باري تاوسوند: أبعاد حيوية للتعاون القطري – المصري حول السودان

عربي ودولي
96
واشنطن- زينب إبراهيم
أكد باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد أن ملفات عديدة وحيوية للغاية تجمع الدوحة والقاهرة بالمشهد السوداني، استوجبت تحركاً دبلوماسياً نشطاً ومكثفاً بين قطر ومصر للتباحث حول مستجدات الموقف، خصوصا في الأبعاد الإنسانية والإغاثية، وقضايا اللاجئين، والتحديات الإستراتيجية. ويحتاج أكثر من 25 مليون سوداني لمساعدات وتدخلات إنسانية، وكانت بورتسودان موطناً لمساعدات قطرية ومصرية عديدة شهدت مرحلة أولية من التنسيق من حيث توحيد جهود الدعم للغايات الإنسانية ومهام الإجلاء الرئيسية، ذلك مع عدم اتخاذ موقف من قبل قطر في متداخلات النزاع الجاري الآن، أو تحميل المسؤولية لأطراف أخرى في وقائع مؤسفة شهدتها قطر ومصر معاً من تبعات العنف، منها التعدي على السفارة القطرية كما حدث ذلك مع سفارات أخرى، وأيضاً احتجاز بعض العناصر العسكرية المصرية لفترة قبل التدخل المصري الناجح من أجل إعادتهم سالمين إلى البلاد ذلك في بداية اندلاع القتال، ما استوجب أيضاً تكثيفاً للجهد الإستراتجي في فترة يضعف فيها التنبؤ الاستخباراتي وتعجز التوقعات عن مواكبة مسارات العنف المتسارعة والمشهد الذي يزداد تعقيداً يوماً بعد الآخر.
سياقات المشهد الإقليمي
يقول باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، إن الموقف الحالي مغاير عموماً فيما يتعلق بقطر ومصر والدول العربية في السياق الأبعد في التعاطي مع الملف السوداني، فهناك اتجاه إيجابي في تطوير العلاقات المتميزة شهدته الدوحة والقاهرة بصورة مكثفة، شهدت تمثيلاً دبلوماسياً شاملاً بدأ مع مندوبي الدولتين بالأمم المتحدة وانتهاء بزيارات رسمية رفيعة من قادة البلدين، في مصر وقطر معاً، مروراً بمجالس وزارية وصفقات تفاوضية بين الصناديق السيادية، والإعلان عن حزمة كبرى من الاستثمارات تقدر بـ 5 مليارات دولار من المشاريع المصرية في القاهرة، والإعلان عن صناديق ومجالس وزارية متخصصة في دعم وتشجيع الاستثمارات القطرية لما يرقى لتطلعات الشعبين وعلاقات البلدين التاريخية، وكل هذا شهد تقديراً كبيراً من القاهرة التي كانت تواجه تحديات اقتصادية فرضتها تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، وأيضاً الدراسة الذكية من قطر لخصائص الاستثمار وتوجيه توسعاتها الاستثمارية صوب تدعيم العلاقات الإستراتيجة والإقليمية وتنمية العلاقات الدولية من جهة أخرى، كما تجمع الكثير من الملفات الحيوية التي جمعت الدوحة والقاهرة معاً، لاسيما في المشهد الفلسطيني وقطاع غزة، وهنا كان لقطر ومصر أدوار حيوية في عقد أكثر من هدنة ناجحة لاحتواء العنف ووقف إطلاق النار والتي لم تكن لتتحقق سوى بالعلاقات المؤثرة لاسيما بقطاع غزة وتقديم الدعم المادي واللوجستي والدبلوماسي لقطاع غزة المحاصر.
ويتابع الخبير الأمريكي باري تاوسوند، في تصريحاته لـ الشرق قائلاً: إن المنطقة تشهد بالفعل نهجاً مغايراً في احتواء النزاعات التقليدية والأمر يمكن قراءته من واقع الخطوات العربية الخليجية لتعزيز العلاقات والحوار مع إيران، فهذه الموجة عموماً نسجت واقعاً مغايراً لما شهدته السودان من صراعات نفوذ سابقة.
وكل تلك الأبعاد المهمة، وما يفوقها من أبعاد أكثر أهمية، ستكون حاضرة بكل تأكيد فيما يتعلق بالمباحثات القطرية- المصرية المهمة، والاتصالات الهاتفية التي جمعت بين سمو الأمير المفدى والرئيس المصري، والتي بكل تأكيد ستبحث تشجيعاً وتعزيزاً لعلاقات البلدين وما يتعلق بالمسار الحالي من العلاقات الإيجابية والصفقات الاستثمارية الحيوية، والتباحث بشأن سبل وغايات الدعم الإنساني بشأن المشهد الإنساني وقضايا اللاجئين والتطورات الإستراتيجية للحوار وسبل استعراض وجهات النظر وعقد مبادرات غايتها تجنب الخسائر المدنية المتزايدة جراء استمرار العنف، وخطورة الأبعاد الكثيرة لعدم الاستقرار في السودان وتأثيرها على المصالح الإستراتيجة والاقتصادية وارتباطها بملفات عديدة للغاية، وارتباط ذلك أيضاً بالنسبة لقطر بأكثر من مشهد إفريقي متصل مع المشهد في جنوب السودان وفي تشاد، والمخاوف المصرية من تطورات المشهد السوداني وانعكاسات ذلك على قضية سد النهضة مع أثيوبيا، والكثير من الملفات المهمة التي ستكون حاضرة بكل تأكيد وتشهد تواصلاً مهما بين الدوحة والقاهرة في الفترة المقبلة.
مبادرة مشتركة
ويختتم باري تاوسوند خبير الشرق الأوسط بمجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية والسياسة الدولية والزميل غير المقيم بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد تصريحاته قائلاً: إن بيانات عديدة لمجلس الأمن ومبادرات سعودية رحبت بها قطر وجهود إقليمية وعربية ودعوات دولية عديدة من أجل محاولة الوصول إلى حل سلمي للمشهد السوداني، ويمكن القول إن المشهد السوداني فتح مساراً إضافياً يستفيد من زخم العلاقات القطرية- المصرية الإيجابية وتوافق الرؤى صوب الحل السياسي والأهداف الإنسانية، وبكل تأكيد سيكون هناك تنسيق متواصل ومكثف يراقب بدقة تطورات المشهد ومحاولة حشد الجهود وتدعيمها من أجل العمل المشترك على إيجاد حلول تساهم في تخفيف الأزمة الإنسانية، وتعرض مسارات للتفاوض من شأنها الوصول بالنهاية إلى جولات دبلوماسية يكون هدفها الحل السلمي للنزاع، والعديد من الملفات الحيوية التي ستكون حاضرة بين الجانبين تكشف الاهتمام الكبير الذي توليه الدوحة والقاهرة نحو السودان من واقع العلاقات الإيجابية المشتركة التي ميزت نهج علاقات البلدين في الفترة الأخيرة.
مساحة إعلانية