أطباء وعلماء: الصوم في بعض الحالات قد يؤدي للوفاة
محليات
72
جانب من المناقشات
❖ الدوحة – الشرق
ناقشت الندوة الثانية ببرنامج «الخيمة الخضراء»، قول الشرع والطب في صيام الأشخاص ذوي الأمراض المزمنة، والتعليمات الطبية الواجب اتباعها لأصحاب الأمراض خلال الصوم بشهر رمضان المعظم، كذلك رأي الشرع والدين الإسلامي الحنيف في صوم هذه الفئة من المسلمين، حيث حدد المشاركون بالندوة من علماء الدين، الحالات التي يجب عليها الصوم، والحالات الأخرى التي يجب عليها الإفطار.
وتناولت الندوة من خلال النقاشات التي دارت بين مجموعة من علماء الدين الإسلامي وعلماء الطب الحديث العديد من المحاور والتي تمثلت في: الرخص الشرعية وأدلتها من القرآن والسنة، عواقب تجاهل المحاذير الطبية للصائمين، الأمراض التي جلبتها المدنية المعاصرة، وأثرها على الصائم، بالإضافة للآثار النفسية المترتبة على عدم صوم المريض.
أدار الندوة الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج الخيمة الخضراء، وشارك في النقاشات الدكتور أحمد يحيى الكندي، الدكتور صلاح علي عبد الرحمن، الدكتور فضل مراد، الدكتور محمد أسامة الحمصي، الدكتور خالد مفتاح، الدكتور أحمد الأسيوطي، الدكتور صادق خلف أيوب القيسي، والدكتورة نسمة نوار.
تعليمات طبية
وقد أكد الأطباء خلال النقاشات على أهمية اتباع الصائمين من أصحاب للأمراض المزمنة لتعليمات الطب الحديث في شأن الصوم أو الإفطار، وذلك للمحافظة على صحتهم وحياتهم، مؤكدين أن الصوم في حالة بعض الأمراض الحديثة قد يمثل خطورة بالغة على صحة المريض، والتي قد تؤدي لفقدان المريض لحياته أو حدوث مضاعفات بالغة قدر تؤثر على وظائفه الحيوية.
كما شدد الأطباء على أهمية أن يقوم المريض باستشارة طبيبه والمشرف على حالته الصحية قبل الشروع في الصوم، حيث إن الطبيب ومن خلال متابعته لحالة المريض الصحية هو الذي يقرر إمكانية صيامه من عدمها، وذلك للمحافظة على حياة الشخص وهي من ضمن مقاصد الشريعة بالدين الإسلامي، محذرين من المخاطر الكبيرة والتي تترتب على إهمال توصيات الأطباء.
أمراض تتطلب عناية خاصة
وعن الأمراض التي تحتاج رعاية خاصة خلال الصوم، بين المشاركين من الأطباء إلى أن الأمراض المزمنة تحتاج إلى عناية خاصة لا سيما أصحاب الحالات غير المستقرة كمرضى السكري وضغط الدم والشيخوخة ومرضى الكبد وقرحة المعدة والقلب والكلى والتهاب الغشاء البريتوني في البطن والأمراض السرطانية، مشيرين إلى أنه في حالة صوم أحد من أصحاب تلك الحالات فيجب عليه الإكثار من السوائل في فترة الإفطار، وبالنسبة لأصحاب الحالات المتأخرة فيجب عليهم عدم الصوم مع أهمية الاعتماد على رأي طبيبه المعالج حتى لا تتفاقم حالتهم الصحية نتيجة الصيام.
وعن أهمية الصوم كعلاج لبعض الأمراض، أشار الأطباء إلى أن الصوم له فوائد كثيرة حتى في وجود الفيروسات، خاصة حينما تكون هذه الفيروسات خفيفة وليس لها تأثير حاد على المريض الصائم، بينما في حالة الأمراض الحادة التي تستدعي دخول المستشفى فلا بد من عدم الصيام، والأخذ بالنصيحة الطبية، كما أكد على ذلك علماء الدين الذين حذروا من الأثر النفسي السيئ على المسلم في حالة إفطاره بسبب المرض.
رأي الشرع
من جانبهم أكد علماء الدين الإسلامي على أنه بالنسبة لرأي الشرع في صوم المرضى، يرجع إلى الاعتماد على رأي الأطباء، وذلك لأن المحافظة على حياة الإنسان من مقاصد الشريعة، لذلك فإن رأي الأطباء المشرفين على حالة المريض هي الفيصل في الصوم أو الإفطار، لافتين إلى أنه لا إثم على المريض الذي يفطر في رمضان، ويجب عليه أداء الكفارة؛ وإطعام الفقراء وتقديم المال كذلك الذبيحة، بينما المريض الذي يرجى شفاؤه فيفطر فعليه القضاء، مؤكدين أن الإسلام جاء ليحافظ على النفس البشرية من أي أضرار جسدية أو نفسية، كما أجمع العلماء على أن للمريض عذرًا يبيح له الفطر.
وفي نهاية الندوة قال الدكتور سيف بن علي الحجري من خلال النقاشات التي تناولتها الجلسة فإنه يجب التذكير بالرخص وأدلتها من الكتاب والسنة، فإذا كنا نصوم طاعة لله الذي شَرع الصيام، فمن الكراهة عدم الأخذ بالرخص، وهذا ما يؤكده الحديث «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه»، لا سيما أن هذه الرخص تُجنِب المسلمَ العديد من المخاطر التي تهدد حياته.
وأضاف الدكتور الحجري أن تعاضد الشرع مع العلوم الطبية قد واجه المخاطر التي تمثل تهديدا للإنسان سواء على المستوى الروحي أو على المستوى النفسي والجسدي، لافتاً إلى أن الأطباء كشفوا عن مستجدات الأمراض المستعصية والتي جلبها التقدم العلمي، والحداثة التي تعيشها الإنسانية خلال وقتنا الحالي، كما أنهم قدموا العديد من الابتكارات الحديثة التي تساهم في تقديم العلاج لهذه الأمراض.
رخصة إلهية
وأشار الى أن علماء الدين الإسلامي قد أهابوا بالمرضى من المسلمين ضرورة الإفطار في حال تعرض حياتهم للخطر، وأن يأخذوا الرخصة التي أعطاها الله لهؤلاء المرضى، دون أن يعني ذلك تقصيرًا في أداء فريضة الصوم، خاصة إذا ما كان الأمر بنصيحة طبيب مشهود له، لافتاً إلى أنه قد يكون لإفطار صاحب المرض المزمن الفضل في توفير طعام لمعوز أو فقير، مشيراً إلى أن الدين الإسلامي يُعنى بالفرد في صحته وسقمه، في حياته ومماته، في طفولته وهرمه، كما يُعنى بإنماء قدرة الفرد على الصمود، وسلامة الصحة النفسية للصائم.
وختم رئيس الخيمة الخضراء بدعوته لكافة المسلمين بأهمية الأخذ برأي الأطباء في مثل حالات أصحاب الأمرض المزمنة، معتبرًا أن هذه القضية جزء من التحديات لمن ابتلاهم الله – سبحانه وتعالى – ببعض الأمراض المستعصية التي تتعارض مع الصيام، مشيرًا إلى أن الدين الإسلامي الحنيف أباح إتيان الرخصة الشرعية المتاحة بالنسبة للمرضى كنوع من التخفيف عنهم، فضلًا عن وجود نصائح طبية تخفف عن هؤلاء المرضى للمحافظة على صحتهم.
مساحة إعلانية