عربي ودولي
104
خبير أمريكي لـ الشرق: قطر تمتلك رصيداً قوياً لاستضافة البطولات الدولية
واشنطن – زينب إبراهيم
يقول آندرو هارفام الخبير في سياسات التغير المناخي وقضايا الطاقة، ومدير شركة فورنتير للاقتصاد والأعمال، إن المرحلة التي تعقب كأس العالم الناجح في قطر تترك مسارات للأسئلة المهمة المتعلقة بعناصر راعتها الدوحة في خططها طويلة المدى من أجل استضافة البطولة، وصحيح أن قطر أنفقت الكثير على الملاعب لتستوعب العدد الكبير من المشجعين، ولكن للتوضيح فإن عقد بطولة كأس العالم كان ينبغي له ذلك بكل تأكيد فهي الأضخم والأكبر في الحضور الجماهيري على مستويات عديدة، بل على العكس كان العبء والتحدي الأكبر لقطر هو قدرتها على استضافة كل هذه الأعداد الهائلة من ملايين المشجعين، وهو ما نجحت فيه بوضوح، ما جعل التحديات الأخرى الباقية المتعلقة بطريقة استغلال الملاعب والتحديات المستقبلية الخاصة بالاستدامة، والإجابة على تساؤلات مهمة مرتبطة بأهمية كأس العالم وماذا سيضيف إلى قطر في المستقبل ومواجهة قطر لتحدي الملاعب بتخطيط طويل المدى لتحقيق الاستفادة الأفضل مما تحقق في الصرح المونديالي الذي ميز النجاح القطري في تجربة كأس العالم.
تجارب المشجعين
يقول آندرو هارفام الخبير في سياسات التغير المناخي وقضايا الطاقة ومدير شركة فورنتير للاقتصاد والأعمال: إن ما كان ملاحظاً في التجارب الخاصة بالمشجعين أنه لم يكن هناك شكوى من زحام أو تكدس أو صفوف طويلة في مدد زمنية عديدة يتم استغراقها، رغم وجود مراكز تأمينية ومسافات للمشي حتى الوصول للملاعب، ذلك ببساطة لأنه بمقارنتها بالانتقال آلاف الأميال وقطع رحلات سفر طويلة كما كان يحدث في النسخ السابقة لاسيما في روسيا، يبدو الانتظار والمشي قليلاً في مسافات تم بها مراعاة عوامل التنسيق أفضل كثيراً من السفر لساعات على متن قطار أو طائرة، وهذا ما قدمته قطر عموماً كواحدة من أبرز التجارب لدى المشجعين في إمكانية مشاهدة أكثر من مباراة واحدة في يوم واحد، ولكن هذا التحدي الكبير ارتبط بتركيز الملاعب في مدينة الدوحة وضواحيها ووجودها على مسافات رئيسية قريبة حسب مساحة الدولة القطرية بمراعاة البنية التحتية والمرافق والطرق وخطوط المترو وتنظيمها وما إلى ذلك، وأتذكر عموماً أن أعمال الإصلاحات في الطرق كانت ضاغطة قبل المونديال بكل تأكيد على الدوحة العاصمة وقبل ذلك كانت هناك بعض المشاكل المرورية في الزحام الخاص بالمدينة في أوقات الذروة ولكن ساهمت شبكة خطوط المترو الجديدة وتطوير مسارات الطرق في حل تلك التعقيدات، ولعلنا ندرك أن كأس العالم كان ضاغطاً بوضوح على كثير مما مرت به الدولة وشعبها من أجل أن يخرج بهذه الصورة المبهرة والناجحة التي بكل تأكيد أسعدت كل مواطني المنطقة والمشجعين الذين تمكنوا من مشاهدة كأس العالم يعقد لأول مرة في الشرق الأوسط، وكانت الأسئلة الواضحة والتي أثارت تساؤلات تصميمية وبيئية عديدة مرتبطة بالاستدامة وماذا بعد؟ ما الذي سيحدث في كل هذه الملاعب الكبيرة؟ وهو سؤال شاغل بالفعل فهذه الملاعب تكلفت مليارات الدولارات تماماً مثل الملاعب التي تكلفتها روسيا ومن قبلها دول عديدة ضخت مليارات الدولارات لاستضافة ملاعب كبيرة من أجل استضافة هذه الأعداد الهائلة من المشجعين، في الأساس كأس العالم كما أوضحنا لا يوجد حدث أكثر منه ضخامة في الحضور الجماهيري على صعيد منافسات كرة القدم، وكل أربع سنوات يزداد عدد مشجعيه أكثر من مليون شخص في كل دورة جديدة وهو ما حدث في قطر، فالتكلفة الكبيرة كانت تشكل أزمة لدول مثلاً لم تكن تستطيع القيام بذلك مثل جنوب إفريقيا واحتاجت دعماً ولجاناً مخصصة لبعض الملاعب، ولكن قطر قدمت نسخاً تصميمية رائعة وكانت مبهرة للغاية في ملاعبها، ولكن التخوف الأكبر هو في ماذا بعد؟ فوجود مثل هذه الملاعب الضخمة يحتاج أيضاً لصيانة ومتابعة تشغيلية دائمة للمرافق ومساحات التخضير، أو بجدوى وجود ملاعب ضخمة في حجم المقاعد المخصصة للجماهير.
رؤية ممتدة
ويتابع آندرو هارفام الخبير في سياسات التغير المناخي وقضايا الطاقة ومدير شركة فورنتير للاقتصاد والأعمال، في تصريحاته لـ الشرق موضحاً: وللإجابة على ذلك عموماً فإن كأس العالم كان بالفعل ذروة الغايات الكروية التي تطلعت لها قطر في استضافة منافسات كرة القدم ولكنه لم يكن وحده بكل تأكيد، فهذه الملاعب عموماً خصصت لجعل قطر واجهة رياضية بارزة في مختلف الأحداث الرياضية والمنافسات العديدة على تنوعها بخلاف حتى كرة القدم، فبالنظر إلى ما تطمح قطر إلى تقديمه هو أنها اعتمدت رصيداً قوياً من خلال كأس العالم يمنحها ملفاً قوياً للغاية حال تقديمه لاستضافة الألعاب الرياضية الإقليمية والدولية، فكانت جاهزية الدوحة أيضاً من عوامل حسم استضافتها لكأس آسيا واستعداد الدوحة الإيجابي لذلك، رغم أنه جاء عبر تغير الظروف المرتبطة بالصين وسياساتها الخاصة بمكافحة كورونا، وهنا لعبت الجاهزية القطرية دورها عموماً في فوزها بحق استضافة كأس آسيا، وهناك العديد من البطولات أيضاً التي سعت قطر للفوز بحقوق استضافتها وبطولات جماهيرية أخرى إقليمية ربما شهدت السنوات الماضية عقدها بالدوحة وهي بطولات للأندية وللمنتخبات بين الصفة الرسمية وغير الرسمية وبطولات الكؤوس فهو ما يجعل الخريطة الرياضية لقطر حافلة في السنوات المقبلة، ولكن على صعيد الملاعب نفسها، فهناك ملاعب تم تفكيكها بالفعل قبل نهاية المونديال مثل ملعب رأس أبو عبود أو 974 الذي كان معداً كملعب انتقالي من حاويات الشحن، وبداية عملية التفكيك الخاصة سواء بالملعب بأكمله أو بالنسب المخصصة للمقاعد في أماكن أخرى، وبالنظر للخطط القطرية فهي أول دولة تقوم بهذه الخطوة من تفكيك مقاعد المشجعين وأجزاء من هذه الملاعب وإرسالها إلى دول أخرى لترقية البنية التحتية الرياضية لهم، وكما شاهدنا دولاً عديدة إفريقية وإقليمية سعت للحصول على ذلك لترقية البنية التحتية الرياضية لديهم فهناك الكثير من الدول بحاجة لذلك بكل تأكيد ويتوقف الأمر على ما تحدده قطر أيضاً، كما ان هناك خططاً عموماً لتحويل بعض تلك الملاعب إلى ما يسمى إرث رائج للدولة وهو أمر لافت خاصة ان الملاعب عموماً بنيت في أماكن وواجهات حيوية للغاية ما يمنحها فرصاً رائجة لضم بعض من مساحاتها الشاسعة لمشاريع عقارية جاذبة في منطقة كان مشهوداً فيها الضغط الكبير الذي صاحب السوق العقاري مع بطولة كأس العالم في قطر، وجاذبيتها الحيوية ترتبط بأنها سوف تستقطب شركات رئيسية أو فئات سكانية مهمة ما يجعلها من مشاريع التنمية المعمارية للدولة ليس الرياضية وحسب، فبالرغم من صغر مساحة قطر كدولة إلا أن حجم الأعمال والطموح كبير للغاية في رؤية 2030 وما يتحقق منها إلى الآن وما شاهدناه في مونديال قطر يوضح المسار الذي تتجه له الدوحة ونجاحها في كثير من خططها والوفاء بالتزاماتها ووعودها على أكثر من صعيد أيضاً.
مساحة إعلانية