شتاء فلسطين.. هل يُغيث غزة ؟

مع طلائع الشتاء، القادم لا محالة، ثمة أكثر من مليون فلسطيني (نصف سكان قطاع غزة) أصبحوا يعيشون في خيام بدائية، دون سقوف أو جدران إسمنتية، كانت تقيهم برد ومطر الشتاء، الذي يصفه كثيرون بأنه «عدو اللاجئين والنازحين أينما حلّوا».
فمع أول اختبار للأمطار التي هطلت على فلسطين بغزارة، لأول مرة منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» وفيما بدأت السماء تصبّ ماءها على رؤوس أعداد هائلة من أهالي غزة، الذين أصبحوا بلا مأوى بفعل الحرب المستعرة منذ نحو الشهر ونصف الشهر، غرقت الخيام المنتصبة في أماكن النزوح، وتسربت إليها مياه الأمطار، لتطال أمتعة المواطنين المتواضعة، والتي تمكنوا من اصطحابها معهم.
الأغطية في «خيام النوم» لم تعد صالحة لمواجهة برد الشتاء، وفيما أخذ الأطفال يتأملون متاعهم الغريق، تحول الشبان إلى «فرق إنقاذ» وفي المناطق المنخفضة، ثمة مواطنون يتنفسون تحت الماء، بعد أن واجهت خيامهم غرقاً جماعياً، محولة حياة ساكنيها إلى جحيم لا يطاق.
المياه التي تسربت إلى الخيام أتلفت بالجملة ما توفر من مواد تموينية، وضاعف انعدام شبكات الصرف في أماكن النزوح من عظم المأساة، والنازحون باتوا ينتظرون «قشة» يتعلقون بها، فيما البرد أخذ يقرص أجسام الصغار والكبار. وعبثاً راح المواطن حازم القرني، الذي نزح من مخيم الشاطىء، يحاول تحصين خيمته، لكنها لم تصمد أمام تدفق المياه، مبيناً أن أوضاع النازحين باتت أكثر صعوبة مع دخول فصل الشتاء. وبينما كان النازح من شمال غزة أسامة حسن، يعد كوباً من الشاي على الحطب، قال إنه اضطر لبيع مونته (المواد الغذائية التي يحصل عليها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا) لشراء الشوادر والنايلون، لتمين الخيام في مواجهة الأمطار، مشيراً إلى افتقار النازحين لأبسط مقومات الحياة. ومضى يقول لـ «الشرق»: «غالبية النازحين اضطروا للخروج إلى العراء، بعد أن لاحقتهم المياه إلى داخل الخيام، وأغرقت ما تحصلوا عليه من فرش وأغطية». ولفتت ابتسام حمودة النازحة من مخيم جباليا، إلى أن معاناة النازحين تضاعفت بفعل السيول التي اجتاحت الخيام في رفح، موضحة: «نفتقر لكل شيء، الفرش الموجود معنا في الخيام غرق في مياه الأمطار، والدفاع المدني لم يتمكن من الوصول إلينا، خرجنا من الخيام محاولين فتح ممرات للمياه حول الخيام دون جدوى، ولم نتمكن حتى من استبدال ملابسنا».
لكن، على الرغم من ذلك، يتوقع الفلسطينيون أن يتعاظم تعاطف العالم مع أهالي غزة، مع أول منخفض جوي عاصف، وأن يدفع الجميع باتجاه وقف الحرب .