هل تحدث المفاجأة؟.. “الجزيرة” تكشف شروط البرهان وحميدتي

عربي ودولي
716
هل تحدث المفاجأة؟.. “الجزيرة” تكشف شروط البرهان وحميدتي
الدوحة – موقع الشرق
يترقب العالم بقلق بالغ الاشتباكات والمواجهات الدامية التي تشهدها السودان منذ 10 أيام بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم، وسط تحذيرات من قوى إقليمية ودولية من انزلاق البلاد إلى مرحلة الحرب الأهلية، بعد إجلاء البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب، فيما تتواصل جهود الوساطة متعددة الأطراف لعقد مفاوضات “مسؤولة” بين عبدالفتاح البرهان و”حميدتي” لإنهاء الأزمة واستكمال العملية السياسية.
وقالت مصادر لموقع “الجزيرة نت” إن هناك مخاوف من قوى إقليمية ودولية من نشوب حرب أهلية في السودان وانهيار الدولة وتحولها إلى دولة فاشلة، ما يعني نشر الفوضى والسلاح، وتشجيع الإرهاب والهجرة غير النظامية من دول القرن الأفريقي شرقاً إلى دول الساحل والصحراء نحو أوروبا، وذلك بحكم موقع البلاد الجيوسياسي.
على الأرض وبعد أيام من اشتباكات متواصلة تخللتها 4 هدن هشة، استطاع الجيش الذي يقوده عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي، السيطرة على قواعد ومراكز قوات الدعم السريع التي يرأسها محمد حمدان دقلو “حميدتي” في 17 من ولايات البلاد البالغ عددها 18 ولاية، إما عبر المواجهات العسكرية أو الاستسلام كما حدث في بعضها، ودمّر وسيطر على كل قواعد ومقار قوات الدعم السريع في الخرطوم.
في المقابل، انتشرت قوات الدعم السريع في مواقع حكومية عدة في الخرطوم وغالبية مقار الشرطة التي انسحبت منها، ولديها انتشار في عدة أحياء وطرق رئيسية في العاصمة وأم درمان والخرطوم بحري، ولا تزال تحتفظ بوجود جزئي في مطار الخرطوم.
شروط البرهان وحميدتي لوقف دائم لإطلاق النار؟
حدد البرهان شرطاً واحداً للجلوس مع قيادة الدعم السريع لوقف النار، وهو سحب قواتهم من الخرطوم إلى خارجها والعودة إلى مواقعها ما قبل ديسمبر الماضي.
وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن قائد الجيش أبلغ الوسطاء أنه لا مجال للحديث مع حميدتي، وإنما أي قيادات أخرى من قادته ومستشاريه، وخروج القوات من العاصمة وكافة المدن ووضعها في معسكرات حتى موعد دمجها في الجيش، وإبعاد حميدتي ومحاسبته على تمرده وإزهاق الأرواح وتدمير المؤسسات والبينة التحتية.
في المقابل، اشترط حميدتي إبعاد البرهان من قيادة الجيش والتفاهم مع قيادة جديدة تختارها المؤسسة العسكرية، وتسليمه المقار والقواعد التي دمرها الجيش، وأبدى استعداده لدمج قواته في الجيش وفق ترتيبات فنية وفترة زمنية يتم التوافق عليها، ولا يمانع من مغادرة المشهد السياسي واستمراره في قيادة قواته إلى حين دمجها، حسب المصادر ذاتها.
هل يتغير المشهد السياسي بعد توقف الحرب؟
يرى موقع الجزيرة نت أن هناك العديد من الأسباب التي عجّلت بالصدام العسكري بين البرهان وحميدتي منها الانقسام السياسي والاستقطاب والاتفاق الإطاري الموقع بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، موضحاً أن الاتفاق منح قوات الدعم السريع وضعاً موازياً للجيش، مما استفز المؤسسة العسكرية، كما حاولت قوى المجلس المركزي الاستئثار بالسلطة على حساب القوى السياسية الأخرى، والاستنصار بقوة حميدتي العسكرية ونفوذه في الدولة وثقله المالي.
ويتوقع مراقبون أن تعمل قوى إقليمية ودولية حريصة على استقرار السودان -لتقديرات أمنية وجيوسياسية- على تحييد دور الجنرالين البرهان وحميدتي في الحياة السياسية، ونقل السلطة إلى حكم مدني وراءه قاعدة سياسية عريضة، تمكنه من الاستقرار والتصدي لتحديات البلاد وتهيئتها لانتخابات حرة ونزيهة.
حسابات خاطئة
يعتقد خبراء عسكريون أن تقديرات البرهان وحميدتي لم تكن دقيقة، فالأول يبدو أنه لم يكن مستعداً للحرب أو كان مستبعداً وقوعها، أما الثاني فكان يظن أن بإمكانه حسم المعركة خلال ساعات، عبر قتل أو اعتقال البرهان ورفاقه العسكريين في مجلس السيادة والسيطرة على مقر قيادة الجيش، وبالتالي يصبح الرجل الأول في الدولة رئيساً لمجلس السيادة بالوكالة..
ما السيناريوهات المتوقعة؟
ينتظر أن تعود البلاد إلى المسار السياسي بعد توقف الاشتباكات، وقالت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية للجزيرة نت إن المزاج العام في الجيش يدعو إلى عدم العودة إلى العملية السياسية بشكلها السابق، باعتبارها كانت وصفة للانقسام والنزاع السياسي وتقترح تشكيل حكومة تصريف أعمال لإدارة شؤون البلاد وإجراء انتخابات بعد عام.
غير أن الاتحاد الأفريقي وقوى إقليمية ودولية أخرى تستعجل العودة إلى العملية السياسية وفق منهج جديد يشمل توسيع قاعدة القوى السياسية وعدم عزل أي قوى سوى حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، وتحقيق أكبر قدر من التوافق الوطني، وتشكيل حكومة مدنية، مع إبعاد البرهان وحميدتي عن المسرح السياسي، وفرض عقوبات دولية عليهما في حال عرقلتهما انتقال البلاد نحو الحكم المدني الديمقراطي.
وفي حديث مع الجزيرة نت، يرى الخبير الإستراتيجي محمد حماد أن جلوس البرهان وحميدتي على طاولة المفاوضات سيحملهما على تقديم تنازلات قد تكون مقبولة للمؤسسة العسكرية التي تعتقد أنها منتصرة في الحرب ويفترض أن تفرض شروطها.
على الجانب الآخر، ارتفعت أصوات في داخل قيادات بالدعم السريع تحمل قائدها مسؤولية ما تعرضت له من خسائر كبيرة في صفوفها، وكسر عظمها العسكري وإضعاف حاضنتها الاجتماعية، بوضعها في مواجهة الدولة، ورجح أن ذلك قد يدفعهما على التنحي لاحقاً.
مساحة إعلانية