بسبب العواصف الرعدية في مطار الدوحة وقع حادث الطائرة الأردنية
محليات
44
المهندس عمران بن عيسى الكواري يفتح قلبه لمجلس الشرق 2-2
حوار: محمد علي المهندي
نواصل في الجزء الثاني من الحديث مع المهندس عمران بن عيسى البكر الكواري مدير إدارة الطيران المدني سابقاً، لكي يروي لنا ذكرياته وأحداث تلك الحقبة الجميلة، وتكملة دراسته في مجالين جديدين هما إدارة الطيران المدني ودراسة عليا في مجال إدارة الأعمال، وكذلك دخوله عالم الصحافة وكتابة عمود للرأي، ثم إصداره لأربعة كتب؛ يتذكّرُ ضيفنا حادث الطائرة الأردنيَّة (البتراء) في مطار الدوحة بسبب العواصف الرَّعديَّة، وركوبه لأوَّل مرَّة طائرة الكونكورد في مطار الدوحة الدولي.. والذي كان حدثاً بارزاً في مجال الطيران المدني الدولي، وفي مجلسه العامر بروضة الحمامة كان هذا اللقاء الذي أعاد لنا ذكريات الزمن الجميل.
في أواخر السبعينيات طلبت من الوزارة أن أواصل دراستي وأن يكون ذلك في مجال إدارة الطيران المدني بمستوى البكالوريوس حيث تمّت الموافقة من مكتب سمو الأمير، وكان التحاقي بالدراسة في أواخر عام ١٩٧٩م. وقد بذلت الجهد الممكن للاستفادة من هذه المنحة الدراسيّة خاصة وأنها تغطّي معارف جديدة، كما أنّي اعتبرت ذلك تحدياً عليَّ اجتيازه إذ كنت آنذاك مديراً لإدارة الطيران المدني.
وقد التحقت بجامعة إمبري ريدل بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكيَّة.. والذي شجعني على اختيارها هو نظامها التعليمي.. حيث يمنحون من عمل بالطيران المدني لمدة أربعة أعوام على الأقل، ويحمل مؤهلاً في أحد مجالات الطيران المدني.. يمنحونه ساعات مكتسبة، مما يقلل من المدة الدراسية الكليّة؛ وقد عرفت هذا الأمر من السيد باتريك ستيفنز والذي قدِم لقطر للإشراف على وضع اللبنة الأولى لمشروع إنشاء كلية الطيران المدني لدول الخليج.. إذ عُيّن مديراً للمشروع، وكان قبل ذلك يشغل وظيفة مُسجِّل بإحدى الجامعات الأمريكيّة؛ وقد منحتني الجامعة ساعات مكتسبة كانت قريبة من نصف مجموع الساعات المطلوبة لنيل الشهادة تلك.
وقد أنهيت دراستي هذه ومُنحت شهادة بكالوريوس في إدارة الطيران المدني بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الثانية، وكان ذلك بتاريخ 18 أبريل 1981م.
حصلت على دبلوم الدراسات العليا في إدارة الأعمال.. وليس الماجستير
في النصف الثاني من الثمانينات اشتقتُ للدراسة مجدّداً، وكنت آنذاك ما أزال أرأس إدارة الطيران المدني بوزارة المواصلات والنقل.. حيث التحقتُ بكليّة هنلي للدراسات الإدارية التابعة لجامعة برونيل ببريطانيا بعد حصولي على الموافقة، وكان من متطلبات الدراسة القيام بثلاثة أبحاث ميدانيّة، إضافة لأبحاثٍ عديدة في مقر الدراسة.
وحقيقة الأبحاث الميدانيّة أنها تجعل الملتحق بالدراسة يقدِّم حلولاً مُقترحة من خلال هذه الدراسات الميدانيّة لقضايا تعني مباشرة إما جهة عمله.. أو قضايا أشمل تهم مجتمعه أو بلده؛ ولا شك أن هذه الأبحاث تصقل مقدرة المرء وتكسبه مهارات عديدة يكون لها انعكاساتها الإيجابيّة على مسيرته المهنيّة مستقبلاً.
وبالنسبة لي فقد قدّمت هذه الأبحاث الميدانية الثلاثة وكانت على النحو التالي:
الأول كان “دليل مُقتَرَح لإجراءات العمل بإدارة الطيران المدني”، وكان في سنة 1986م.
الثاني: “خدمات طيران الخليج الداخليّة من حيث: عدد الرَّحلات والأسعار والتسويق”.
والثالث: “السياحة في قطر: الفُرص والتحدِّيات”؛ والبحثان الأخيران كانا في عام 1987م.
فبالنسبة للبحث الأوّل فآنذاك – في تصوري – لم يكن مثل هذا الموضوع، على أهميته، مُنتَبَها له على مستوى مختلف الأجهزة والإدارات الحكومية.. وربما حتى القطاع الخاص.
أما الثاني فقد مثّل بالنسبة لي علامة فارقة من حيث الشموليّة والجهد المطلوب، إذ قمت بزيارة كُلٍّ من البحرين وسلطنة عُمان وإمارة أبوظبي.. قابلت خلالها المسؤولين من مختلف القطاعات ذات الصلة بالسفر والسياحة هناك.. وكان ذلك جهداً كبيراً، لكن مردوده العلمي والتوعوي عليْ كان إيجابيّاً بشكل كبير. ولا بد هنا مِن ذِكر أنه لو لم أكن عضواً بمجلس إدارة طيران الخليج آنذاك لصعُب القيام بمثل هذا البحث.. خاصة وأنه شمِل عمل استبيان لجمهور الركّاب المسافرين بين مطارات البحرين وأبوظبي وعُمان وقطر.. حيث وزع على متن هذه الرحلات الداخليّة ما لا يقل عن مائتي استبيان باللغتين العربيّة والإنجليزيَّة.. وتبِع ذلك تحليل الإجابات التي تم استلامها، والتي تضمنت الكثير من الملاحظات والاقتراحات.. وكان ذلك أول استبيان من نوعه يُعمل حسب كل المؤشرات المتوفِّرة.
والبحث الثالث عن فُرص السياحة في قطر وتطويرها فقد تم لهذا الغرض مُقابلة العديد من الأطراف ذات الصلة، وكان الجميع ليس فقط متعاوناً، بل ومرحِّباً. وقد كان على رأس هؤلاء ممثلي شركات الطيران والذين يبيعون تذاكر السفر للجمهور سواء بشكل مباشر أم عبر مكاتب سفرٍ وسيطة بالنظر لما لموضوع تنشيط حركة السياحة من أهمية بالغة تتعلّق بأنشطتهم.
ولهذا الغرض فقد قمت بالدعوة لعقد بعض الاجتماعات مع ممثلي الشركات الأساسية، وكانوا ثلاث، إضافة للاتصال بإدارة السياحة والإثار آنذاك.. والذي كان يرأسها الأستاذ الفنّان جاسم زيني (رحمه الله)، وكم كان مرحِباً ومتعاوناً.. حيث كان لحضوره هذه الاجتماعات أهمية بالغة، كما عمِل على تسهيل حصولي على ما سبق وقدمته بعض فِرق الدراسة من منظمات دوليّة التي قدِمت للدوحة لاستكشاف فرص تطوير القطاع السياحي وطرح الاقتراحات على المسؤولين المعنيين.
ومن خلال اطلاعي مُجدّدا على ذلك البحث، الذي قدّمته لكلية هنلي للدراسات الإدارية في انجلترا، كما قدّمت آنذاك نسخة منه لمكتب سمو الأمير.. يُمكن استخلاص النقاط التالية:
– أن البحث تضمن جوانب عديدة ذات صلة بالموضوع.. وفي ذات الوقت متنوِّعة، وبالتالي يمكن أن أقول إنه بحثٌ شامل على الرُّغم مِن قِصَره النسبي.
– لقد ساهم في محتواه وبطريق غير مباشر كلُّ من له علاقة بمجال السياحة والسفر بدولة قطر، حيث تضمّن التقرير ‐ملخصين لبحثين مستقلَّين قام بهما فريقان قدِما عام 1980م قُدِّما لإدارة السياحة والآثار، أحدهما من الاتحاد العربي للسياحة والآخر من منظمة السياحة العالميّة تضمنا اقتراحات الجهتين للنهوض بالقطاع السياحي في دولة قطر.
من ناحية أخرى تضمن البحث الذي قدمته إشارة لتجربتَيْ دولة البحرين وإمارة أبوظبي على ضوء لقائي المسؤولين هناك عندما كنت أجري بحثي بشأن طيران الخليج الذي سبق الإشارة له. وعودة للأطراف المشاركة في الحوارات، فقد تم ذلك من خلال عقد اجتماعين ضمَّ ممثلين لجهات حكومية وممثلين للقطاع الخاص، حيث خرج الاجتماعان بتوصيات محدّدة ربما من بين أهمها إنشاء مجلسٍ معنيٍّ بوضع السياسات المتعلِّقة بالسياحة في الدولة.وقد كان لحضور أو الاتصال بممثلين عديدين لجهات ذات صلة بالسياحة الدور الأساسي لما تضمنه البحث من توصيات.
وكانت الأطراف تلك:
إدارة السياحة والآثار، وزارة الماليّة والبترول، وزارة الإعلام، وزارة الدّاخليّة، وزارة البلدية، شركة طيران الخليج، مدراء الفنادق الرئيسيَّة بالدولة، وممثلي مكاتب السفر الرئيسيين شاملاً سفريّات الدرويش وعبر الشرق للطيران وعلي بن علي.
ظروف حادث طائرة عالية الأردنيَّة عام 1979م
المعلوم أن وقْتَيْ الإقلاع والهبوط بالنسبة للطائرات هما من أكثر اللحظات حساسيّة فيما يتعلّق بالسلامة، حيث إنه بعد ذلك تكون الطائرات في مساراتها المحدّدة بعيداً عن الأرض، مما يتيح للطيارين مرونة للتعامل مع الأحداث الطارئة ما لم تكن من النوع الذي يفقدون فيه السيطرة بشكل تام أو شبه تام.وبالرجوع للمعلومات المتعلقة بالطائرة الأردنيّة وظروف الحادث وتوقيته فقد كانت الطائرة التي تحمل اسم “البتراء” من طراز بوينج 727 قادمة من مطار الملكة علياء بالعاصمة الأردنية عمّان.. وتحمل رحلتها رقم (600)، متجهة لمطار الدوحة الدولي، وبعده إلى مسقط.. وكان ذلك يوم الأربعاء 14 مارس من عام 1979م، حيث واجهت عاصفة رعدية شديدة في الساعة 11:37 ليلاً، والطيّار في مرحلة التخلّي عن الهبوط على المدرج رقم 34 بالمطار والإقلاع إلى مطار الظهران على ضوء اتصالاته مع برج المراقبة الجويّة بمطار الدوحة، واجهت الطائرة عاصفة رعدية شديدة فاقت قدرتها على الخروج منها إذ هبطت 230 متراً مما أدّى لفقدان الطيّار التحكّم في توجيه الطائرة حيث ارتطمت بالأرض في الساعة 11:40، مما أفضى بالتالي إلى وفاة 45 شخصاً من أصل 64 كانوا على متنها.
طائرة الكونكورد في مطار الدوحة
بدأت فكرة مشروع الكونكورد في العقد الخامس من القرن الماضي، ووقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقية عام ١٩٦٢ للقيام بالخطوات التنفيذيّة للمشروع؛ وتم البدء بصناعة ست طائرات عام ١٩٦٥، وكان أول إقلاع تجريبي لها من مطار تولوز في فرنسا عام ١٩٦٥.
كانت التوقعات آنذاك أن السوق ستطلب مائة طائرة ممثلة في شركات الطيران الرئيسية في العالم، وقد تم الترخيص لهذه الطائرة في سنة ١٩٦٥ من قِبل فرنسا وبريطانيا إلا أنه نظراً لعوامل عدّة أبرزها كلفة التشغيل جرّاء استهلاكها لكميّات عالية جدّاً من الوقود، والإزعاج المتولِّد عند وصولها لمرحلة سرعة الصوت وتجاوزه.. مما حدا بمنع الطائرة من وصولها تلك السرعة فوق المناطق السكنيِّة، وكذلك تلويثها العالي للجو بثاني أكسيد الكربون.. كما أن تصميمها الذي يشبه الرصاصة (للتقليل من مقاومة الهواء) جعلها أقل توفيراً للراحة للركاب مقارنة مع الطائرات ذات السرعات التقليديّة.. مما أدى لوجود تيار ذي وزن لا ينظر بعين الارتياح لهذه الطائرة.
وعندما أتت الكونكورد في زيارة لقطر، ضمن جولة لبعض المطارات في المنطقة عام ١٩٧٤م، كان الهدف المعلن هو تجربة قدرتها على تحمَّل حرارة الطقس في الخليج، إلا أن الهدف الحقيقي هو البحث عن مشترين.. إذ تم الإفصاح عن هذا الأمر في وقتٍ لاحق؛ وقد كنت من بين مجموعة من الموظفين في إدارة الطيران المدني وقطاع السياحة والسفر الذين كانوا على متن الطائرة التي أقلعت في رحلة داخل أجواء قطر استمرّت لمدة أقل من الساعة؛ ويمكنني القول أنّه عندما كنَّا على متنها وهي تتجاوز سرعة الصوت لم يكن ممكناً ملاحظة ذلك إلا من خلال ساعة قياس السرعة والموضوعة في مقدمة الطائرة مقابل كراسي الرُّكاب الأماميّة.
وأذكر حدوث مواقف غير متوقّعة بعد الإقلاع إذ طلب البعض أن تعود الطائرة أدراجها لكن هذا ما كان ممكناً حدوثه.
وفي الختام عن هذه الطائرة التي بدأت بتفاؤلٍ كبير.. كان لتكلفة صنعها وتشغيلها ولكونها غير صديقة للبيئة بشكل لا يمكن الدفاع عنه، أدّى ذلك في نهاية المطاف إلى إحالتها للتقاعد عام ٢٠٠٣ بعد ٢٧ عاماً من الخدمة التجاريّة.
طرقي باب الصحافة وموقف مدير تحرير الشرق
كثيرٌ من خياراتنا تأتي بفعل ظروف غير متوقّعة، وقد يجد المرء نفسه مدفوعاً لها دون تحكُّم من جانبه فيها.. خاصة إن كانت متنفساً لضغوطات يعايشها دون اقتناعٍ بمبررات حدوثها. وهذا الحقيقة ما عايشته قبل أن اتصل بجريدة الشرق للاستفسار عن إمكانية الكتابة فيها.. وكانت تلك المحاولة الأخيرة بعد محاولتين مع جريدتين مختلفتين، وربما غريب لو ذكرت أنني لم أتصل ولدي أمل أن يكون هناك تجاوب على طلبي هذا؛ بل قبلها مباشرة “داعبت الروح” قائلاً لها: “لن أخسر شيئاً إن كان الجواب بالسلب”.. وهذا الحقيقة الذي كنت أتوقَّعه.
إلا أنه لابد لي من القول أن الرد “صعقني” حيث لم يكن الجواب “سننظر في الموضوع”، أو “قدّم بعض عينات كتاباتك لنجاوبك لاحقًاً”، وإنما كان – بعد حوار قصير مدته دقائق معدودة مع مدير التحرير الأستاذ نور محمَّد “رحمه الله” – تفضّل الآن وللتو.
ولا أنسى ردّه – وأنا جالس في مكتبه أنتظر القرار، بعد وقوفي فترة بجانب مكتبه، وهو مستغرق في قراءة الأربع أو الخمسة مواضيع التي قدمتها باليد له – إذ قال، وبلهجته السودانية الجميلة “ده!.. مش أسوأ من اللي نحن نُنْشُرُه”؛ وقد كتبت عن هذا الموقف في إحدى مقالاتي بجريدة الشرق آنذاك.
كان لجوِّ الأُلفة.. وسماحة الروح من جانب مدير التحرير أبلغ الأثر في أن أكتب بشوق.. والرُّوح منطلقةٌ تعبّرُ عما يأتي للخاطر دون تردّد، وكان ذلك تحت عمود أسبوعي حمل عنوان “في شِباك الحياة”، إلا أنه – مع ذلك – لا بد من ذكر حقيقة أنّه كان هناك قلق وتخوّف من جانبي مع انتهاء كتابة أغلب المقالات، والذي ثبت يوماً بعد يوم – خلال تلك التجربة – أنه لم يكن مبرَّراً.وربما هي فرصة كي أذكر بعض المواقف التي أرى أنها تستحق التسجيل:
الموقف الأول “وهو رأي”، قاله ربما في أول لقاء: “أكتب.. أكتب، وإذا رأيت أن تتوقّف.. توقَّف”؛ وهذا الحقيقة عندما أفكّر فيه الآن.. بمثابة رفع غطاء أي تخوّفٍ محتمل قد يَرِدُ في بال من هو جديد في مجال الكتابة.. من احتمال تخوفه من التوقّف.
الثاني: عندما وجد أني أشير لبعض المواقف “التي أعتبرها طريفة” جرّاء تواجدي بالصدفة في مكتبه عند قدوم ضيوف، وقد يكون هؤلاء طلُاباً حضروا كي يعرفوا شيئاً عن “أسرار الصحافة” من شخص ذي باعٍ طويلٍ فيها سبق له العمل في المكتب الصحفي لرئيس دولته..
قال لي “باحتجاجٍ أخوي.. لا أظنُّ أنه قصده بمعناه، وإلا لما سمح بنشره”: (أنا مش حخلِّيك تكون في مكتبي لما يكون عندي ضيوف)..!!
الموقف الثالث.. عندما تدخّل للإصلاح.. إصلاح “ذات البين” بيني وبين كاتب زميل في ذات الجريدة.. عندما كتبت “مداعباً.. ومعلِّقاً” على اهتمامات هذا الزميل بمسابقات الجَمال، والتي نشرها في أحد مقالاته.
وقد توقَّفتُ عن الكتابة في الجريدة مباشرة بعد وفاته “رحمه الله”.. وكان قد مرّ عليْ آنذاك ما يقارب العامين والنصف.
وقد واصلت الكتابة في جريدة “الشرق” بعد عدة سنوات، لكن بشكل متقطِّع جدّاً.
وفي عام ٢٠١٠ اتصلت بجريدة العرب، وكانوا مرحِّبين بعد أن قدمت لهم نماذج لمقالات جديدة، وقد استمرَّت تجربتي الكتابية مع الجريدة حوالي السنتين.. وكان ذلك عبر مقالات في نافذة أسبوعية حملت اسم “إضاءَة للآتي”.
مرحلة إصدار الكُتب
مع استمرار كتاباتي الأسبوعيّة في جريدة “الشرق” ترسّخت قناعتي أكثر بأن عليَّ نشر هذه المقالات في كتاب؛ وكنت أطبع في المكتبات المدرسية هذه المقالات وأعمل منها ملازم لتوزيعها على الأصدقاء.
ومع انتهاء نشر مقالات “إضاءة للآتي..” في جريدة “العرب” كان القرار البحث عن دار نشر لطباعة كتابين بنفس مسمّى العمودين.. وقد استمرّت عملية البحث هذه فترات طويلة دون طائل، حيث كان هدفي أن يكون ما أطبعه يسبقه حوار مع الناشر بشأن تفاصيل إعداد المادة كي تُطبع، ولم أكن مقتنعاً أن يُقتصَرَ دور الناشر على استلام المادة وطباعتها دون مناقشة.
وقد خدمني الحظ عندما كنت أزور معرض الدوحة للكتاب 31 عام ٢٠٢٢ إذ لمحني الأستاذ حسن سعد صاحب “مكتبة حسن العصريّة”.. وكنت أحمل وقتها نسخاً من المقالات على شكل ملزمتين لكلٍّ من مقالات “في شِباك الحياة” و “إضاءَة للآتي..”، ونادى عليَّ مرحباً قائلاً “طيران مدني؟!”.. إذ كان بيننا حوار طويل قبلها بثلاث سنوات بشأن إمكانية طباعة كتبٍ لي. أما أنا فالحقيقة لم أنتبه له، بل تفاجأت بسماع تلك الكلمتين. بعدها جرت الأمور كما كنت أطمح له من حيث الاهتمام بالتفاصيل مِن قِبل الناشر؛ تلاها مباشرة استقرَّ الرأي على أن أضع ما كتبته من خواطر خلال العشرين سنة الماضية في كتابين هما “عندما تَنطِقُ الحُرُوف” و “عِندما تُحَدِّثيني..”.، وكان للإخوة الكرام الدكتور عبدالرحمن سالم الكواري ومحمَّد هلال الخليفي ومحمّد نجيب الكردي، إضافة لبعض أفراد العائلة، الدور الكبير والمساعِد في أن تخرج كتب المقالات والخواطر بالشكل الذي طمحت له..
مساحة إعلانية