‫ عمران الكواري لـ مجلس الشرق: فانوس حولني للعمل بالمطار


محليات

368

الجزء الأول (1/2)

07 سبتمبر 2023 , 07:00ص

alsharq

حوار: محمد علي المهندي

ضيف مجلس الشرق المهندس عمران بن عيسى البكر الكواري أول مدير لإدارة الطيران المدني في قطر، فرغم رحيل والده وموته قبل اكماله ثلاث سنوات، لكنه كافح في حياته، وكان رجلا عصاميا يعتمد على نفسه، درس المرحلة الثانوية بالدوحة بعد عودة الأسرة إلى قطر، وأكمل دراسته الجامعية في بريطانيا، ورغم صعوبة تخصصه في هندسة الطيران في تلك الفترة، لكنه ثابر واجتهد وكانت ثمرة اجتهاده التخرج ومنحه من قبل الهيئة العامة للطيران البريطاني المدني شهادة التخرج في هندسة الطيران، ويعتبر أول خريج قطري في تخصصه ونال بكالوريوس إدارة طيران مدني مع مرتبة الشرف الثانية من جامعة امبري ريدل بولاية فلوريدا الأمريكية عام 1981م ودبلوم دراسات عليا في إدارة الأعمال من بريطانيا، “الشرق” التقت به في مجلسه العامر في منطقة روضة الحمامة، واسترجعت معه ذكريات مشواره ونبشت من دفاتر تاريخه المليء بمخزون معلوماتي.



ولادتي كانت في مستشفى السلمانية


كانت ولادتي في البحرين بتاريخ 20 يناير 1950م في مستشفى السلمانية، وذلك بحكم انتقال عائلتي في ثلاثينيات القرن الماضي الى البحرين وذلك بحثاً عن الرزق في تلك الفترة حيث كانت الحالة الاقتصادية صعبة جداً، وسكنا في منطقة رفاع البوكواره، وتوفي والدي وعمري ثلاث سنوات وكانت الحياة صعبة، وكانت والدتي من سكان (سميسمة) وأخوالي كانوا يسكنون في سميسمة، أما خالي محمد بن صالح الكواري فقد كان بحاراً ويسكن في مدينة الخور.



درست في البحرين وأكملتها في قطر


درست في البداية في مدرسة الرفاع الغربي الابتدائية 1959، كما درست المرحلة الاعدادية في مدرسة الحوره، ودرست الأول الثانوي في البحرين، ثم قررت العائلة الرحيل والعودة إلى الوطن الغالي (قطر)، وكان أخي أحمد هو المعيل للعائلة ويشتغل في شركة (بابكو)، ورجعنا إلى قطر حيث يتواجد أخي هنا في قطر ودرست في 1966 في المدرسة الثانوية وتأقلمت مع التدريس في قطر وتخرجت من القسم العلمي عام 1968.



في بريطانيا درست هندسة الطيران


وبعد التخرج من الثانوية كان معدلي يسمح لي بالابتعاث للدراسة في الخارج، قمت باختيار الرياضيات، والهندسة، وكتبت (هندسة طيران) بدون تفكير، ففوجئت بأنهم أوفدوني إلى بريطانيا لدراسة هندسة طيران، في البداية لم أكن راضياً عن التخصص، ولكن بعد ذلك شجعت نفسي وأقدمت على دراسة هندسة الطيران التي لم أكن أحلم بها ولم تدر بخلدي بل كنت أرغب في مهنة التعليم وتخصص (مدرس)، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وحزمت حقائبي بتاريخ 8/8/1968 متوجهاً الى لندن عاصمة الضباب، واستقبلني في المطار شخص بريطاني متعاقدة معه وزارة المعارف القطرية في تلك الفترة وأخذني إلى عائلة للسكن معهم للاستفادة من الاحتكاك وتعلم اللغة الانجليزية، ثم انتقلت للمدرسة وبها سكن خاص للطلبة، وجلست هناك ثلاثة شهور، ثم انتقلت بتاريخ 1/1/1969 الى اسكتلندا للدراسة التي كانت صعبة جداً وذلك من أجل دراسة هندسة الطيران نظري وعملي مقسمة على فترتين صباحية ومسائية، وفي مدينة (بيرث) التي تقع على ضفة نهر راي في اسكتلندا، هناك سكنت في سكن داخلي بنفس الكلية مع طالب عربي، وكونت علاقة خاصة مع بعض الطلبة العرب، وبعد تسعة شهور وتحسن لغتي الانجليزية انتقلت لسكن خاص خارج الكلية من أجل الاستقلالية والهدوء، وبسبب عدم احتكاكي بالشباب لم أكن أدري من غير قصد عن طريقة كيفية طرح أسئلة المادة الشفهية لأنني لم أكن أختلط بالطلبة وأتحاور وأتناقش معهم لتقوية لغة التخاطب الشفوي، وتأخرت عن التخرج ثم ركزت على المادة الشفهية وتفوقت فيها، وكان سبب ذلك صديق عربي يتحدث معي بالإنجليزية وليس العربية.



أنهيت الدراسة في المعهد 1972


أنهيت دراستي في معهد الطيران في مايو 1972 تخصص هندسة طيران تخصص محرك وهيكل الطائرة، وكانت تصدر الشهادة من هيئة الطيران المدني البريطاني وليس المعاهد لتي تقوم بتدريسنا جيداً وتؤهلنا لكي نحصل على الشهادة المطلوبة، ثم ذهبت الى هيئة الطيران المدني البريطاني، وقدمت الامتحان الشفوي ونجحت فيه وذلك بعد تدريب على الامتحان الشفوي لفترة طويلة.


فانوس حولني إلى العمل بالمطار


بعد تخرجي من بريطانيا ذهبت لمكتب شؤون الموظفين والتعيين الذي يترأسه السيد داوود فانوس، والذي على الفور حولني للعمل في المطار، وبالفعل ذهبت للمطار، وبدأت بالتعرف على العمل في أقسام المطار المختلفة، مثل قسم الاتصالات والأرصاد الجوية، وصيانة الأجهزة الملاحية والمراقبة الجوية، وغيرها من الأقسام في المطار من أجل الالمام والمعرفة على أرض الوقع، وكنت مهتماً بكل الأمور وأدق التفاصيل، أما عن أول راتب تقاضيته فقد كان مبلغ (3200) ريال قطري.



دورة خاصة في بريطانيا لمدة 7 شهور


وبعد فترة من العمل في المطار تم إيفادي إلى دورة في بريطانيا لمدة سبعة شهور في نفس تخصصي وذلك لإعدادي فنياً وعملياً وإداريا والتدرب عملياً على أخذ فكرة وتسمى دورات استطلاعية، وهناك قابلت السيد (موريس) من هيئة الطيران المدني البريطاني وشرح لي برنامج التدريب وكيفية الاستفادة منه، وكنت أتنقل بين عدة مناطق في بريطانيا مثل إيرلندا واسكتلندا وجزيرة جيرزي وهي قريبة من فرنسا وغيرها من المناطق، وذلك للتدريب واكتساب الخبرة والاستفادة العملية على أرض الواقع، كما قابلت هناك الخبير الذي سيذهب إلى قطر للعمل واسمه دنيس تومبسون، وقد سألني عدة أسئلة من أجل التعرف على أرض الواقع وإعطائه معلومات عن قطر، وبعد انتهائي من الدورة في نهاية شهر ديسمبر ذهبت لمكتب داوود فانوس، وقال لي هذا الخبير الجديد دنيس من بريطانيا، وهنا تذكرته ورحبت به وتمنيت له التوفيق والنجاح، وقد عيّن خبيرا في مكتب بالمطار.


لم تكن هناك إدارة طيران وإنما شخص كان مخولا بالتوقيع


لم تكن هناك إدارة للطيران المدني، وإنما كانت هناك شركة بريطانية هي (IAL) وهي شركة راديو العالمية لديها رخصة تدير شؤون المطارات في دول الخليج، لم يكن في قطر إدارة طيران مدني في تلك الفترة، بل كانت قطر تعقد اتفاقيات للنقل الجوي، وكان يمثلها موظف مصري متخصص في السفر، واسمه (سامي جيّد) مدير مكتب سفريات الدرويش وكان مخوّلا بالتوقيع على الاتفاقيات من قبل الحكومة باسم دولة قطر مع الدول الثانية.


أول قطري يعيّن مدير إدارة الطيران المدني


وبعد التحاقي بالدورات التدريبية والاستفادة منها، عينت في الطيران المدني كموظف، وفي عام 1972م التحقت في مكتب مع الخبير البريطاني في شؤون الطيران الذي كان يؤسس لإنشاء ادارة الطيران، وكان يكتب التقارير وأنا أترجمها للغة العربية وأرفعها إلى سعادة الوزير عبدالله بن ناصر السويدي، وهو بدوره يقوم بمناقشتها ثم يرفعها لمجلس الوزراء الموقر لاعتماده، وبعد فترة صدر مرسوم بقرار رقم 16 لسنة 1973 من مجلس الوزراء بإنشاء إدارة الطيران المدني في قطر، وفي31 ديسمبر 1973 صدر قرار بتعييني مديراً للإدارة، وأعتبر أول مدير قطري يُعيّن في ادارة الطيران المدني.



لأول مرة يتم تحصيل رسوم هبوط الطائرات


أذكر تم لأول مرة تحصيل رسوم هبوط الطائرات، التي تهبط في مطار الدوحة الدولي، وهذا كان من اهتمام الخبير البريطاني دينس تامبسون، ومنها اقتراح الرسوم والضرائب المتعلقة بهبوط وإيواء وعبور ومغادرة الطائرات، واعتماد تعرفة الأجور على جميع الخطوط الجوية بين إقليم الدولة وأقاليم الدول الأجنبية، كان قبل ذلك ثلاث شركات تقوم بعمل وإدارة الخدمات الأرضية بالمطار هم شركة الدرويش للخدمات الأرضية بالمطار والثانية شركة عبر الشرق للطيران، والثالثة شركة علي بن علي وذلك لخدمات الركاب، لم يكن أحد يأخذ الرسوم وهي الايواء والعبور والمغادرة في تلك الفترة كانت كل شيء بالمجان.


إدارة الطيران المدني استلمت زمام الاتفاقيات


بعد انشاء ادارة الطيران المدني وصدور المرسوم الوزاري وتعييني رئيساً للإدارة، بذلت جهوداً كبيرة من أجل النهوض بهذه الإدارة الجديدة، وتعلمت كيفية عمل الاتفاقيات مع الدول وغيرها من الأمور الهامة المتعلقة بالطيران، كما وقعنا اتفاقية مع شركة (IAL) وهي شركة الراديو العالمية للإشراف على تقديم خدمات المراقبين الجويين والأرصاد الجوية والتنبؤات وغيرها في مطار الدوحة الدولي.


وبصفتي مديراً للإدارة فقد حضرت عدة اجتماعات للمجلس العربي للطيران المدني، وأذكر في بغداد زرت الأماكن السياحية، وكذلك النصب التذكاري لأول عربي حاول الطيران (عباس بنى فرناس)، وأذكر عندما تم طرح اسبوع الثقافة الجوية العربية، تقدمت بصفتي ممثل قطر لاستضافة هذا الحدث العالمي وتمت الموافقة على ذلك، وبعد ذلك تم رفع الأمر لموافقة مجلس الوزراء على الاستضافة.


وبالفعل في قطر تم احتضان أول اسبوع للثقافة الجوية العربية وذلك في عام 1974 وكان البرنامج حافلا ومشوقاً للغاية وأذكر كان هناك استعراض الطائرات الجوية المتنوعة وعمل الدخان بالألوان، وأقيم معرض كبير تم فيه عرض الأمور المتعلقة بالطيران، كما كانت هناك زيارات للمدارس للتعريف بأهمية الطيران وغيرها من الأمور بمشاركة عربية كبيرة.


كما حضرت عدة اجتماعات في دول الخليج، وبدأت العمل بهمة ونشاط وتطبيق المواد التي صدرت في مرسوم مجلس الوزراء، وركزت اهتمامي على كيفية جذب الشباب القطري للعمل في ادارة الطيران المدني، وحاولت النهوض بالإدارة، كما عينت عضواً في مجلس ادارة طيران الخليج بصفتي ممثل قطر إحدى الدول المالكة مع البحرين وسلطنة عمان وأبوظبي لطيران الخليح.



إنشاء كلية الطيران أفاد مواطني الدول المالكة


كان هناك تفكير بإنشاء معهد أو كلية لتدريب مواطني الدول الأربع المالكة لطيران الخليج بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وتم الاتفاق على ثلاثة تخصصات أساسية ومهمة في المطارات هي المراقبة الجوية، وتشغيل وصيانة الأجهزة الملاحية والأجهزة اللاسلكية، ثم الأرصاد الجوية، وقد بدأ التحضير لهذا المشروع منذ 1975 وانتدب مديراً لإدارة المشروع، الأمريكي فاتس ستيفنز.


وفي عام 1977 تم افتتاح كلية الطيران في مبنى بدولة قطر التي تكفلت باحتضان المقر، وفتحت آفاق وآمال جديدة للشباب للتدريب والاستفادة في مجال الطيران، وكان هناك تحديات لإقبال الشباب القطري على الالتحاق بالكلية، وتواصلنا مع وزارة التربية والتعليم، وحاولنا التواصل مع مجلس الوزراء الموقر لمعاملة خريج كلية الطيران مثل معاملة الخريجين من الجامعات وذلك لتحفيز الشباب القطري على الاقبال على هذه المهنة، وبالفعل بعد فترة تمت موافقة مجلس الوزراء الموقر على طلبنا، ويعتبر هذا انجازا وخطوة كبيرة لتشجيع الشباب الطموح الراغب في الالتحاق بمجال الطيران، كما كنا ننسق مع (طيران الخليج) لتدريب الخريجين من الكلية على العمل كطيارين مدنيين وكمهندسين طيران لتأهيلهم للعمل في هذه المهنة، كما عينت عضوا باللجنة التنفيذية ومجلس الأمناء لكلية الطيران المدني لدول الخليج خلال الفترة من أعوام (1976 إلى 1989).


طفرة في فترة السبعينيات


كانت هناك طفرة في مجال الطيران وذلك خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، وبعد انشاء ادارة الطيران المدني تابعة لوزارة المواصلات والنقل التي يترأسها سعادة الوزير عبدالله بن ناصر السويدي الذي كان له الفضل بعد الله في توفير جميع متطلباتنا لإنشاء الإدارة، والتي أصبحت هي المسؤولة عن كل ما يتعلق بالطيران المدني، وتم وضع النظم واللوائح الخاصة بتنظيم العمل والهيكل الوظيفي وجاءنا خبير من لندن ساهم معنا في وضع اللوائح وكنت أترجمها من العربية للانجليزية، وساهمنا في التطوير في جميع أقسام الادارة، وقد حضرنا عدة مؤتمرات اقليمية وعربية وعالمية، والتركيز على الاهتمام بجذب المواطنين القطريين للعمل في الطيران ورشحت عدة أسماء قطرية لتولي مناصب في الادارة وهذه سياستي، وقد كنت في تلك الفترة عضواً باللجنة التنفيذية ومجلس ادارة شركة طيران الخليج خلال فترة عملي بالطيران المدني بصفتي مدير الإدارة.


             نتابع الجزء الثاني في الاسبوع القادم.


  


 

مساحة إعلانية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *