رئيس جهاز التخطيط والإحصاء: دول مجلس التعاون تحتل مرتبة متقدمة في تحلية المياه على مستوى العالم

محليات
62
سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت رئيس جهاز التخطيط والإحصاء
الدوحة – قنا
قال سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت رئيس جهاز التخطيط والإحصاء، إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحتل مرتبة متقدمة في مجال تحلية المياه على مستوى العالم، مشيرا إلى أن طاقتها الإنتاجية تجاوزت الـ (97) مليون متر مكعب يوميا؛ أي ما يشكل حوالي (40 بالمئة) من إجمالي المياه المحلاة عالميا.
جاء ذلك خلال كلمته الافتتاحية لأعمال ورشة العمل الخليجية “الأمن الغذائي والمائي لدول مجلس التعاون الخليجي، ودوره في تحقيق التنمية المستدامة” التي نظمها جهاز التخطيط والإحصاء اليوم، التي ألقاها بالنيابة عنه سعادة السيد محمد بن عبد العزيز النعيمي مساعد رئيس جهاز التخطيط والإحصاء.
وأشار سعادته، إلى أن انعقاد هذه الورشة يأتي في وقت بات فيه العالم يعيش تحت وطأة أزمات متتالية تهدد أمنه واستقراره، وتزيد من حدة الاستقطاب والمنافسة على مدخلات الإنتاج والسلع الأساسية التي لا يمكن أن تقوم حياة بدونها، مشيرا إلى أن الظروف الجيوسياسية والاقتصادية المتعاقبة وخاصة خلال الخمس السنوات الماضية تركت آثارا سلبية واسعة النطاق على جميع دول العالم؛ وفرضت قيودا على سلاسل الإنتاج والتوريد، كما تسببت الحروب وبالأخص (الحرب الروسية الأوكرانية) في تراجع تصدير السلع الأساسية وأسهمت في ارتفاع الأسعار بمستويات قياسية، مضيفا “ليس هذا فحسب، بل إن التقارير الدولية تتحدث عن إمكانية تعاظم شدة هذه التحديات خلال الفترة القادمة في ظل استمرار التوترات السياسية وتزايد الطلب على السلع والماء، وتغير أنماط الاستهلاك، وتزايد أثر التغيرات المناخية، وهذا من شأنه أن يجعل دول المجلس، عرضة لصدمات العرض والأسعار في الأسواق الدولية”.
ولفت إلى أن رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى تحويل دولة قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، يتطلب ذلك استدامة نظم الإنتاج وسلاسل التوريد ورفع كفاءتها التشغيلية، إضافة إلى رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مؤكدا أن استراتيجيات التنمية الوطنية المتعاقبة منذ 2011 والتي تناولت قضايا الأمن الغذائي والمائي، أخذت زخما أكبر في السنوات الأخيرة حيث أصبحت الأهداف أكثر طموحا، حيث لم تختزل الجهود في برامج التوعوية التي تحث على الاستهلاك المسؤول للماء والغذاء ووقف الهدر، بل رافقته إجراءات تضمن وقف الاستخدام الجائر للمياه الجوفية، هذا بالإضافة إلى رفع كفاءة أداء شبكات المياه، وإنشاء محطات معالجة مياه الصرف وتوجيه المياه المعالجة لتبريد المناطق وري الأعلاف والحدائق العامة، إلى جانب الاستخدامات الصناعية الأخرى غير الغذائية. فضلا عن تركيزها على تعزيز منظومة التخزين وبناء مخزون استراتيجي يكون كافيا لتغطية الاحتياجات حسب أفضل المعايير والممارسات الدولية. وتعزيز الإنتاج المحلي من المنتجات الزراعية والأعلاف ودعم المزارعين والشروع في تطبيق حلول الزراعة الذكية هذا بالإضافة إلى إشراك القطاع الخاص في تطوير منظومة إنتاج الثروة الحيوانية وإنشاء المزارع السمكية.
وأكد أن دولة قطر على وشك إطلاق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة – والتي تعد الاستراتيجية الأخيرة لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 – وبالتالي فإن تحقيق الأمن المائي والغذائي أخذ مكانة بارزة حيث ستوجه الاستثمارات ليس فقط لاستكمال مشاريع البنية التحتية الداعمة، بل كذلك لمشاريع تدعم تكامل سلاسل الإنتاج والتوريد المحلية هذا بالإضافة إلى الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار.
وقال سعادته إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر من أعلى دول العالم استهلاكا للماء كما أنها من أكثر الدول اعتمادا على الاستيراد لتلبية متطلباتها من الغذاء، لافتا إلى أن التحديات التي تواجهها في مجال الأمن الغذائي والمائي ليست بأقل مما يواجه معظم دول العالم، إن لم يكن أشد تعقيدا، مضيفا “أمام واقع ندرة مصادر المياه المتجددة، تضطر دولنا للاعتماد على المياه الجوفية الناضبة، من جانب، وعلى تحلية مياه البحر، من جانب آخر.
وتابع “هذه العملية لا تخلو من السلبيات، وفي مقدمها الهشاشة الناجمة عن الحساسية المفرطة لمحطات التحلية في مواجهة التطورات الجيوسياسية المفاجئة، وخاصة تلك التي قد تتسبب في اندلاع أزمات حادة. ناهيك عن هشاشة هذه المحطات أيضا لمخاطر تلوث مياه البحر، إضافة إلى ذلك فإن تكاليف التشغيل والصيانة العالية تشكل عبئا ماليا على الحكومات، ولكن نادرا ما تشعر به الشعوب، بسبب سياسات التسعير القائمة على الدعم الحكومي، أما المياه الجوفية فإن استجرارها الجائر أصبح يهدد مخزونها القائم في باطن الأرض، وتزداد الصورة قتامة عندما ندرك أن نسبة لا يستهان بها من هذه المياه تستخدم في القطاع الزراعي أي لتحقيق أمننا الغذائي”.
وأشار إلى أن دول الخليج على الرغم من تصنيفها على أنها آمنة غذائيا حسب الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة العالمية (الذي يعنى بشأن توفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة) باعتبار أن نسبة من يعانون من نقص أو سوء التغذية متواضعة جدا، وباعتبار أن حجم الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي في تزايد وأقرب من تحقيق هدف المضاعفة بحلول 2030، إلا أن ندرة الموارد الطبيعية بشكل عام دفعتها إلى الاعتماد على الواردات من المواد الزراعية والسلع الغذائية والتي تلبي ما بين (80%-90%) من احتياجات دول المجلس.
وبدورة كشف سعد بن عبد الله المطلق ممثل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والتنموية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن مناقشة لجنة التعاون الزراعي والأمن الغذائي بالأمانة العامة لدول التعاون في اجتماعها الثالث والثلاثين موضوع الأمن الغذائي، وعلى ضوء توصيات لجنة الوكلاء في اجتماعهم المشترك مع وكلاء وزارات التجارة والشركات الحكومية أو شبة الحكومية أو التابعة للصناديق السيادية، وبعد الاستماع إلى مرئيات وملاحظات الدول الأعضاء حول الموضوع، قررت اللجنة تشكيل فريق عمل رفيع المستوى من القطاعين الحكومي والخاص برئاسة المملكة العربية السعودية (دولة الرئاسة)، ليقوم الفريق بإعداد خطة تنفيذية لتوصيات الاجتماع الأول لمجموعة العمل الخليجية للأمن الغذائي (الرياض، 15 يونيو 2022)، على أن تتواءم هذه الخطة مع الاستراتيجيات الوطنية للأمن الغذائي، وتحديد أولويات التنفيذ.
وأوضح أن أهم أهداف التنمية المستدامة تتمثل في تحقيق الأمن الغذائي والمائي لدول المجلس حيث إن النظام الغذائي والمائي المستدام يزيد من اعتماد المجتمع على ذاته ويحقق العدالة الاجتماعية، ويتضمن عوامل اجتماعية واقتصادية وعلاقاتها المتبادلة داخل المجتمع مع الأخذ في الاعتبار الاستدامة البيئية من خلال تدابير توفر الغذاء والقدرة على تحمل تكلفته في المجتمع بالنسبة للموارد المالية المتاحة لشرائه أو إنتاجه.
ونوه بأن عقد هذه الورشة يأتي تنفيذا لقرار اللجنة الوزارية للتخطيط والتنمية للمساهمة في تعميق المعرفة لدى المسئولين والمختصين بدول مجلس التعاون بقضايا التخطيط والتنمية.
وتناقش الورشة مفهوم الأمن الغذائي والمائي، كما تتطرق إلى الرؤى والسياسات والاستراتيجيات الخليجية للأمن الغذائي والمائي، كما توضح البعد الاقتصادي والصحي والبيئي للأمن الغذائي والمائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والعلاقة الترابطية بينهما، وتعرض بعض النماذج والممارسات الناجحة في مجال الأمن الغذائي والمائي والاستثمار في التكنلوجيا والتقنيات الحديثة.
مساحة إعلانية