يوم حاول بيليه و”العربية” ورونالدو انقاذ مهدد بالذبح في العراق
في تاريخ قناة “العربية” القصير، قصة إنسانية قديمة بطلها بيليه، النجم الذي خسرته كرة القدم مساء أمس، واحتفظت بكل تفاصيلها طوال 17 سنة، بدأت حين قامت مجموعة “سرايا المجاهدين” بالتنسيق في يناير 2005 مع “جيش أنصار السنة” المناصر لتنظيم “القاعدة” بزعامة أسامة بن لادن ذلك الوقت، بخطف مهندس برازيلي كان يعمل لإيصال الكهرباء إلى مدينة “بيجي” البعيدة في محافظة صلاح الدين بشمال العراق أكثر من 200 كيلومتر عن بغداد.
كان للمهندس، صهر لبناني أعرفه عبر الهاتف، هو غسان خوري الذي اتصل بي من البرازيل، حيث أقمت 20 سنة، ليسألني اذا كان بامكاني الاتصال ببيليه ليوجه نداء للخاطفين، لعلهم يتأثرون بكلامه ويطلقون سراحه، فيعود إلى أهله وزوجته وأبنائه الثلاثة.
اعترضوا سيارة كان فيها، وأنزلوه منها مخطوفا برسم الذبح
اتصلت من لندن بمكتب بيليه، وأخبرت سكرتيرته “نيللي كروز” عما كانت تعرفه أيضا من أخبار المهندس الكهربائي João José Vasconcellos البالغ 49 سنة، والمهدد بالموت في أي لحظة، وقلت لها إن كلمة من “الملك” كما يلقبون بيليه في البرازيل، قد تنقذه وتبقيه حيا. فلما حولتني اليه أخبرته عن “العربية” التي لم أكن أعمل فيها، بل بصحيفة في لندن، وقلت له إن نداء منك على شاشتها قد يفعل فعله بالخاطفين وينقذ المخطوف.
وجد الحل برونالدو
وتذكر بيليه خلال الاتصال ما حدث لبرازيلي شهير، هو Sérgio de Mello مبعوث الأمم المتحدة الخاص للعراق، والذي لقي مصرعه في بغداد بعد أشهر قليلة من الغزو، حين فجّر تنظيم “التوحيد والجهاد” بزعامة القتيل فيما بعد أبو مصعب الزرقاوي، سيارة مفخخة، قتلته في 19 أغسطس 2003 وقتلت معه 20 آخرين، لذلك خشي أن يوجه كلمة لا تأتي بنتيجة، الى أن وجد الحل.
قال إنه أصبح بعيدا عن مشجعي كرة القدم، خصوصا الجيل الجديد، وأن من خطفوا المهندس لا بد أن يكونوا بمقتبل العمر ليفعلوا فعلتهم، لذلك قد لا يرن أثر كلامه بهم، واقترح أن يوجه النداء من كان أحد أشهر نجوم كرة القدم ذلك الوقت، وهو رونالدو، المعروف بلقبO Fenômeno أو “الظاهرة” للبرازيليين.
أخبرته أني لا أعرف رقمه، فقال: “سأطلبه، وجماعته سيتصلون بك لترتيب الأمور. لا بد أن نفعل شيئا” وبعد أقل من 3 ساعات كان نداء رونالدو، جاهزا عبر محطة “Globo Tv” الشهيرة، بحسب مأ أخبرني موظف فيها اتصل بي، فحولته الى زميل بدبي، كلفه بالأمر مدير عام “العربية” آنذاك، الكاتب الصحافي عبد الرحمن الراشد، رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” الأسبق في لندن.
وردوا بما لم يكن متوقعا
وسريعا أبرزت القناة في 26 يناير 2005 نداء رونالدو، ثم كررته مرارا على شاشتها، مع ترجمة لما قاله للخاطفين، طالبا بما قل ودل الرأفة بمهندس أوفدته شركة برازيلية للانشاءات مع آخرين لتنفيذ مشروع انمائي في مدينة بيجي، ولا علاقة له بأحداث العراق من قريب أو بعيد.
كما أن المخطوف هو من دولة صديقة للعرب، فتحت ذراعيها لملايين منهم جاؤوها مهاجرين منذ القرن التاسع عشر، ورفضت المشاركة في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 لغزو العراق، لذلك تفاءل البرازيليون بعد كلام رونالدو بقرب الافراج عن المهدد بالذبح في بلاد بعيدة عنهم أكثر من 11 ألف كيلومتر، وتوقعوا عودته حيا.
ولم يتسلم ذووه جثته الا بعد عامين، فشيّعوه في جنازة وطنية الى مثواه الأخير
الا أن سكاكين الخاطفين، ردت على نداء نجم كروي شهير، استصرخ ضمائرهم من حيث كان مقيما في إسبانيا، لاعبا مع نادي “ريال مدريد” بكرة القدم، بما لم يكن يتوقع، فقد سددوا في جسم المخطوف طعنات حاسمات كمعظم ضربات الجزاء، أنهوا بها حياته تشفيا وانتقاما ممن لم يكن معاديا، وفوقها طلبوا 400 ألف دولار للافراج عن جثته، ربما تعادل أكثر من مليون حاليا.. تلك الطعنات كانت أسوأ ما صدم “الجوهرة السوداء” بيليه ورونالدو والبرازيل بأسرها.