فلسطينيون لـ الشرق: انتفاضة الشعب الليبي ضد التطبيع صفعة جديدة للاحتلال

عربي ودولي
60
الرهان على الشعوب العربية لنصرة القضية..
تظاهرات رافضة للتطبيع في ليبيا
رام الله – محمـد الرنتيسي
وجه أبناء ليبيا صفعة جديدة للاحتلال من خلال تظاهرات غاضبة، احتجاجاً على لقاء وزير الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، حيث خرجت جموع المحتجين في مشاهد نابضة بحب فلسطين، ومجددة الولاء لقضيتها، بأن تبقى حاضرة في عقول وقلوب ووجدان أبناء الأمة العربية والإسلامية، وهو ما يؤكد اتساع دائرة التضامن والتعاطف لنصرة فلسطين وقضيتها العادلة وشعبها الأبي.
وأثلجت مشاهد الفخار التي رسخها أحفاد عمر المختار، وهم يرفعون لواء رفض التطبيع مع الاحتلال، قلوب الفلسطينيين، فقد جاء الرد مزلزلاً، وحافلاً برسائل الانتصار للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، بل إن حلقات هذا التضامن امتدت لتطال الأروقة السياسية، وتم التعبير عنها من خلال مسارعة الحكومة الليبية إلى رفض اللقاء التطبيعي، وإيقاف الوزيرة المنقوش عن العمل فوراً، وإحالتها إلى التحقيق، في إجراء يرى فيه الفلسطينيون تأكيد واضح من الدول العربية، بأن القضية الفلسطينية لا زالت حية، بل وأولوية.
ودائماً ما تؤكد الشعوب العربية أن الرهان عليها في نصرة الشعب الفلسطيني، ما زال في محله، ذلك أن هذه الشعوب لا يمكن هزيمتها حسب تجارب التاريخ، فهي المنتصرة دائماً، خصوصاً عندما يكون لهذه الشعوب تاريخ عريق في مقاومة الظلم والنهج الاستعماري، ووضع حجر الأساس للحرية، والانتصار للإنسانية، ولعل هذا الأمر تجلى بأبهى صوره وأشكاله، خلال المونديال العالمي الأخير، الذي تصدت له دولة قطر، وظهرت خلاله أوجه التضامن مع فلسطين وأهلها، بكل ما للشعوب العربية من ولاء للقضية الأولى والمركزية للأمة العربية والإسلامية.
في الشارع الفلسطيني، يرون في خروج الشعب الليبي برمته، بموجة تظاهرات عارمة وغاضبة، احتجاجاً على محاولة وزيرة خارجيتهم، تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، واضطرارها للهروب من غضبة الشعب إلى تركيا، دليل واضح على أن كافة شعوب الأرض ما زالت تلفظ هذا الكيان الغاصب، وترفض التطبيع معه، مهما كثرت المغريات، وبلغت المؤامرت والتحديات، التي تواجهها الشعوب الحرة.
وبالاستناد إلى مفوض العلاقات العربية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، فإن وقفة الشعب الليبي التي تردد صداها في الشارع العربي، تؤشر بوضوح على أصالة الشعوب العربية، وانحياز كل القوى العروبية والوطنية، للحق الفلسطيني، والرفض القاطع للتطبيع مع منظومة الاحتلال ونهجه الاستعماري.
وبلغة الواثق، يقول زكي في تصريحات لـ»الشرق»: «ثقتنا بالشعوب العربية، ومن بينها الشعب الليبي، في التعبير عن مبادئها وقيمها الرافضة للاحتلال، تدفعنا للرهان بقوة على هذه الشعوب، بأن تظل تقف سداً مانعاً وصلباً أمام تمدد مخططات التطبيع مع الدول العربية، وهذه الوقفة علامة فارقة في مشوار الكفاح الوطني وعلاقات الأخوة بين الشعبين الفلسطيني والليبي».
ومن وجهة نظر مراقبين، فإن ما يميز الاحتجاج الليبي، أن هذا البلد الذي لا تربطه الحدود مع دولة الاحتلال، ورغم ذلك، يخرج بمظاهرات غير مسبوقة في الشارع الليبي منذ أمد بعيد، وتعم أرجاء ليبيا، كما أن تجاوب الحكومة الليبية، رغم كل ما تعانيه من ظروف وأوضاع صعبة، فهذا يعني أن القضية الفلسطينية ستبقى تتقدم حتى على القضايا الداخلية للشعوب والحكومات العربية، وهذه صفعة جديدة للاحتلال، ومخططاته الرامية إلى إزالة الملف الفلسطيني عن الطاولة.
يقول المعلق السياسي بالإعلام الرسمي الفلسطيني عمر الغول، إن الرهان على الشعوب العربية وقواها الوطنية والديمقراطية، في احتضان القضية الفلسطينية، يعود لقناعة راسخة، برفض انزلاق الشارع العربي إلى دائرة التبعية للمخططات الاستعمارية، مبيناً أن وقفة الشعب الليبي الحية، إلى جانب فلسطين، إنما تعكس لسان حال الشارع العربي برمته.
وعد الغول في حديث لـ»الشرق» ما جرى من هبة شعبية وانتفاضة ليبية، نصرة لفلسطين، بأنه خير رد، لجهة التأكيد على وفاء الشعوب العربية، وتمسكها بالقضية الأولى للعرب والمسلمين، ورد أطماع «كوهين» وعصابته، الذين خاب ظنهم، وباءت حساباتهم بجر الشعوب العربية إلى دوامة التطبيع والتركيع، بالفشل.
ويرى مراقبون، في وقوف الشعب الليبي بالمرصاد، لخطيئة وزيرة الخارجية «الموقوفة» نجلاء المنقوش، دليل قاطع، على أن الشعوب العربية، ما زالت ترفض إقامة أية علاقات مع دولة الاحتلال، كما أن كل القوى والأحزاب السياسية، لا زالت تشكل طليعة وأيقونة النضال المؤثر في صنع القرار، وليس أدل على ذلك من الموقف المتجاوب للحكومة الليبية، مع مظاهرات شعبها.
مساحة إعلانية