ضغوط العمل أبرز أسباب الطلاق

محليات
186
هديل صابر
حذر مختصون وأطباء من تأثير ضغوط العمل على الصحة النفسية للموظف في المقام الأول، وعلى النسيج الاجتماعي في المقام الثاني، سيما وأنها تعد أحد أسباب الطلاق.
ورأى مختصون في تصريحات لـ»الشرق» أن بعض الموظفين يعانون من حزمة من الاعتلالات من بينها ((Fibromyalgia أي الألم العضلي الليفي، إذ يصل المريض إلى المستشفى يشكو من سوء النوم، الشعور بالألم والتيبُّس في عدد من المفاصل، إلا أنه وبعد التشخيص يتضح للطبيب المعالج أن المريض يعاني من اعتلال نفسي بسبب بيئة العمل الضاغطة والعلاج بحالتهم ليس بمسكن آلام أو مضادات التهاب وإنما علاجها بمضاد اكتئاب، ومهدئ نفسي.
هذا وكانت منظمة الصحة العالمية كشفت في عام 2022 أن 15% من البالغين في سن العمل يعانون من اضطراب عقلي في أي وقت، وأن الاكتئاب والقلق يكلفان الاقتصاد العالمي تريليون دولا أمريكي سنويا مدفوعا في الغالب بفقدان الانتاجية.
الرياضة تريح النفس
قال الدكتور أحمد سعيد – طبيب عام – إن هناك مصطلحا طبيا يعرف بـ»السيكوسوماتيك» أي الأمراض «النفسجسمانية»، ويندرج تحت هذا المصطلح الطبي حزمة من الاعتلالات من بينها ((Fibromyalgia أي الألم العضلي الليفي، إذ يصل المريض إلى المستشفى يشكو من سوء النوم، التعب والتشوش الذهني، الشعور بالألم والتيبس في عدد من المفاصل، وبعد التشخيص يتضح للطبيب المعالج أن المريض يعاني من اعتلال نفسي والعلاج ليس بمسكن آلام أو مضادات التهاب وإنما علاجها بمضاد اكتئاب، ومهدئ نفسي، إذ إن بعض الاعتلالات النفسية تتجسد بالأمراض الجسدية، فهذه الأمراض علاجها نفسي وليس جسديا.
وأشار الدكتور أحمد سعيد إلى أن نسبة المراجعين الذين يعانون من أعراض جسدية لأسباب نفسية بسبب ضغوط العمل نسبة ليست بالقليلة، موضحا أن الاعتلالات النفسية كالاكتئاب والقلق تنتشر أكثر بين الأطباء -على سبيل المثال لا الحصر-، لافتا إلى أن النسبة تزداد عند من يمتهنون مهنا تتطلب مجهودا ذهنيا أكثر من المجهود الجسدي.
ودعا الدكتور أحمد سعيد الموظفين بعدم استسهال اللجوء للأدوية النفسية للخروج من الحالة النفسية، بل على الموظف تدريب نفسه على مواجهة الضغوط في العمل، ممارسة الرياضة سيما وأن الرياضة تسهم في زيادة هرمون السعادة وتخفف الضغوط.
التحفيز يشجع الموظف
شدد د. طارق العيسوي-استشاري نفسي-، على أهمية تحديد الوصف الوظيفي لكل وظيفة من الوظائف التي تتيحها المؤسسة الفلانية أو الشركة العلانية، حتى تكون الصورة للموظف جلية في معرفة حقوقه وواجباته، داعيا إلى ضرورة إلغاء عبارة «القيام بما يوكل إليه من مهام» من عقود العمل إذ تعد هذه العبارة كلمة فضفاضة ولا تحمي حق الموظف في رفض ما يوكل إليه من مهام لربما تتعارض مع الوصف الوظيفي لوظيفته، لافتا إلى أن الموظفين المخلصين بالعمل هم الأكثر عرضة للاعتلات النفسية كالقلق والاكتئاب دون سواهم.
وأكد الدكتور طارق العيسوي ضرورة أن يتمتع رئيس القسم أو الإدارة أو الشخص المسؤول عن عدد من الموظفين بأساسيات الإدارة سيما وأن «الإدارة» علم وليست اجتهادا، والقدرة على التعامل مع أعضاء الفريق كل حسب قدرته ومهامه الوظيفية، بعيدا عن الانتقائية والتمييز، كما أن بعض المهن تتطلب من الإداري أن يمتلك مهارات تتناسب وطبيعة العمل كالطبيب الذي يدير مستشفى عليه أن يمتلك مهارة الإدارة وأن يكون طبيبا بكل تأكيد، فهذا الأمر يقلل من حدة الصدامات بين الموظفين وبين مرؤسيهم.
ودعا الدكتور طارق العيسوي إلى أهمية الاهتمام بالموظف من خلال الموظف المثالي لهذا الشهر، أو التنافسية ومنح الموظف الذي يؤدي عمله مكافأة فهذه كلها حوافز تدفع لأن يؤدي الموظف عمله على أكمل وجه.
ضغوط العمل تؤثر اجتماعيا
أوضح السيد محمد كمال-باحث وأخصائي علم النفس الاجتماعي-، قائلا إن الضغوط النفسية في العمل نوعان، هناك ضغوط نفسية إيجابية وهي الضغوط النفسية التنافسية في حال تلقى الموظف مكافأة أو اختير موظفا مثاليا للشهر، مما يسهم في انتاجيته، إلا أن هناك ضغوطا نفسية سلبية تسهم في أن تؤثر على أداء الموظف سلبا كالنظام الإداري المتعسف، أو عدم تمتع المشرف المباشر على القسم أو الإدارة بالمهارات الإدارية، فهذه ضغوط نفسية في بيئة العمل لها أن تؤثر على أداء الموظف وبالتالي تخفض من انتاجيته، بل قد تقود البعض للاستقالة أو أنهم ينتقلون إلى جهات عمل أخرى، كما أن بعض الأعباء الإدارية في بعض بيئات العمل قد تجعل البعض يهجر هذه الوظيفة ويتجهون إلى وظائف أخرى».
وأكد السيد محمد كمال أن الضغوط في العمل قد تؤثر على علاقات الموظف على الصعيد الاجتماعي، سيما وأن البعض لا يستطيع أن يضع حدودا بين العمل والمنزل، فقد ينعزل ويتعامل بطريقة غير إيجابية مع أفراد أسرته، لافتا إلى أن بعض حالات الطلاق التي استقبلها المركز لديهم كانت نتيجة لضغوط عمل الزوج وبالتالي يفرغ عصبيته على أهل بيته فساءت علاقته بزوجته وأبنائه، فضغوط العمل لا تؤثر فقط على أداء الموظف في العمل بل على المحيطين به وعلى علاقاته الاجتماعية مما يهدد النسيج الاجتماعي، وخاصة على الأسرة التي تعد اللبنة الأولى في المجتمع وركيزته.
وفيما يتعلق بتحسين بيئة العمل أوضح السيد محمد كمال قائلا إن هناك حلولا كثيرة أهمها اختيار المدير الكفء الذي يتمتع بمهارات اتصالية عالية مع كافة أعضاء الفريق، وأن يتحلى بسمات شخصية جيدة كالوسطية والانفتاح على ما هو جديد فيما يخص العمل حتى يخلق بيئة عمل تبث بالموظفين التنافسية وحب العمل، مع ضرورة عدم تداخل المهام بين الموظفين بعضهم البعض، فتداخل المهام والاختصاصات يؤدي إلى الكثير من المشكلات بين الموظفين فيما بينهم، ولكن عندما يتم توضيح مهام كل موظف يسهم الأمر في تجويد العمل وفي خلق بيئة عمل صحية، كما أن بعض القطاعات في الدولة تهتم بتنظيم يوم ترفيهي لموظفيها وأسرهم مما يسهم في تحفيزهم للعمل والعطاء، أو اختيار الموظف المثالي في كل إدارة لخلق تنافس شريف بين الموظفين، الإنصات إلى مبادرات الموظفين ودراستها وبحث إمكانية تطبيقها مع احترام التسلسل الإداري.
بيئة العمل تنافسية
رأت السيدة ظبية المقبالي -خبير اجتماعي-، أن ضغوط العمل التي تواجه الموظف ليس ذاتها التي تواجه المسؤول، انطلاقا من مهامه، فضغوطات العمل أمر من المسلَّمات، فما يسند إلى الموظف من مهام متعددة، وما يطلب من الموظفين بات أكثر اختصاصية من ذي قبل، فالموظف مطالب أن يطور نفسه ضمن إطار اختصاصاته، فبيئة العمل لم تعد بيئة مرنة، بل بيئة تنافسية، فالضغوطات باتت جزءا من العمل، والمهارة كيف يوازن المدير أو الموظف في أن يسدد ويقارب، وألا يجعل الضغوط مسيطرة على مجريات حياته وألا تؤثر على صحته النفسية وعلى البيئة المحيطة به، وذلك من خلال كسر الروتين بإجازة ليوم واحد، والابتعاد عن ضغوطات العمل، الحرص على ممارسة الرياضة كالمشي لما لها من أثر إيجابي على حياة الشخص، تناول الأطعمة الصحية، شرب الماء باستمرار، التنفس بشكل صحيح، فكلها مهارات تسهم في التغلب على الضغوطات الحياتية التي باتت ملازمة لكل شخص في بيئة عمله، فالمهارة هو التعامل مع الضغوط وليس الهرب منها.
وعلقت على عبارة «القيام بكل ما يوكل إليه من مهام». قائلة إنني مع هذه العبارة في عقود العمل من واقع تجربة شخصية، الموظف عندما يتحرر من المسؤولية فإنه لا يلتزم بساعات الدوام ويماطل في تسليم المهام، كما أنني أرى أن المشكلة ليست في الموظف بل في الإداري أو المسؤول الذي يضغط على موظف دون آخر، وأناشد هنا أصحاب القرار بتوزيع المهام، وعدم ضغط الموظف النشيط على حساب المتفلت، واسناد المهام للجميع.
مساحة إعلانية