كتاب يرصد «السلطنة الجبرية: عهد السلطان أجود بن زامل»

ثقافة وفنون
0
لمؤلفه د. علي بن غانم الهاجري..
يعد كتاب «السلطنة الجبرية: عهد السلطان أجود بن زامل»، للدكتور علي بن غانم الهاجري، والذي صدرت الطبعة العربية الأولى منه عام 2018، عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، من أهم الإصدارات العربية في الآونة الأخيرة، وخاصة في مجال تاريخ شبه الجزيرة العربية، إذ استطاع أن يجمع في دُفّتيه تاريخ أشهر سلاطين السلطنة الجبرية، وتناول بشكل مفصَّل أهمَّ الأحداث السياسية الداخلية والخارجية للسلطنة الجبرية في عهد السلطان أجود بن زامل، مما ساعد بشكلٍ كبير في إثراء المكتبات العربية والعالمية، وإثارة مزيد من النقاش العلمي والمعرفي بشأن هذه الحقبة التاريخية المهمة التي ما زالت بصماتها واضحة على تاريخ منطقة شبه الجزيرة العربية. ويمكن إيجاز أهمية هذا الكتاب ومميزاته في الآتي:
تتمثل أهمية الكتاب في كونه يقدِّم مادةً دسمةً ثمينة لتاريخ السلطنة الجبرية والدور الكبير الذي قامت به منذ قيامها في حدود سنة 820هــ/ 1417م، وحتى سقوطها في سنة 932هــ/1525م، حيث استطاعت أن توحِّد مناطق واسعة من المنطقة الشرقية لشبه جزيرة العرب، وبسطتْ نفوذها وسيادتها على الأحساء والطائف والقطيف وجزر البحرين والإمارات، وعمان، والمناطق الجنوبية من الكويت والعراق، وكان لها من الثقل السياسي على المستوى الإقليمي والحضور العالمي ما ليس له نظير في بقية مدد حكم الدول في المنطقة الشرقية لجزيرة العرب السابقة عليها واللاحقة لها.
يقوم الكتاب بدراسة أشهر سلاطين السلطنة الجبرية، وهو السلطان أجود بن زامل بن حسين، والذي يعدُّ عهده من أزهى مراحل تاريخ هذه السلطنة، حيث شهدت العديد من الأحداث الداخلية والخارجية التي كان لها الأثر الواضح في تاريخها السياسي والاقتصادي خاصة، ومنطقة الجزيرة العربية عامة.
ويتميّز الكتاب من غيره بأنه لم يقتصر في عرضه للأحداث السياسية والمعطيات الحضارية وتحليلها على نوع واحد من المناهج المعروفة في البحث العلمي، بل اعتمد على عدد من المناهج العلمية بما فيها المنهج التاريخي والوصفي والتحليلي بغية توثيق البحث وتمحيص المعطيات وتنقيتها مما يشوبها من المبالغة والغموض.
أما بالنسبة لمضمون الكتاب، فقد سعى مؤلفه الدكتور علي الهاجري إلى عرضه بشكل منهجي وتسلسل منطقي من خلال التمهيد، وأعقبها بثلاثة فصول رئيسة، ثم جرد لقائمة المصادر والمراجع. وأشار في تمهيد الكتاب إلى بداية ظهور بني جبر على مسرح الأحداث السياسية، ثم تأسيس سلطنتهم في عهد زامل بن حسين الجبري بحدود 820/1417م، وكذا عهد ابنه سيف.
وفي الفصل الأول الذي يتكوّن من مبحثين، تناول سيرة السلطان أجود بن زامل من حيث نسبه، ومولده، ونشأته، وصفاته، وتولّيه الحكم، ووفاته، وكذلك نظُم حكمه، من حيث الأنظمة السياسية المتبعة في السلطنة الجبرية وأنظمة الحكم بصفة عامة والنظم الإدارية بصفة خاصة بما في ذلك أهمّ الأقاليم الموجودة في السلطنة والتي تتكون من قطر والبحرين وعمان.
وعالج في الفصل الثاني الذي يتكون من مبحثين، السياسات الداخلية والعلاقات الخارجية، حيث سلّط الضوء على أهم المجالات التي تمسّ السياسة الداخلية، وخصوصا استراتيجية السياسة الداخلية، وتكوين جيش، والاستقرار الأمني، والسياسة التعليمية، والسياسة القضائية، والسياسة الاقتصادية. وركز المبحث الثاني على العلاقات الخارجية، حيث تم الإشارة إلى علاقاته الدبلوماسية مع أشراف مكة، وعمان، والهند، ومملكة هرمز، والصين، وشرق إفريقيا.
وناقش المؤلف في الفصل الثالث توسّع السلطنة الجبرية في نجد، وعمان، حيث تطرق في المبحث الأول إلى مساعي السلطان أجود للتوسع في نجد وبسط سيادته عليها، بينما وقف في المبحث الثاني على توسّع السلطان أجود في عُمان، وخصوصًا في مناطق الجو، والجوف، ومناطق قبيلة بني ريام العمانية، ونزوى، وصحار، وخورفكان، وظفار.
أما في الفصل الرابع والأخير فركّز المؤلف على توسّع السلطان أجود في قَطر، والبحرين، والقَطيف، حيث تحدث في المبحث الأول حول مميزات وخصائص إقليم قَطر والبحرين والقطيف، وأشار في المبحث الثاني إلى الوضع السياسي في كلٍّ من قطر والبحرين والقطيف قبل توسّع السلطنة الجبرية، أما المبحث الثالث فخصَّصها المؤلف للحديث حول التوسُّع في كلٍّ من قطر، والقطيف، والبحرين، بينما ركّز المبحث الرابع على محاولة سلغور شاه حاكم مملكة هرموز استعادة البحرين من السلطان أجود.
وفي الختام، تبيّن من خلال هذه الجولة الممتعة في كتاب الدكتور على بن غانم الهاجري، الدبلوماسيّ القطريّ، وصاحب عددٍ من المؤلفات التاريخية القيّمة، أن الكاتب استطاع بمقدرته الفائقة وحسّه النقدي أن يقدِّم في دُفّتي هذا الكتاب القيم أهمّ الأحداث السياسية والإنجازات الحضارية التي تمت خلال عهد السلطان أجود بن زامل، مما يجعل الكتاب ضمن قائمة أهم المصادر العربية حول تاريخ المنطقة.
مساحة إعلانية