د. رافيل شانيسكي لـ الشرق: اهتمام إعلامي دولي بتصريحات رئيس الوزراء في سنغافورة

عربي ودولي
56
دبلوماسية قطر تتجاوز صراعات النفوذ الصيني الأمريكي..
د. رافيل شانيسكي
واشنطن – زينب إبراهيم
أكد البروفيسور رافيل شانيسكي، خبير شؤون الشرق الأوسط وأستاذ السياسة الدولية بجامعة يوتاه على أهمية التصريحات التي أدلى بها معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، حول إستراتيجيات الدوحة في الدبلوماسية الدولية، وذلك بما يحقق الغايات الطموحة لقطر من جهة، والمصالح مع الدول الصديقة والحليفة من جهة أخرى، وذلك خلال المحاضرة التي عقدها معاليه في سنغافورة لاستعراض تجربة قطر الدبلوماسية المتميزة، بما يتجاوز المساحة الجغرافية إلى أدوار مؤثرة إقليمياً ودولياً، وأهمية ما يتعلق بتحقيق التوازن في العلاقات القطرية مع القوى العالمية الكبرى، عبر استعراض سياسة الدوحة في ممارسة دور متوازن بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
تصريحات مهمة
يقول د. رافيل شانيسكي: إن تصريحات سعادة رئيس مجلس الوزراء، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بأن الدوحة تؤمن بالترابطية والاعتمادية بين دول العالم، وأن هذا ما يجعل من الممكن أن يكون لقطر شراكة تجارية كبرى مع الصين وأمريكا في الوقت نفسه، على الرغم من أن قطر كانت في تحالف تاريخي مع الولايات المتحدة إلا أن هذا لا يمنع أن تحافظ على علاقتها مع الصين التي لها دور اقتصادي مهم في منطقة الخليج، وهي تأكيدات مهمة للغاية، فهو يتوافق مع الرؤية الدبلوماسية التي كثفت الدوحة التأكيد عليها في المحافل الدولية، عبر اتباع نسق من استخدام الأدوات الدبلوماسية والعلاقات الدولية بمقدار من التوازن لتحقيق مصالح حيوية، وهو ما يحقق سياقاً من المسارات الدبلوماسية التي تحاول على الأغلب الاستفادة من توطيد العلاقات الإيجابية وانعكاساته على الرؤى والاحتياجات الداخلية بما يخدم مصالح قطر والدول الصديقة لها في الوقت ذاته.
اهتمام بارز
ويتابع د. رافيل شانيسكي في تصريحاته لـ الشرق: إن الاهتمام الإعلامي كان مكثفاً بتصريحات الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في زيارة معاليه لسنغافورة، اتساقاً مع أغلب التحليلات التي ربطت الأوضاع العالمية المتغيرة بكونها تشهد مرحلة تحول، سواء في النفوذ الصيني في المنطقة الخليجية، أو الابتعاد الأمريكي عن أدوارها التقليدية بالشرق الأوسط، ولكن الخطوات التي عقدتها الدوحة لا تندرج وفقاً لهذا المسار، فزيادة وتكثيف التعاون الاقتصادي والصفقات الكبرى مع الصين، لا تتصادم مع العلاقات القوية التي كونتها قطر مع أمريكا، ففي الوقت الذي لعبت فيه الصين أدواراً حيوية فيما يتعلق بالوساطة بين السعودية وإيران، وزيادة صادراتها النفطية من المنطقة الخليجية وفق رؤية مبادرة الحزام والطريق الصينية، فإن الدوحة أيضاً في صفقاتها طويلة الأمد للغاز الطبيعي المسال مع بكين تستكمل نهجاً تقليدياً في توفير إمداداتها من الغاز للسوق الأسيوية الرائجة، وهو ما كان بارزاً باعتبار أن الدوحة بالأساس من أكبر الموردين للغاز الطبيعي للصين في السنوات الماضية، وفي الوقت ذاته لعبت الدوحة دوراً مؤثراً للغاية بين واشنطن وطهران في الوساطة الدبلوماسية التي نجحت من خلالها في الوصول إلى اتفاق لتبادل السجناء بين أمريكا وإيران والإفراج عن بعض المسجونين الإيرانيين، وفك تجميد الأصول الإيرانية في بنوك كوريا الجنوبية، بجانب الوساطة القطرية بين أمريكا وفنزويلا، والأدوار الفاعلة في المشهد الأفغاني، وهي مسارات كانت دائماً تعقدها الدوحة بذكاء والأهم أنها تأتي بتفهم دولي لطبيعة العلاقات القطرية – الإيرانية الإستراتيجية، أو قنوات التواصل المباشرة مع طالبان التي جاءت بتشجيع أمريكي، وأيضاً دورها في الوساطة مع الفصائل الفلسطينية لاحتواء التصعيد في قطاع غزة والضفة الغربية، فالدوحة بذلك تحقق معادلات متوازنة لا تدفعها للخروج عن مسار سياساتها الخارجية وقضاياها، ولا أن تكون امتداداً لساحة نفوذ تنافسية مستحدثة إذا ما كان ذلك سيؤثر على مصالحها الدولية بصفة عامة.
تجربة قطرية
واختتم د. رافيل شانيسكي تصريحاته قائلاً: إن التجربة القطرية في تجاوز التعقيد الجيوسياسي، والقيام بدور بارز على الساحة الدولية، فتتبنى دبلوماسية تحاول التأكيد دائماً على أنها تتبنى سبل الوساطة واحتواء النزاعات، والمبادرة من أجل توظيف نفوذها من أجل الاحتياجات الإنسانية والتطلعات الشعبية، وبناء علاقات قوية مع دول كبرى تسعى هي أيضاً لتوطيد العلاقات مع الدوحة سواء تلبية في احتياجاتها في الطاقة أو استفادة من استثماراتها المشتركة بما تمتلكه قطر من اقتصاد قوي بخطط تنمية هائلة ومحفظة استثمارية تواصل زيادة حصتها في الأسواق العالمية، وبكل تأكيد توظف الدوحة ذلك بما يخدم مصالحها على الصعيد الأول، ويبرز دورها في المشهد الدولي، ويوطد من علاقاتها العالمية مع مختلف القوى الدولية الكبرى.
مساحة إعلانية