقف القتال”، يهدف إلى وضع حد للحرب التي وصفتها منظمات غير حكومية بأنها “واحدة من الأكثر دموية في العالم”، متسببة في تشريد أكثر من مليوني مواطن، وبالإضافة إلى نزع سلاح عناصر الجبهة، نص اتفاق السلام على إيصال مساعدات إنسانية إلى تيغراي المعزولة عن العالم، والتي حرم سكانها، البالغ عددهم ستة ملايين، من الغذاء والدواء منذ أكثر من عام.
وفي بداية العام الماضي، أصدرت القوى الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا)، بيانا مشتركا نادرا تتعهد فيه بالعمل على منع انتشار الأسلحة النووية في العالم والحيلولة دون اندلاع صراع تستخدم فيه هذه الأسلحة، ومشددة على أنه “لا يمكن كسب حرب نووية ويجب عدم خوضها إطلاقا”.
وفي نوفمبر الماضي، وقعت 80 دولة في العاصمة الآيرلندية /دبلن/ إعلانا، تعهدت فيه بالامتناع عن قصف المناطق المدنية، وهي المرة الأولى التي تتفق فيها الدول على الحد من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق السكنية.
وعلى صعيد التغيرات المناخية، أصبح صيف العام 2022 الأكثر حرا على الإطلاق في أوروبا، وسجلت درجات حرارة قياسية وموجات حر تسببت في جفاف وحرائق هائلة بالاتحاد الأوروبي، وسجلت الأنهار الجليدية في جبال الألب خسارة قياسية في الكتلة الجليدية.
وفي أعقاب ذلك، قالت منظمة الصحة العالمية إن ما لا يقل عن 15 ألف وفاة كانت مرتبطة مباشرة بموجات الحر في أوروبا هذا العام، كما سجلت الصين حرارة قياسية في أغسطس، فيما يهدد الجفاف بحدوث مجاعة في القرن الأفريقي، وسط تسجيل الحرائق وإزالة الغابات أرقاما قياسية في منطقة الأمازون البرازيلية.
كما تسببت الفيضانات العارمة التي ضربت باكستان، خلال فترة الأمطار الموسمية، بمقتل أكثر من 1700 شخص وتشريد ثمانية ملايين آخرين، وتدمير أكثر من مليون منزل، فيما غرق ثلث مساحة البلاد في المياه.
وفي أحدث تداعيات التغير المناخي، تتعرض عدة مناطق بالولايات المتحدة لعاصفة ثلجية وصفت بأنها عاصفة القرن، وقد تسببت في مقتل 63 شخصا، وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وإلغاء أكثر من 17 ألف رحلة جوية مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
وبعد مفاوضات صعبة، اختتم مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب27) في نوفمبر الماضي بمدينة /شرم الشيخ/ المصرية، على تسوية بشأن مساعدة البلدان الفقيرة المتأثرة بتغير المناخ، لكنه فشل في وضع طموحات جديدة للحد من غازات الدفيئة.
وخلال العام الجاري، افتتحت تركيا جسر “جنق قلعة” الرابط بين آسيا وأوروبا فوق مضيق الدردنيل، ليصبح أطول جسر معلق في العالم حتى تاريخه.
وفي منتصف نوفمبر الماضي، وصل عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة، وكانت الهند أكبر مساهم في هذا الإنجاز، ومن المتوقع أن تتفوق على الصين كأكبر دول العالم من حيث عدد السكان.
ورحلت خلال هذا العام، العديد من الشخصيات السياسية والثقافية والدينية التي تركت بصمات لن تمحى لدى الكثيرين، لكن تبقى حادثة سقوط الطفل ريان أورام، البالغ من العمر خمس سنوات، خلال شهر فبراير الماضي، ببئر على عمق 32 مترا ببلدة في إقليم /شفشاون/ شمالي المغرب، ووفاته لاحقا، الحدث الأدمى، حيث تناولت قضية سقوطه وسائل الإعلام في مختلف أرجاء العالم، فبعد عدة أيام من عمليات الحفر والجهود المضنية التي شاركت فيها مؤسسات مختلفة من الحكومة، تم إخراجه في السادس من فبراير، ميتا، ليخيب أمل الملايين حول العالم، الذين تابعوا الحدث منتظرين لحظة خروج ريان وعودته إلى أسرته حيا.
مساحة إعلانية