بفأس جليد.. تخلصت موسكو من مؤسس الجيش السوفيتي
عقب تنازل القيصر نيقولا الثاني عن العرش إثر ثورة فبراير، عاشت روسيا خلال العام 1917 على وقع ثورة ثانية عرفت بثورة أكتوبر، أو الثورة البلشفية، أسفرت عن رحيل الحكومة المؤقتة واستيلاء البلشفيين على السلطة. وإضافة لفلاديمير لينين، لعب ليون تروتسكي، الذي مثّل الرجل الثاني بالحزب البلشفي بالنسبة لكثيرين، دورا هاما في إنجاح هذه الثورة وإنشاء الاتحاد السوفيتي. فخلال فترة الحرب الأهلية الروسية التي استمرت لنحو خمس سنوات، أسس تروتسكي الجيش الأحمر وقاد القوات على الجبهة مساهما بذلك في انتصار البلشفيين على الجيش الأبيض وحلفائه.
منفى ومحاولات اغتيال فاشلة
وعلى إثر وفاة فلاديمير لينين يوم 21 يناير 1924، تمكن جوزيف ستالين من عزل غريمه ليون تروتسكي قبل أن يستحوذ على الحكم. ومع رفضه إنهاء جميع أنشطته السياسية وقبوله بسلطة ستالين، نفي تروتسكي نحو كازاخستان عام 1928. وبالعام التالي، طرد تروتسكي من الأراضي السوفيتية وسحبت منه الجنسية بحلول العام 1932. ومع طرده من البلاد، بدأت رحلة حياة المنفى بالنسبة لتروتسكي الذي تنقل بين كل من تركيا وفرنسا والنرويج قبل أن يحط الرحال خلال شهر يناير 1937 بالمكسيك.
وعلى الرغم من طرد غريمه من البلاد وسحب الجنسية منه، لاحق جوزيف ستالين ليون تروتسكي واتجه للتخلص منه بشكل نهائي أملا في وضع حد لمؤيديه، الذين طالبوا باستلامه للسلطة بدلا من ستالين، داخل الأراضي السوفيتية.
وعقب محاولة اغتيال فاشلة خلال شهر مارس 1939، أوكل ستالين مهمة القضاء على تروتسكي لجهاز مفوضية الشعب للشؤون الداخلية. وانطلاقا من ذلك، نظّمت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية ثلاث قنوات تجسس كلفت بمهمة مراقبة وقتل تروتسكي. وحسب وثائق مفوضية العشب للشؤون الداخلية، عملت قنوات التجسس المكلفة باغتيال تروتسكي بشكل منفصل عن بقية شبكات التجسس السوفيتية الموجودة بالأراضي الأميركية والمكسيكية.
يوم 24 مايو 1940، نجا تروتسكي بأعجوبة من محاولة اغتيال نظمها عملاء مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بالمكسيك. فخلال ذلك اليوم، هاجمت مجموعة مسلحة إقامة تروتسكي، بالمكسيك، وأمطرتها بوابل من الرصاص قبل أن تلوذ بالفرار. وعلى إثر هذه الحادثة، وجه تروتسكي أصابع الاتهام بشكل مباشر لجوزيف ستالين مؤكدا إصدار القائد السوفيتي لأوامر بتصفيته جسديا.
اغتيال بالمكسيك
بالمكسيك يوم 20 آب/أغسطس 1940، هاجم الإسباني الشيوعي رامون ميركادير (Ramón Mercader) ليون تروتسكي، الذي كان بصدد إطعام أرانبه، باستخدام فأس جليد. وقد تميزت هذه الأداة الحديدية المخصصة لتحطيم وتكسير الجليد بامتلاكها لجهة حادة قادرة على اختراق اللحم البشري وإحداث أضرار جسيمة به.
أثناء عملية الاعتداء، حطمت ضربة فأس الجليد العظم الجداري لرأس تروتسكي قبل أن تخترق دماغه بمعدل 7 سنتيمترات.
حسب عدد من الشهود، فشلت ضربة فأس الجليد في قتل تروتسكي على عين المكان حيث ظل الأخير واعيا وبصق على قاتله رامون ميركادير قبل أن يقوم بدفعه بشدة. وفي الأثناء، حل الأمن الخاص بتروتسكي على عين المكان وأبرحوا ميركادير ضربا قبل أن يقدموا على اعتقاله بهدف تسليمه للعدالة.
إلى ذلك، نقل تروتسكي على جناح السرعة نحو المستشفى أين خضع لتدخل جراحي عاجل. وباليوم التالي، فارق تروتسكي الحياة، يوم 21 آب/أغسطس 1940، عن عمر ناهز 60 عاما بسبب تبعات الإصابة التي تعرض لها.
بالأيام التالية، حظي ليون تروتسكي بجنازة مهيبة. فبمكسيكو سيتي، عرضت جثته لمدة أيام على الزوار. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، أقبل حوالي 300 ألف شخص لإلقاء النظرة الأخيرة على تروتسكي مؤسس الجيش الأحمر.