اقتصاد
2
خبيران اقتصاديان: مخاطر إفلاس بعض البنوك الأمريكية محدودة على الاقتصاد العالمي والمنطقة العربية
الدوحة – قنا
قلل خبيران اقتصاديان من تداعيات إفلاس بعض البنوك على الاقتصاد الأمريكي في حد ذاته والاقتصاد العالمي عموما، مشيرين إلى أن التدخل القوي من قبل الجهات المعنية الأمريكية لاستيعاب الارتدادات التي قد تعيد للأذهان أزمة الرهن العقاري الذي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ورائها العالم في العام 2008، مطمئن نسبيا للأسواق.
وأرجع الخبيران هبوط الأسهم الأوروبية بأكثر من 3 بالمئة منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية إلى عدة عوامل أخرى على غرار أزمة المسيرة الأمريكية، وتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى أزمة بنك /كريدي سويس/ السويسري المتعثر، الذي يعاني من مشاكل متعددة منذ مدة أبرزها انعدام الثقة والنتائج السيئة.
وفي هذا السياق، وصف الدكتور رجب الإسماعيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، حالة الإفلاس التي تتعرض لها بعض البنوك الأمريكية في الفترة الأخيرة بالفردية والمتوقعة، على اعتبار أن بنك /سيلكون فالي/ يتعامل مع الشركات الناشئة والعاملة في قطاع التكنولوجيا، قائلا: “من الطبيعي أن تكون سندات هذه البنوك عالية المخاطر باعتبار ارتباطها بشركات مخاطرة في حد ذاتها، فالجميع يعلم أن هذه الشركات ناشئة تعمل في قطاع التكنولوجيا، وبالتالي نسب المخاطرة ستكون عالية”.
وأشار د. رجب الإسماعيل إلى أن حالة الإفلاس المشار إليها لن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي أو العالمي، وأنه سيكون محدودا، خاصة أن ترتيب البنك المفلس في الولايات المتحدة هو السادس عشر، وإذا قورن بحجم الناتج المحلي الأمريكي فإنه لا يكاد يذكر.
وقال: إن إجراءات التطمين التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تعبئة ضمان فيدرالي بقيمة 175 مليار دولار محفوظة في خزائن “سيلكون فالي” لحسابات المؤسسات الناشئة والمستثمرين ساهمت في تهدئة الأسواق، معتبرا في الوقت ذاته أن الإجراء الذي اتخذ من قبل الحكومة البريطانية باستحواذ بنك بريطاني على فرع البنك في بريطانيا كان له دور في استقرار الأسواق.
واتخذت الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة الأميركية إجراءات طارئة في مطلع الأزمة، في أعقاب انهيار بنك /سيليكون فالي/، شملت ضمان الودائع غير المؤمن عليها بالبنك.
وغالبا ما يتردد المشترون المحتملون عندما تحاول الشركات المتعثرة بيع الأصول، ومن أسباب ذلك هو إمكانية إلغاء أي صفقة أبرمت قبل إشهار الإفلاس إذا سعت هذه الشركات لاحقا إلى الحماية بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس الأميركي خلال إطار زمني معين.
جدير بالذكر أن البنك الاستثماري وشركة الاستثمار المغامر التابعين لمجموعة (إس. في. بي) المالية منفصلان عن بنك سيليكون فالي.
وكانت مجموعة (إس. في. بي) المالية قد أعلنت تدرس بدائل استراتيجية لأصولها، لكنها لم تكشف عن الإفلاس كأحد الخيارات المحتملة.
ولم تتخذ الجهات المعنية بعد قرارا نهائيا بشأن المسار الذي ستسلكه، ولا تزال تحاول العثور على مستثمرين لشراء أصول المجموعة، دون تقديم طلب لإعلان الإفلاس الذي يعد أحد الخيارات أيضا.
واستبعد أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر أن تكون بنوك المنطقة منكشفة على حسابات البنوك الأمريكية التي أعلنت إفلاسها.
ولفت د. الإسماعيل إلى أن أزمة المسيرة الأمريكية سيكون لها تأثير ووقع أكبر على الاقتصاد العالمي من حالات الإفلاس الفردية لمشار إليها.
وأشار إلى أن حالات الإفلاس كانت جرس إنذار للبنوك المركزية لتشديد الرقابة على سياسات الإقراض للمؤسسات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا، على اعتبار ارتفاع درجة المخاطرة والإفلاس في دورة حياتها الاقتصادية.
وأثارت قضية إفلاس /بنك سيليكون فالي/ أزمة بشأن إمكانية حدوث انهيارات في الاقتصاد العالمي، وتعرض عدد من البنوك للمصير نفسه، خاصة أن هناك تأثيرات اقتصادية حادثة في العالم نتيجة للأزمة الروسية – الأوكرانية، وتداعيات فيروس كورونا المستجد.
وجرى إعلان إفلاس بنك سيليكون فالي الأمريكي المختص بتمويل الشركات التكنولوجية الناشئة، الجمعة الماضي، في حدث مفاجئ دون أي توقعات، وسط إعلان البنك أن رفع سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو السبب في هذا الإفلاس، ويبدو أن /بنك كريدي سويس/ السويسري سيلحق بالبنك الأمريكي، في ظل تخوفات من تأثير ارتفاع التضخم حول العالم في تحقيق انهيارات اقتصادية عدة ستؤثر بشدة على الدول النامية.
وكانت الأسهم الأوروبية تراجعت بنحو 3% في ختام تعاملات جلسة الأربعاء الخامس عشر من مارس الجاري، وسط تراجع جميع القطاعات بفعل أزمة كريدي سويس.
بدوره، قال تامر حسن المحلل المالي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إنه بالرغم من أن الأزمة تظهر ككرة الثلج تكبر مع كل يوم، فإنها ليست بالشكل الذي حدث عام 2008، وذلك رغم إقراره بوجود مخاوف أكبر على قطاع البنوك الأوروبية والآسيوية، قائلا: “أعتقد أن أزمة سيلكون فالي وخسائر البنوك الأمريكية هي خسائر دفترية أو ورقية ستنتهي بعد استقرار متوقع للأمور مع احتواء الأزمة”.
وأضاف أن التأثير سوف يكون أكبر على القطاع البنكي الأوروبي لانكشاف أغلب بنوكه على السوق الأمريكي، وأيضا لأن أغلب البنوك الأوروبية ليس لديها بنية تشريعية مثل أمريكا.
ولفت إلى أن تأثير الأزمة على المنطقة العربية سيكون محدودا وضئيلا لأنه لا يوجد مصرف فيها له علاقة مباشرة بمصرف سيليكون، معربا عن اعتقاده أنه إذا اتسعت الأزمة وكبرت وأثرت على الدولار وأسعار الفائدة، سيمتد ذلك إلى المنطقة، لارتباط العملات والبنوك في الخليج بالدولار، ورفع أسعار الفائدة الأميركية.
مساحة إعلانية