«الشرق» تنشر قصص نجاح المكفوفين بمركز النور

محليات
32
❖ نشوى فكري
تعتبر طَريقة برايل جسرًا فعّالًا يربط بين العالم الرقمي وحياة الأفراد مِن ذوي الإعاقة البصريَّة، إذ إنها تَعكس الإبداع والتفاني في تَمكين فئة مُهمَّة مِن المجتمع، وفي اليوم العالمي لبرايل الذي يصادف 4 يناير من كل عام تنشر «الشرق» قصص نجاح بعض المستفيدين والمنتسبين لمركز النور للمكفوفين في تعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل.. وقد أكدوا أنهم أصبحوا قادرين على قراءة الكتب وحل الواجبات وتصفح الإنترنت بسهولة، مشيرين إلى أنها الطريق للإبداع والاندماج في المجتمع، إذ إنها تحقق لهم العديد من المكاسب وتفتح أمامهم الآفاق… وقالوا إن القراءة والكتابة بطريقة برايل فتحت الأفق أمام فاقدي البصر نحو محو الأمية والتعبير عن الذات وتطبيق الدمج المجتمعي بصورة فعلية، مما ينعكس إيجاباً على حياتهم العلمية والعملية.
حمد العذبة: أقرأ الكتب وأحلّ الواجبات
أكد حمد العذبة (14 سنة) من ذوي الإعاقة البصرية، علي أهميَّة برايل في حياته، فهو الآن قادر على قراءة الكتب وحلّ الواجبات وتصفّح الإنترنت، والبحث عن الكتب في المكتبة والتعرّف على أغراضه الخاصة به، والعيش بشكلٍ أقل صعوبة بفضل هذه الطريقة.. وقال: «لم أتخيل حياتي بدون طريقة برايل، فكيف كنت سأكتب وأقرأ بدونها؟». وأشار إلى أنه يتابع تعليمه في مدرسة اليرموك الإعدادية للبنين، وبدأ تعلّم برايل مذ كان في مرحلة الروضة، إذ بدأ التدريب على مهارات اللمس والتفريق بين مختلف الأغراض، ثم تعرَّف على الحروف بصورةٍ مرتبة، وأتقن القراءة والكتابة.
ولفت إلى أن استخدام آلة «بيركينز» التي وفرها له مركز النور للمكفوفين، ومن خلالها تتم الكتابة على الأوراق بطريقة برايل، قائلًا «وفر لي المركز آلتين، واحدة في المنزل وواحدة في المدرسة»، مبينا أنه كان يتدرّب على استخدام اللوح والمسمار لنقش النقاط؛ ليساعده ذلك على حفظ شكل الخليّة في ذهنه، ثم التحق بمدرسة اليرموك التي يشرف عليه فيها معلمون من قسم الدمج، وبات يملك جهاز (برايلسينس6)؛ وهو حاسوب محمول صغير يعمل بطريقة برايل، ويستخدمه للكتابة والقراءة والمشاركة والتفاعل داخل الصف.
العنود المري: أدخل المنصة التعليمية وأحل التكاليف
أوضحت الكفيفة العنود قاسم المري (14 عامًا)، أنها بدأت تعلمها طريقة برايل عام 2014 بعد التحاقها بمركز النور، واستفادت منها في القراءة والكتابة؛ لأغراض الدراسة والثقافة العامة، قائلةً «بالنسبة لي لم أجد أي صعوبة في تعلم برايل وإتقانها، لقد كانت رحلتي مع برايل مميزة وسهلة منذ البداية». وأضافت أن طريقة برايل ممتعة بحد ذاتها، إذ لم يكن لديها – قبل تعلّم الطريقة – أي فرصة للقراءة والكتابة، إلا أنَّ المركز وفر لها معلمين مختصين منذ التحاقها به واهتموا بتدريبها وتعليمها مع غيرها من ذوي الإعاقة البصريّة، ووفروا لهم الأدوات التي يحتاجونها من كُتبٍ وأوراقٍ وآلةٍ للكتابة.
وحول قصة نجاحها، أوضحت المري أنها بدأت تعلّم الأحرف والكلمات، إلى أن أصبحت قادرة على كتابة وقراءة النصوص الطويلة بسهولة، إضافةً إلى تدريسها على يدّ معلمات مميزات في المرحلة الابتدائية استطعن تعليمها برايل بشكل صحيح، ثم انتقلت لاستخدام أجهزة برايل الإلكترونية، والتي ساعدتها على تحسين مهاراتها في برايل، منوهة إلى أنها لم تنسَ صَبر المعلمات وعملهنَّ الجاد وحرصهنَّ على تصحيح أخطائها وتقويمها أولًا بأول، مضيفة: «أختاي الكفيفتان الأكبر مني، استفدتُ كثيرًا من خبراتهما ومهاراتهما في برايل وفي شؤون الحياة المختلفة».
ولفتت العنود إلى اعتمادها منذ البداية على الكتب الدراسيّة التي وفرها لهم قسم المناهج، ومع بدايات استخدامها للأجهزة الإلكترونيّة ودخولها لمدارس الدمج بدأت تتعامل بشكلٍ أسهل مع الكتب، وبات بإمكانها الوصول لها وتصفحها والمتابعة في الغرفة الصفيّة مع زميلاتها المبصرات، قائلة: «أستطيع حل واجباتي ومشاركتها مع المعلمات، والدخول إلى المنصة التعليمية وحل التكاليف كأي شخص آخر».
ناهض سلامة: أقرأ الكتب والقصص العربية والإنجليزية
أوضح ناهض سلامة (58 سنة)، أن تلك الفائدة كانت نتيجة الجهود التي بذلتها وحدة برايل في مركز النور، ولم تتوقف عند الطلاب، مشيرا إلى أنه كان يعمل محاسبًا في شركة بدأ بصره يضعف إلى أن أصبح كفيفًا كليًا، ثم أتقن القراءة والكتابة بطريقة برايل المستوى الأول، والاختصارات في المستوى الثاني باللغة العربيّة، وبدأ يتطوّر في تعلّم الاختصارات الإنجليزيّة، ويقرأ الكتب والقصص العربية والإنجليزيّة.
إكرامي أحمد: ليس كل كفيف يتقن طريقة برايل
يروي الأستاذ إكرامي أحمد، تجربته مع فقدانه للبصر منذ ولادته في مصر إلى تدريسه بمدارس الدمج في قطر؛ إذ يقول إنه درس اللغة الإنجليزية في كلية الألسن بالقاهرة، وحصل على دبلومة الحوسبة والشبكات من أكاديمية سيسكو للمكفوفين بأستراليا، ونشط في مجالات الترجمة الدينية وتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها وتعريب منتجات التقنية المساعِدة ونقلها للمستخدمين العرب، إلى أن التحق بالعمل لدى مركز قطر الثقافي للمكفوفين عام 2014، ثم مركز النور للمكفوفين في العام 2022.
ونوه إلى أنَّ انضمامه للعمل في المركز، وباعتباره مؤسسة نموذجية لتطوير وتأهيل ودمج الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية، ساعده على نقل تجاربه من خلال الوصول إلى المنتسبين وشحذ طاقاتهم وعقولهم بما يمكن لبرايل أن تحققه لهم من مكاسب وتفتحه أمامهم من آفاق.
وتابع قائلا: ليس بمقدور كل كفيف القراءة والكتابة بطريقة برايل؛ إذ إن منظمة الصحة العالمية تقدِّر نسبة المكفوفين الذين يعرفون برايل بحوالي 39 % فقط، ويرجع ذلك لبعض الأسباب، ومن أهمها العمر الذي يتعلم فيه الشخص، والقدرات البدنية والذهنية الأخرى، والقدرة على الوصول للموارد التعليمية التي تسمح بتدريسها، بالإضافة إلى أنَّ تعلُّم برايل يتطلب الكثير من الممارسة والتدرُّب والاجتهاد في حفظ الحروف وتركيبها واتساقها مع الحروف الأخرى.
وأشار إلى أنَّ اختلاف المتعلِّمين في قدراتهم الفردية، كحساسية الأصابع والمهارات الذهنية واحتمالية ارتباط الإعاقة البصرية بمشاكل صحية أخرى، يشكِّل تحديا مفصليًّا أمام المعلمين في ضرورة تكييف المواد التعليمية على حسب كل حالة، موضحًا «أن التفاوت في حالات الإبصار يؤدي إلى اختلاف وسيلة التعلُّم المفضَّل لدى الطالب، بين اعتماده الكلي أو الجزئي على طريقة برايل في الوصول للمعلومة، وهو ما يتم تقييمه وتحديده مُسبقًا لتحديد نوعية المهام التي سيحتاج الطالب لبرايل فيها».
وأكد على أن القراءة والكتابة بطريقة برايل فتحت الأفق أمام فاقدي البصر نحو محو الأمية والتعبير عن الذات وتطبيق الدمج المجتمعي بصورة فعلية. إننا لا يمكننا أن نطلب من الأطفال المبصرين الإعراض عن تعلُّم الكتابة والقراءة؛ لأن هناك مواد بصرية أكثر ثراءً وأسهل وصولًا؛ بحسب المعلّم الذي يقول: «ليس لنا الحق في أن نحرم المكفوفين متعة تذوق الكلمات واستشعار الحروف لمجرَّد توفُّر بعض الوسائل المُكمِّلة الأخرى».
نشوى محمود: حققت حلمي في قراءة المصحف
نشوى محمود (38 سنة) فقدت بصرها بعد الانتهاء من دراسة المرحلة الثانويّة، ولم يسبق لها أن تعلّمت طريقة برايل، إلا أنها أتقنتها قراءةً وكتابةً وحققت حلمها في قراءة المصحف بالخط البارز، مبينة أن طريقة برايل هي الوسيلة التي تمكن المكفوفين من القراءة والكتابة وتعتمد على رموز بارزة، وأساس هذه الرموز خلية برايل التي تتألف من 6 نقاط، ومنها يتكون 64 رمزًا، بِما في ذلك رمز الخلية الفارغة.
مساحة إعلانية