Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار العالم

‫ ماذا قال العلماء عن الاعتكاف في رمضان ؟


محليات

34

ماذا قال العلماء عن الاعتكاف في رمضان ؟

14 أبريل 2023 , 07:35م

مسجد الإمام

الدوحة – قنا

 

يعد الاعتكاف أحد الشعائر الإيمانية والتعبدية التي تميز شهر رمضان تحديدا، ويحرص بعض المسلمين على إحيائها تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي داوم عليها وخاصة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل كما تؤكد ذلك الأحاديث النبوية الشريفة.


والاعتكاف، كما يعرفه أهل العلم لزوم الإقامة بمسجد بنية التقرب إلى الله، ليلا كان أو نهارا، لحبس النفس عن شهواتها، والجسد على التربية والعبودية لله وحده، وفي هذا تتجلى الكثير من المعاني الروحية، من تزكية النفس، وتصفية العقل، وتنقية القلب وتطهيره ليتعلق بالخالق جل في علاه، ويتوجه إليه بانقطاع وإخبات.


تحفل كتب السنة بالكثير من الأحاديث عن اعتكافه صلى الله عليه وسلم، منها الحديث في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده، وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم “اعتكف عشرين يوماً ” كما في البخاري، أي أنه اعتكف العشر الأواسط والعشر الأواخر جميعاً.


ويقول فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن إبراهيم السادة، عضو الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين، لوكالة الأنباء القطرية/قنا/ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على الاعتكاف في رمضان وما تركه حتى قبض، وعندما فاته عليه الصلاة والسلام الاعتكاف مرة في رمضان قضاه في شوال.


ويضيف ” الاعتكاف وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، لون من ألوان الاجتهاد في الطاعة والعبادة، اقتداء بهدي النبي عليه الصلاة والسلام الذي كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها..يشدّ مئزره، ويحيي ليله ويوقظ أهله.. وكان يخصها بالاعتكاف، كما جاء في الأحاديث الشريفة.. فيلزم المسجد متفرغا للعبادة والطاعة”.


ويتابع ” في ضوء هذا الهدي النبوي أصبح الاعتكاف سنة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، يفرون فيها من صخب الحياة، وشواغل الدنيا وشهواتها، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق للاشتغال بالخالق بصلاة وقرآن وذكر ودعاء…، وهذا هو الزاد الروحي الذي يحتاجه كل مسلم في هذه الحياة القصيرة”.


ويشير إلى أن الاعتكاف في العشر الأواخر له فضل عظيم، لأنها عشر مباركات، وفيها يلتمس المؤمنون والمعتكفون ليلة القدر التي جعلها الله خير من ألف شهر.. مضيفا ” هذه ليلة بعمر تساوي في ميزان الحسنات 83 عاما أو يزيد لمن قضاها في القربات والطاعات”.


كما يبين فضيلة الشيخ السادة إلى أن الكثير من النظريات في مجال التربية النفسية والتنمية البشرية تؤكد على أهمية العزلة لبعض الوقت لقضاء وقت للتأمل والتفكير ومراجعة الذات والهروب من زحمة الحياة.. مشيرا إلى أن الإسلام سبق هذه النظريات وشرع عبادات وأفرد مواسم للطاعات ومنح الإنسان الحق في أن ينقطع عن أمور الدنيا وشواغلها لفترة من الوقت ويبقى في اتصال مع الخالق، وهذا هو جوهر الاعتكاف.


بدوره ، يشير الشيخ أحمد البوعينين، الداعية والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلى أن الاعتكاف نفحة ربانية على الجميع أن يتعرض لها، ويتحفز لهذا الخير العميم والفضل الكبير خاصة في هذه العشر المباركات في هذا الشهر الفضيل.


ويقول ” أعمار أمة محمد بين الستين والسبعين وقليل من يجوز ذلك، كما في الحديث، وهذا عكس ما كان في الأمم السابقة التي كانت أعمارهم تزيد عن الألف، ولهذا كان العوض لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الليالي المباركات ومنها ليلة القدر التي وصفها القرآن بأنها خير من ألف شهر، والاعتكاف فرصة عظيمة لإحياء هذه الليالي بالطاعات”.


وينبه إلى أن الاعتكاف ليس مجرد مكث في المسجد وأكل وشرب ونوم وأحاديث في أمور الدنيا، لكنه انقطاع تام عن شواغل الحياة، والتفرغ التام للعبادة.. مضيفا “من هذا المنطلق على المعتكف أن يجتهد لتحقيق الغايات العظيمة لهذه الشعيرة ، وأن يراعي مقصودها وحكمتها، وأن يستغل وقته في الصلاة وقراءة القرآن والذكر تأسيا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم”.


ولفت الشيخ البوعينين إلى فترة جائحة كورونا التي أغلقت خلالها المساجد في إطار الإجراءات الوقائية، حنً الناس إلى بيوت الله، ولجأ بعضهم إلى الاعتكاف في بيوتهم خلال شهر رمضان.. مبينا أن بإمكان الإنسان إذا تعذر عليه الاعتكاف في المسجد أن يتخذ له مكانا في منزله يخلو فيه مع الله ليحقق جزءا من معاني الاعتكاف.

من جهته، يبين الدكتور حسن الخطاف الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية/قنا/ أن مشروعية الاعتكاف وردت قبل مجيء النبي عليه الصلاة والسلام، ونستشف ذلك من النصوص القرآنية ..ومن ذلك قوله تعالى (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود)، كما ورد الاعتكاف مقترنا بالآيات التي تتحدث عن الصيام، وكان عليه الصلاة والسلام يحرص على الاعتكاف وهو صائم يعني في رمضان وخاصة في العشر الأواخر منه.


ويضيف الدكتور الخطاف ” يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الاعتكاف يحتاج إلى همة عالية، حيث كان عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر يشد مئزره، ويحيي ليله ويوقظ أهله، وهي كناية عن الهمة العالية والجد في العبادة والحرص عليها بعيدا عن شواغل الدنيا وشهواتها”.


وينبه إلى فلسفة الاعتكاف، واعتبره محطة إيمانية تتيح للإنسان إعادة النظر في مسير ومسار حياته.. وقال ” هذه المدة الزمنية وخاصة العشر الأواخر من رمضان تأتي سنويا لتمنح الإنسان فرصة للتأمل في ما مضى، ومحاسبة النفس ومراجعة الذات بعد سنة كاملة عاش فيها معلقا بالدنيا وشواغلها”.


ويوضح ” من هذا المنطلق فإن الغاية من الاعتكاف هي تفريغ هذا القلب إلا من الله تعالى، ليعود خفيفا ونقيا يسعى جاهدا إلى أن يملأ قلبه بما يتعلق بمحبة الله ورضوانه، وهذا التفريغ في الحقيقة جزء منه توظيف هذه الحواس وتفريغها للعبادة والطاعة فقط”.


ويربط الدكتور الخطاف شعيرة الاعتكاف بمسألة تحقيق التوازن في حياة الإنسان بما ينسجم مع الفطرة البشرية.. مشيرا إلى أن شريعة الإسلام جاءت موافقة لهذه الفطرة، ومحققة للتوازن بين متطلبات الروح والجسد، من غير أن يطغى جانب على آخر، فأعطى للروح العبادة، والاعتكاف هو أحد الشعائر التعبدية التي تغذي روح المؤمن، كما اهتم بالجسد مأكلا ومشربا وما إلى ذلك، رافضا في ذلك الرهبانية التي تتعارض مع الفطرة الإنسانية.


وينبه الدكتور حسن الخطاف في ختام تصريحه ل/قنا/ إلى أن مكان الاعتكاف ليس موطن اشتغال بالدنيا ولا فضاء للتواصل مع الناس وقضاء بعض الأعمال الدنيوية، بل هو تفرغ تام للعبادة وتفكر بأمور الآخرة.. داعيا في هذا السياق المعتكفين إلى التحرر التام من الهواتف خلال فترة الاعتكاف ليكون اعتكافهم صحيحا وسليما ومحققا للغاية وذلك في إطار التحرر من كل شيء يصرف عن الله تعالى.


ونوه في سياق تصريحاته لـ/قنا/ بجهود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الحث على الاعتكاف واستغلال العشر الأواخر في الطاعات والقربات.. منبهين إلى أن هذه العشر الأواخر فرصة يجب استغلالها في كل ما يرضي الخالق سبحانه وتعالى.


كما نوه بالجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تهيئة بيوت الله للقائمين والعاكفين، وتوفير كل ما يلزم من مرافق وخدمات تلبي حاجة المعتكف تحديدا ليحقق المراد من هذا الشعيرة وليتفرغ للعبادة والذكر في هذا الشهر الفضيل.


ونصح أصحاب الفضيلة العلماء كافة المعتكفين إلى مراعاة الضوابط الشرعية، والالتزام بالقواعد التي أعلنتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمعتكفين في المساجد المحددة.


وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أعلنت قبل أيام عن تخصيص 111 مسجداً في مختلف مناطق الدولة، لإحياء سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك للعام 1444 هـ.


ودعت الوزارة، الراغبين في الاعتكاف إلى الحرص على تعلم فقه الاعتكاف الشرعي والنافع الموافق للهدي النبوي الشريف، والالتزام بالاعتكاف في المساجد المحددة، والتي روعي في تحديدها الموقع الجغرافي وكون المسجد جامعا، فضلا عن جاهزية مرافقه لخدمة المعتكفين.


كما اشترطت وزارة الأوقاف ألا يقل سن المعتكف عن 18 عاماً، أو بمرافقة ولي الأمر إن كان عمر المعتكف أقل من ذلك، على ألا يقل عن 8 أعوام، مشددة على أهمية النظافة الشخصية ونظافة مكان الاعتكاف، والمحافظة على ممتلكات المسجد كونها موقوفة على المسلمين جميعا، مع الحرص على عدم إزعاج المصلين بالأحاديث الجانبية، وإيذاء أهل المسجد عامة.

مساحة إعلانية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى