‫ بلومبيرغ: مفاوضات لإبرام صفقات غاز طويلة الأمد

الدوحة – الشرق

يجري رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا خلال الشهر الجاري زيارة لدول قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في الفترة من 16 إلى 18 يوليو، وفقا لكبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، وفقا لرويترز.

وتهدف هذه الزيارة إلى تأمين إمدادات ثابتة من النفط والغاز إلى اليابان بجانب تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج. وكانت اليابان ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اتفقتا في منتصف الشهر الماضي على إقامة حوار بين كبار المسؤولين لتعزيز أمن الطاقة.

وكشفت وكالة بلومبرغ، الاسبوع الماضي، عن محادثات تجري بين الشركات اليابانية وقطر للطاقة لإبرام صفقات جديدة من الغاز الطبيعي المسال، بهدف ضمان أمن الطاقة لطوكيو. وبحسب الوكالة فإن صفقات الغاز الطبيعي المسال التي تتفاوض عليها الشركات اليابانية مع قطر تمتد لعدة عقود.

وتشهد العلاقات القطرية اليابانية منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الدوحة وطوكيو في عام 1972م، تطورا مطردا على مدار خمسة عقود بانتقالها من علاقات التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية المتينة في العديد من المجالات خاصة الطاقة والتجارة وتوسيعها لتشمل مختلف القطاعات الحيوية التي تعود بالنفع على شعبي البلدين الصديقين، بفضل الإرادة السياسية القوية للبلدين والتي وضعت أسسا راسخة للارتقاء بالعلاقات والتعاون الثنائي في مختلف القطاعات، من التجارة والاقتصاد إلى المجالات الدفاعية والأمنية والثقافية والتقنية والعلمية.

* الحوار الإستراتيجي

وفي يناير الماضي، عقدت في مقر وزارة الخارجية في العاصمة اليابانية طوكيو جلسة الحوار الاستراتيجي الثاني بين البلدين، ترأس الجانب القطري في الجلسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فيما ترأس الجانب الياباني سعادة السيد يوشيماسا هاياشي وزير خارجية اليابان.

وجرى خلال الجلسة مناقشة توسيع الاستثمارات المشتركة في مجال الطاقة، وتعزيز العلاقات الثقافية، والتعاون وتبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجال الدفاعي، وتبادل الخبرات في المجال التكنولوجي، فضلا عن تعزيز الاستثمارات الخاصة، وتبادل زيارات رجال الأعمال في البلدين. كما اتفق الطرفان على تبادل المذكرات بشأن إعفاء المواطنين القطريين من تأشيرة الدخول عبر بدء العمل بنظام التسجيل المسبق للمسافرين القطريين إلى اليابان.

وخلال الجلسة، أشاد سعادة وزير الخارجية الياباني بالعلاقات المتميزة بين قطر واليابان، معربا عن تطلع بلاده لتعزيزها، خاصة في مجالي الطاقة والتجارة، كما نوه بموثوقية قطر وأهميتها كمصدر للطاقة إلى اليابان والأسواق العالمية.

*نصف قرن

وفي العام الماضي، احتفلت قطر واليابان بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في كلمة أمام الاحتفالية التي أقامتها سفارة دولة قطر لدى اليابان، بهذه المناسبة، أن العلاقات بين دولة قطر واليابان شهدت طفرة كبيرة، وانتقلت من مرحلة الصداقة والتعاون إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وذلك بفضل “تعاوننا المشترك في مختلف المجالات”.

وقال معاليه إن دولة قطر تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع اليابان، لا سيما أنها من أهم شركاء قطر في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والتنمية، وغيرها من مجالات التعاون المدعومة بأطر قانونية واتفاقيات من شأنها ضمان المنفعة المتبادلة للبلدين والشعبين الصديقين”. وأوضح أن الاحتفال بمرور نصف قرن على انطلاق العلاقات بين البلدين الصديقين يوفر فرصة متجددة لترسيخ الشراكة الشاملة من خلال فتح قنوات جديدة للتعاون وتبادل الخبرات. وأضاف: “إننا نجدد التأكيد على حرصنا الدؤوب على العمل عن كثب مع شركائنا في اليابان لتعزيز وتطوير وتنويع العلاقات، ونقلها الى آفاق أرحب، تلبي الطموحات المنشودة لبلدينا الصديقين”.

وأعرب سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عن عميق الشكر والتقدير لليابان حكومة وشعبا على عقود من الشراكة المثمرة والعلاقات البناءة التي رسمت صورة مشرقة في العلاقات الثنائية بين الدول.

من جانبه، تقدم سعادة السيد يوشيماسا هاياشي، وزير الخارجية الياباني، بالتهنئة الخالصة نيابة عن حكومة اليابان إلى دولة قطر بهذه المناسبة، مشيراً إلى أن شركة تشوبو للطاقة استوردت أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من دولة قطر في عام 1997م، ومنذ ذلك الحين أصبحت دولة قطر شريكا مهما وأحد أوثق مزودي الغاز لليابان، مؤكداً أن العلاقات تعمقت بشكل وثيق خاصة في مجال الطاقة. وأشار سعادته إلى أن دولة قطر دعمت اليابان بطرق مختلفة، وتشمل المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار في أعقاب كارثة الزلزال الكبير الذي ضرب شمال شرق اليابان عام 2011م، وكذلك دعمها عودة المواطنين اليابانيين من الخارج من خلال مواصلة رحلات الخطوط الجوية القطرية في أوج أزمة تفشي جائحة /كوفيد-19 /، ومؤخراً دعمها عمليات إجلاء الرعايا الأفغان الذين لديهم صلة باليابان، من أفغانستان. كما أعرب سعادته عن الشكر لدولة قطر على دعمها تسهيل عودة المواطنين اليابانيين من روسيا في ظل الأوضاع الحالية.

من جهته، وخلال المناسبة نفسها، قال سعادة السيد حسن بن محمد العمادي، سفير دولة قطر لدى اليابان، في كلمة أمام الحفل: “نحتفل اليوم بمسيرة خمسين عاما من النجاح والإنجاز في تعزيز وتطوير علاقات الصداقة والتفاهم والتعاون والتي توجت بالشراكة الشاملة”. وأشاد سعادته بالتعاون الاقتصادي القائم بين البلدين، مؤكداً أنه يشكل العمود الفقري الذي انطلقت منه الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وقال إن اليابان تُعد أحد أهم الشركاء التجاريين بالنسبة لدولة قطر، مضيفاً: “حيث كانت الشركات اليابانية أول زبائننا في تصدير الغاز الطبيعي المسال”.

*شريك إستراتيجي

وفي فبراير الماضي، أكد سعادة السيد ساتوشي مايدا، سفير اليابان لدى الدولة، خلال حوار مع وسائل الإعلام المحلية بمناسبة عيد ميلاد الإمبراطور، أن العلاقات التاريخية بين قطر واليابان اتسمت دوما بالتناغم على أساس الاحترام المتبادل بين البلدين الصديقين، مشددا على أن دولة قطر تعتبر شريكا إستراتيجيا لليابان.

وقال إن اليابان تسعى دائما إلى التعاون والعمل مع دولة قطر من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط والمجتمع الدولي عموما. مضيفا: لقد دأبت دولة قطر على الدعوة إلى حل سلمي للصراعات من خلال الحوار وبذلت جهود وساطة عديدة من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي، بما في ذلك في أفغانستان وإيران.

العلاقات الاقتصادية

وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية تطورًا كبيرًا، وتعد اليابان الشريك التجاري الأول لقطر بحجم تجارة وصل إلى حوالي 14 مليار دولار خلال عام 2020، ويُشكل الغاز الطبيعي المُسال جزءًا كبيرًا من هذه التجارة. كما أن قطر هي المورد الثالث للنفط الخام لليابان، فيما تصدِّر اليابان بشكل رئيسي المركبات والسكك الحديدية والترام والمعدات الثقيلة والإلكترونية والكهربائية.

وتساهم العديد من الشركات اليابانية في مشاريع التنمية في دولة قطر. وتعتبر قطر أول دولة خليجية تدشن الاستثمار المشترك مع اليابان من خلال شركة قطر ستيل لتمتلك الريادة في صناعة الحديد والصلب في المنطقة. ومن الأمثلة الحديثة، مشاريع توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال، ومترو الدوحة ومحطة الطاقة الشمسية العملاقة في الخرسعة، على سبيل المثال لا الحصر. وبلغ عدد الشركات اليابانية المملوكة بالكامل للجانب الياباني في السوق القطرية 35 شركة برأس مال يقدر بـ 410 ملايين دولار بينما بلغ عدد الشركات القطرية اليابانية المشتركة 23 شركة بإجمالي رأسمال قدره 2.2 مليار دولار عام 2019.