رمضان في مصر.. لوحة فنية تُرسم بألوان البهجة والخير

محليات
476
❖ الدوحة – الشرق
مع قدوم شهر رمضان المبارك، تعم مصر أجواء الاحتفال والبهجة من خلال عادات وطقوس عامرة بنفحات الخير والجود التي لا تفارق المصريين على مدار أيام الشهر الفضيل، والتي تحمل في جوهرها جانبا مهما من تاريخها وتطورها الحضاري.
هذه الأجواء المميزة تبدأ بتعليق الزينة والفوانيس تزامنا مع استطلاع رؤية هلال شهر رمضان المبارك، والذي لا يخلو من إقامة احتفال خاص به، في تقليد متوارث رسميا وشعبيا منذ عهد العباسيين، حيث كانت تضاء الأنوار على المآذن والمحال، ويخرج قاضي القضاة في موكب بهيج، محملا بالفوانيس للإعلان عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك، في إطار العديد من الطقوس الاحتفالية في هذا البلد العريق.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور عبدالرحيم ريحان خبير الآثار المصرية: “إن المصريين اعتادوا الاحتفال بشهر رمضان المبارك قبل حلوله بنحو أسبوعين، حيث يبدأ الأطفال في إعداد زينة رمضان سويا داخل كل شارع وحي، ولا يزال معظمهم يصنعونها بأنفسهم، فيما يشتريها بعضهم أيضا، قبل أن يشاركهم الجميع في تعليقها بين البنايات والمنازل بطريقة فريدة يتوسطها فانوس كبير تتم صناعته يدويا أو شراؤه كغيره من الفوانيس الصغيرة بألوانها المختلفة التي ما زالت تتم صناعتها في عدة مناطق بأنحاء البلاد، أبرزها منطقة باب الخلق في قلب مدينة القاهرة”.
ويضيف ريحان أن هذه الفوانيس التي يتم تصنيعها من خامات محلية، لا سيما الزجاج الملون الذي اشتهرت به زخارف مصر الإسلامية، لم يقتصر دورها على احتفالات الأطفال بالشهر الفضيل كما كان في السابق، بل تطورت في العصر الحالي من حيث الإضاءة والحجم، وظهرت منها أنواع وأشكال مختلفة ومميزة يضعها أصحاب المحلات والمطاعم والمقاهي للتعبير عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان المبارك، فيما تشهد الأسواق ازدحاما لشراء المأكولات والمشروبات المرتبطة بالشهر الفضيل، ومن أبرزها: التمور، والفول، وقمر الدين، والقراسيا، والمشمشية، والمكسرات، وجوز الهند، والزبيب، إلى جانب التمر الهندي والخروب.
وأشار خبير الآثار المصرية إلى أن أجواء الفرح والسعادة تصاحبها أغان تراثية احتفاء باستقبال شهر رمضان المبارك، والتي تبثها الفضائيات والإذاعات المصرية منذ لحظة الإعلان عن استطلاع هلال الشهر الفضيل، والتي باتت تشدو بها أيضا الفوانيس التي يحملها الأطفال في العصر الحالي، ومن أبرزها: “رمضان جانا”، التي ألفها الشاعر حسين طنطاوي وغناها المطرب محمد عبدالمطلب، وأصبحت أيقونة الفرحة والبهجة بقدوم شهر رمضان المبارك في مصر والعالم العربي.
وفي هذا السياق، تروي الدكتورة نادية عبدالفتاح الباحثة في الآثار الإسلامية، بعض الجوانب المتعلقة بفانوس رمضان عند المصريين منذ نشأته وصولا لهذا التطور الذي شهده كأحد أبرز مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل، حيث سلطت الضوء على “سوق الشماعين” في منطقة النحاسين بالقاهرة، والذي كان يحتفل بقدوم الشهر الكريم، بتعليق أنواع الفوانيس المصنوعة من الشمع على واجهات الدكاكين وعلى جوانبها، ومنها شموع للمواكب الكبيرة، حيث كان وزنها حوالي 10 أرطال، لافتة إلى أن تلك الدكاكين كانت تظل مفتوحة إلى منتصف الليل لأجل صلاة التراويح، ومن ثم بدأ ظهور فوانيس رمضان بشكلها المعتاد وانتشارها.
مساحة إعلانية