أخبار العالم

موسوي وخاتمي.. هدفٌ واحدٌ وطرقٌ مختلفة!

[ad_1]

ربما هنالك هدف رئيسٌ، ذلك الذي يسعى له الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، ألا وهو “حكمُ الشعب” لا “ولاية الفقيه” المطلقة. إلا أن الأساليب وطرائق التعبير تتعدد، تبعاً لاختلاف تفاصيل التجربة الشخصية لكل واحد منهما، وما مرا به من معاناة مع الطبقة السياسية الحاكمة، دون أن نغفل الجانب الفكري الذي يحدد مدى ليونة أو صرامة الخطاب.

الخلافاتُ المبكرة!

العودة إلى ثمانينات القرن الميلادي المنصرم، يمكنها أن تكشف شيئاً عن سبب الخلاف بين خاتمي وموسوي من جهة، والمرشد آية الله علي خامنئي من جهة أخرى؛ ففي تلك السنوات، وعندما كان مؤسس “الجمهورية الإسلامية” روح الله الموسوي الخميني، على قيد الحياة، كانت الأسماء البارزة من الطبقة السياسية التي حكمت بُعيد رحيله، جميعها تدورُ في فلكه، وتأتمر برأيه، وتتبنى أفكاره، وإن كان البعض أكثر جرأة في إبداء وجهات نظر أكثر استقلالية، كما حدث مع الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، عندم أقنع الخميني بأهمية القبول بقرار “مجلس الأمن” التابع لـ”الأمم المتحدة” رقم 598، والقاضي بوقف الحرب بين العراق وإيران!

بُعيد انتصار الثورة في إيران العام 1979، واعتماد دستور جديد للبلاد، نص الدستور على وجود منصب “رئيس الوزراء” – قبل أن يلغي لاحقا – وهو المنصب الذي شغله مير حسين موسوي، طيلة سنوات الحرب، وفي الفترة التي كان فيها علي خامنئي رئيساً للجمهورية.

خامنئي، أصبح العام 1981 ثالث رئيس للجمهورية في إيران بُعيد الثورة، بعد أن نال 16 مليون صوت، وتم انتخابه ثانية العام 1985 وبقي في منصبه حتى انتخابه من “مجلس خبراء القيادة” كـ”مرشد للثورة”.

خلال فترة رئاسة خامنئي، كان منصب رئيس الجمهورية محدود الصلاحيات، حيث كان النفوذ لرئيس الوزراء بحكم الدستور، ولذا برز اسم مير حسين موسوي، الذي كان رئيساً للوزراء، وشخصية معروفة بنضالها الثوري إبان حكم الشاه الراحل محمد رضا بهلوي.

مير حسين موسوي، كان أيضاً من المقربين من الخميني، وحتى أن خامنئي في رئاسته الثانية للجمهورية، رشح وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي، ليكون رئيساً للوزراء، بسبب عدم التناغم بين خامنئي وموسوي، إلا أن روح الله الخميني رجح كفة موسوي، وهو الأمر الذي قبله خامنئي حينها.

هذه الحادثة تشير بوضوح إلى اختلاف في طرائق التفكير ليس بين موسوي وخامنئي وحسب، بل بين مجموعتين كانتا مقربتان من الخميني، إلا أنهما انفصلتا إبان حياته، وشكلتا: “تجمع رجال الدين المجاهدين” و”جماعة علماء الدين المناضلين”.

الزعيمان الإيرانيان المعارضان مير حسين موسوي ومهدي كروبي

الزعيمان الإيرانيان المعارضان مير حسين موسوي ومهدي كروبي

الانشقاق!

الباحث المختص في الشأن الإيراني حسن فحص، تناول شيئاً من تأريخ الانشقاق بين رفاق الثورة في تحليل بعنوان “كيف قضى النظام الإيراني على التعددية السياسية”، نشره موقع “إندبندنت عربية”، 25 يناير 2021، أشار فيه إلى أن “عندما حدث اختلاف داخل “تجمع رجال الدين المجاهدين”، الذي يعتبر الإطار الأساس الذي مثل المؤسسة الدينية في العمل السياسي، والذي تولى رئاسته لمدة طويلة الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، عندما حدث هذا الاختلاف داخلهم على خلفية الحاجة إلى إحداث إصلاحات في آليات الحكم والتعامل مع المتطلبات الاجتماعية والثقافية، انتهى عام 1987 إلى إعلان الانشقاق داخل صفوفهم وخروج جماعة من رجال الدين من هذا التشكل، واختاروا الاستمرار في العمل السياسي تحت اسم جديد يحمل اسم “جماعة رجال الدين المناضلين”، والذي تناوب على رئاسته كل من مهدي كروبي ومحمد خاتمي، وشغل موسوي خوئينيها منصب أمينه العام”.

فحص يشير إلى أن “المؤسس الإمام روح الله الخميني لم يعترض على هذا الانشقاق، بل ذهب إلى مباركته وموافقته الخطية بناءً على الرواية التي قدمها مهدي كروبي عندما ذهب إلى استشارته حول المضي بتأسيس هذا التشكيل، على اعتبار أن هذه التعددية لا تشكل خطراً على النظام والجمهورية، ما دام السقف الذي تعمل تحته لا يخرج عن المبادئ التي أقرها الدستور وإسلامية النظام وشرط ولاية الفقيه”.

هذا التباين بين “جناحي الثورة” بقي محكوماً بسقفٍ محددٍ طيلة حياة الخميني، إلا أن “الأمور ذهبت بعد وفاة الخميني ووصول رئيس الجمهورية آنذاك، علي خامنئي، إلى موقع القيادة وولاية الفقيه التي أصبحت مطلقة بعد التعديل الدستوري، ولجأ النظام إلى تفعيل واستخدام سلاح لجنة تحديد الصلاحيات في مجلس صيانة الدستور لإقصاء هذه الجماعة عن السلطة والبرلمان وإدارات الدولة، لصالح جماعات تحظى بتأييد تجمع رجال الدين المجاهدين”.

كانت إذن تلك لحظة حاسمة للافتراق، حتى أن تياراً من “جماعة علماء الدين المناضلين” رفض اعتبار آية الله خامنئي مرشداً للثورة بعد رحيل المؤسس الخميني.

علي خامنئي ومير حسين موسوي إبان فترة رئاسة خامنئي للجمهورية في إيران

علي خامنئي ومير حسين موسوي إبان فترة رئاسة خامنئي للجمهورية في إيران

الإقامة الجبرية!

ما سبق، يفسر جزء من موقف د.مير حسين موسوي من رفيق دربه المرشد الحالي علي خامنئي، يضاف لذلك، التطورات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية العام 2009، والتي ترشح لها موسوي، وخسر أمام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وهي الخسارة التي اعترض عليها موسوي، واعتبر أن هنالك تلاعباً بأصوات الناخبين، وتبعتها أحداث عرفت بـ”الثورة الخضراء”، وضع على إثرها موسوي ومهدي كروبي رهن الإقامة الجبرية، حتى الساعة.

“الإقصاء العنيف” الذي مورس تجاه مير حسين موسوي، هو سبب رئيس في مواقفه المتصلبة ضد الطبقة السياسية الحاكمة في إيران.

تغييب الرئيس!

محمد خاتمي، ورغم أنه أقصي سياسياً وإعلامياً، وشن اليتار “الأصولي” ضده حملات تشويه سمعة، إلا أنه لم يوضع رهن الإقامة الجبرية، كما حدث مع موسوي، ولذا تأتي مواقفه أقل حدة في خطابها، رغم صراحتها وتشدديها على أهمية التغيير والإصلاح الحقيقيين!

هاشمي رفسنجاني وأحمد الخميني وعلي خامنئي ومير حسين موسوي إبان فترة رئاسة خامنئي للجمهورية الإسلامية في إيران

هاشمي رفسنجاني وأحمد الخميني وعلي خامنئي ومير حسين موسوي إبان فترة رئاسة خامنئي للجمهورية الإسلامية في إيران

خطابُ موسوي!

العام 2022، أصدر مير حسين موسوي، بياناً بُعيد مقتل الشابة مهسا أميني، خاطب فيه القوات المسلحة الإيرانية، قال فيه إن “القدرات المعطاة لكم هي من أجل الدفاع عن الشعب وليس لقهرهم، وهي من أجل حماية المظلوم وليس لخدمة الأقوياء”، بحسب الترجمة العربية التي نشرها موقع “جادة إيران”.

موسوي طالب القوات المسلحة أن “تقف إلى جانب الحق وإلى جانب الشعب”. وأضاف “إن مهسا أميني هي ابنة إيران، ابنة كردستان، ابنة البشرية وسلبت من أحلامها بموتها المفجع”، مشدداً على أن “دماء المظلومين أقوى من عنف الطغاة، واليوم المظلوم منتصر أكثر من قوة الظالمين، ودينهم أكثر استنارة من دين الإكراه وعزوف سيارات الدوريات”.

هذه اللغة المباشرة والصريحة جداً، عاد مير حسين موسوي على التأكيد على مضامينها، في فبراير الجاري، عندما أصدر بياناً رأى فيه أن “إيران والإيرانيين في حاجة وعلى استعداد لتغيير جذري، رسمت خطوطه العريضة الحركة من أجل امرأة-حياة-حرية”، داعياً إلى “استفتاء حرّ وعادل بشأن الحاجة الى صياغة دستور جديد”.

إصلاحاتُ خاتمي!

محمد خاتمي، من جهته، وفي البيان الذي أصدره بمناسبة الذكرى 44 لانتصار الثورة في إيران، رأى أن “تغيير وتعديل الدستور (وهو أمر ضروري بالتأكيد) في محله، ولكن بالعودة إلى روح (وحتى نصّ) نفس الدستور، يمكن إجراء العديد من الإصلاحات”.

الموقف المتباين بين الرئيس خاتمي ومستشاره السابق موسوي، يعود إلى “واقعية” الأول، و”ثورية” الثاني؛ بمعنى أن خاتمي في مقاربته للأحداث ينظر لها من منطلق التغيير التدرجي والإصلاح الحقيقي الذي يلبي احتياجات الناس دون أن يقود لانهيار مؤسسات الدولة، عكس موسوي الذي يتبنى موقفاً “إصلاحياً ثورياً” يعتبر فيه أن الطبقة الحاكمة الحالية غير قادرة على الإصلاح، بل رافضة له، ولذا لا بد أن يكون التغيير جذرياً!

هذه الواقعية يمكن تلمسها في حديث خاتمي عندما قال “من حيث موازين القوى وقدرات وقوة الدولة، لا يمكن الإطاحة (بالنظام)”، معتبراً أن “شعار الإطاحة سيؤدي إلى أعذار لخلق مزيد من التضييق والقيود على المساحات الحرة، وزيادة أضرار كثيرة على الأضرار السابقة”.

موسوي من جهته، يعتقد أن “أزمة الأزمات هي الهيكل المتناقض والنظام الأساسي الذي لا يمكن استدامته”، ولذا فإنه يرى أن “مجرد طرح منظومة جديدة بحد ذاته سيهز السلطة الاستبدادية، وسيدفعها إلى الرد؛ لأن مصدر القوة في الناس، وليس في السلاح والقمع”، ولذا بحسب وجهة نظره “إذا لم يحظَ الهيكل بتأييد الشعب، سينهار سواء أراد ذلك أو لا”.

طريقتان مختلفتان في التفكير والعلاج للأزمة التي يمر بها النظام السياسي في إيران، من شخصيتين كانتا جنباً إلى جنب لسنوات طويلة؛ يعتقد المراقبون أن النخبة السياسية الحاكمة، وتحديداً مكتب “مرشد الثورة” و”الحرس الثوري” لين يصغيا كثيراً لرأي محمد خاتمي ومير حسين موسوي، وهو ما قد يقود إلى اتساع الهوة أكثر وأكثر بين النظام وطبقاتٍ واسعة من الشعب الإيراني.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Immediate Gains ProI