‫ الفلسطينيون يرسّخون إخلاصهم لـ بيروت حاضنة الثورة


عربي ودولي

78

11 أغسطس 2023 , 07:07ص

رام الله – محمـد الرنتيسي

عبر التاريخ، رسّخ الفلسطينيون أروع مشاهد الحب والإخلاص، للعاصمة العربية وعروس الشرق، بيروت، فثمة علاقة أزلية تربط أبناء الشعب الفلسطيني مع بيروت، وإذا ما ذهبنا أكثر إلى واجهة الأيام والسنين، فهناك محطات عديدة قفزت إلى سطح التاريخ، ومنها ما كان بالغ التأثير، وله وقع لا يمكن أن تقترب منه معاول النسيان.

وفي الذكرى السنوية الثالثة، لمأساة مرفأ بيروت، يحرص الفلسطينيون على وضع كل إمكانياتهم لإعمار بيروت وتخليصها من آثار الانفجار العنيف الذي هز ميناءها، وخلّف أعداداً هائلة من الضحايا، في خطوة أفصحت عن الحب الفلسطيني النقي، والتضامن العريض مع شعب لبنان الشقيق.

في ذاكرة التاريخ، ثمة علاقة ووشائج إستراتيجية تربط الفلسطينيين مع بيروت، فقد حوصروا بها، وسطّروا على أرضها صموداً أسطورياً أمام آلة الحرب الإسرائيلية، لأكثر من 80 يوماً، خلال حرب العام 1982، ناهيك عن صمود أبناء المخيمات الفلسطينية الرابضة في لبنان حتى العودة الحتمية، أو احتضان لبنان للثورة الفلسطينية سنوات عدة، علاوة على الحروب المختلفة التي خاضها لبنان جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين، ضد العدو الأوحد، الاحتلال الإسرائيلي.

علاقة الفلسطينيين مع لبنان، لم تكن عابرة بطيف لحظي، بل إنها رسخت القيم النبيلة والأصيلة بين البلدين، وكل ما يكشف عن الوجه الحسن، وكما تمسك الشعب اللبناني وقيادته بالدعم المطلق للقضية الفلسطينية، فقد تشبث الفلسطينيون بخصال الوفاء لبيروت، وإن قست عليهم الظروف، واشتدت المحن.

في مشهد يجسد التضامن الفلسطيني الأصيل، والمسكون بحب بيروت، ينشط أربعة مهندسين فلسطينيين، في إعداد مشروع إعمار بيروت، بعد حصولهم على المركز الأول في مسابقة دولية لهذا الغرض، تقدم لها 24 مشروعاً من بلدان عدة، فنال الخريجون الأربعة: ديالا أندونيا، آلاء أبوعوض، ميس بني عودة، ومجد المالكي، شرف ابتداع أفكار معمارية جديدة، لإعادة إعمار المناطق التي انتكبت في مأساة انفجار مرفأ بيروت.

ويرى نشطاء وسياسيون فلسطينيون، أن أشكال التضامن مع العاصمة اللبنانية، ليست سوى رجع صدى، للعلاقة التاريخية والراسخة التي تربطهم ببيروت، والعشق السرمدي للبنان، هذا البلد العربي الذي يسكن قلوب وعقول الفلسطينيين، على مختلف توجهاتهم وتموجاتهم السياسية.

توضح المهندسة ديالا أندوني: حرصنا على تقديم مبادرة إنسانية للبنان، وما يميز مشروعنا، خروجه عن المألوف، فهو يتجاوز حدود الإعمار، ليطال أبعاداً إنتاجية، من خلال تغيير حقيقي في شكل ومحتوى مرفأ بيروت، بما يفضي إلى تحويل الآثار الناجمة عن الانفجار، إلى مصادر تطوير إنتاجية، تواكب الاحتياجات الآنية والمستقبلية للعاصمة اللبنانية.

ومضت تقول لـ “الشرق”: “مشروعنا خير هدية من الشعب الفلسطيني، إلى الأهل والعزوة في بيروت، ومن خلاله سنعيد لبيروت ميناءها العريق وساحلها السياحي الجميل”.

ولا زال الفلسطينيون يرون في بيروت، مطبعة جريدتهم، وخندق مقاومتهم، وموال أغنيتهم، يعيشون أيام فرحها وحزنها، وفي ملماتها يشعرون بأنهم فلسطينيون أفقياً، ولبنانيون عمودياً.

وتحل ذكرى انفجار مرفأ بيروت، في ظل أحداث مؤسفة شهدها مخيم عين الحلوة الفلسطيني في لبنان، الأمر الذي يرى فيه مسؤولون فلسطينيون مناسبة لطي صفحة الخلافات، وتعزيز وحدة الصف والكلمة.

مساحة إعلانية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *