هل سمعت عن ويليام هارفي مكتشف الدورة الدموية ومؤسس علم وظائف الأعضاء؟
تمر اليوم الذكرى الـ 366 على رحيل الطبيب البريطاني ويليام هارفي، إذ رحل في 3 يونيو عام 1657، وهو مؤسس علم وظائف الأعضاء عن طريق وصف الدورة الدموية الكبرى في جسم الإنسان، وهو مكتشف حقيقة الدورة الدموية وعمل القلب كمضخّة، فالدراسة الوظيفية للقلب والدورة الدموية بقيت على الأكثر متوقفة تماماً منذ 1400 سنة أيام عالم التشريح الإغريقي-الروماني جالينوس.
وبحسب كتاب “كتب غيرت العالم” تأليف روبرت ب. داونز، فأن العصر الذي ولد فيه هارفي هو عصر النهضة العلمية في إنجلترا، والذى جاء بعد وصول الملكة إليزابيث إلى عرش المملكة، وازدهرت فيه الآداب والعلوم، وظهرت أسماء لامعة مثل شكسبير، حيث تخرج في كامبريدج قضى أربع سنوات معظمها تحت قيادة المدرس الشهير الكفء فابريكيوس مكتشف صمامات الأوردة.
بدأ في سنة 1616 يلقي المحاضرات عن الدورة الدموية أمام كلية الأطباء، ولا تزال النسخة الخطية لمحاضرته موجودة، مكتوبة بخليط من اللاتينية والإنجليزية بخط يكاد تتعذر قراءته. وقد شرح بعض تجاربه في مذكراته وأوضح أنه في ذلك التاريخ اقتنع تمامًا بصحة نظرياته الشهيرة عن الدورة الدموية، فكتب يقول: «يتحرَّك الدم في دائرةٍ مستمرةٍ بدفع من ضربات القلب.»
بعد سنواتٍ من التجارب والملاحظة، قرَّر هارفي أن الوقت قد حان. وفي سنة 1628 ظهر في فرانكفورت Frankfurt بألمانيا كُتيب من 72 صفحة اعتبره كثيرٌ من أعلام الطب أهم كتابٍ طبي وُضع حتى ذلك الوقت، وبطبيعة الحال، كان ذلك الكتيب باللغة اللاتينية وهي اللغة العلمية العالمية.
لاحظ هارفي، نتيجة لتجاربه، أن انقباض القلب يدفع الدم خارجًا، وعندما ينقبض تتمدد الشرايين لاستقبال الدم. ولما كان القلب عضلة تؤدي وظيفة نوع من المضخات، يجبر الدم على الاندفاع في دوران مستمر، وعند إجبار الدم على السريان داخل الشرايين، فإنه يسبب النبض، «مثلما ينفخ المرء في قفاز.» وعلى نقيض نظرية المد والجزر القديمة فإن الدورة الدموية تكون في اتجاه واحد. أوضح هارفي أن الدم يمر من الجانب الأيسر للقلب خلال الشرايين إلى النهايات ثم يعود عن طريق الأوردة إلى الجانب الأيمن للقلب. عرفت حركة الدورة بربط أربطة حول الشرايين والأوردة في نقطٍ مختلفة. وبالاختصار، اكتشف أن نفس الدم الذي تحمله الشرايين، تعود به الأوردة مكونة دورة كاملة.
كان استعمال هارفي للحيوانات في أغراض التجارب أمرًا جديدًا، وكان يعتقد: «من رأيي أنه لو كان علماء التشريح خبراء في تشريح الحيوانات الدنيا كما هم خبراء في جسم الإنسان لزالت الأمور التي حيَّرتهم ولنزعت عنهم الشكوك، ولقضت على كل ما قابلهم من صعاب.» يمكن اعتبار هارفي بحق واحدًا من مؤسسي علم التشريح المقارن. فيذكر مثلًا تجارب على الأغنام والكلاب والغزلان والخنازير والطيور والكتاكيت في البيض والأفاعي والأسماك وثعابين السمك والعلاجم والضفادع والقواقع والجمبري وسرطان البحر والمحاريات والأصداف والإسفنج والديدان والنحل والزنابير واليعاسيب والجنادب والذباب والقمل.