أخبار العالم

‫ كتاب يوثق «أسطورة إفريقيا وعالمها: الشيخ عثمان بن فُودي»


ثقافة وفنون

0

28 يناير 2024 , 07:00ص

alsharq

جاء صدور الكتاب الموسوم بــ «أسطورة إفريقيا وعالمها: الشيخ عثمان بن فُودي»، للدكتور علي بن غانم الهاجري، والذي ظهر في شهر مارس من عام 2022م، ليضيء أرشيف المكتبات العربية والعالمية بشخصية لا تزال مغمورةً في العالم العربي رغم ما لها من تأثير كبير في قارة إفريقيا السمراء عامة وفي غرب إفريقيا خاصة. وهو كتابٌ يسعى إلى التعريف والتنويه بهذه الشخصية العظيمة الفذة والذي يعتبر من أعلام القارة السمراء، هذا، بالإضافة إلى إبراز دوره الريادي في كافة الأصعدة.


وتأتي أهمية الكتاب ومميزاته في تناوله تاريخ قارة إفريقيا جنوب الصحراء الذي يُعدُّ من الأمور المجهولة تاريخيًّا تمامًا لدى المسلمين والعرب، رغم ما شهده تاريخ القارة من البطولات العظيمة وما سجله من أمور مدهشة لأحداث الممالك والدول والعلماء والمفكرين والقادة.


ويتناول الكاتب الدكتور علي بن غانم الهاجري في هذا الكتاب شخصية أشهر العلماء والمفكّرين والقادة في إفريقيا، وكذلك رائد الحركات الإصلاحية في إفريقيا على الإطلاق، الشيخ عثمان بن فودي الفلاني (1168-1232هــــــ/1754-1817م)، ومؤسسّ إمبراطورية تعدُّ الأولى من نوعها في التاريخ الإسلامي في غرب القارة السمراء، تمتدُّ من غربي «النيجر» غربًا إلى حدود «البرنو» شرقًا، وإلى الجنوب حتى «أدماوا» شمال الكاميرون، وإلى مشارف الصحراء الكبرى شمالاً، وظل أولاده وتلامذته يحكمون الدولة طوال قرن من الزمان، حتى سقطت على يدي الاحتلال الإنجليزي بداية القرن العشرين.


ويعدُّ عهدُ الشيخ عثمان بن فودي أزهى عهود تاريخ غرب إفريقيا، ففي عهده ازدهرت بلاد غرب إفريقيا، فصارت قبلة العلماء والتُّجار الذين تقاطروا عليها من كل حدب وصوب، وصار هذا العهد زاخرًا بالإنتاج العلمي بفنونه المختلفة، ومن أغزر عهود إفريقيا في الإنتاج العلمي، وخصوصًا في التراث الإسلامي والعربي، مما يجعل الكتاب يدخل ضمن المراجع التي وثّقت تاريخ الإنتاج العلمي في غرب إفريقيا، وخصوصا تلك الإنتاجات المكتوبة باللغة العربية التي ظلّت مغمورة.


ويتميز هذا الكتاب بخصائص عدة، أبرزها شموليته، حيث استطاع الكاتب الدكتور علي بن غانم الهاجري أن يغطّي جهود الشيخ عثمان بن فودي على كافة الأصعدة، وخصوصا جهوده في إرساء الأنظمة السياسية والإدارية والمالية، والقضائية، والعسكرية والأمنية، والعلمية، بالإضافة إلى تاريخ حركته الإصلاحية وسيرته الذاتية والتي تم جمعها معا في دفتي هذا الكتاب، مما ندُر وجوده في كافة الكتب التي تناولت حياة الشيخ عثمان بن فودي.


واستطاع الدكتور علي بن غانم الهاجري من خلال جهوده الكبيرة في هذا الكتاب أن ينبش أهم كنوز إفريقيا العلمية والفكرية، وقد لاقى الكتاب قبولا واسعا في الأوساط الشعبية بغرب إفريقيا، مما أدّى لترجمته إلى عدد من أهم اللغات الإفريقية، منها لغة الهوسا والفلاتة.


أما بالنسبة لمضمون الكتاب، فقد استعرضه المؤلف الدكتور علي بن غانم الهاجري من خلال المقدمة وأربعة فصول رئيسة، وأعقبها بالملاحق وقائمة غنيّة للمصادر والمراجع العربية والمعرّبة والأجنبية. وناقش في الفصل الأول سيرة الشيخ عثمان بن فودي من حيث: نسبه، ومولده، ونشأته، ودراسته، وزوجاته، وأبناؤه، وصفاته ووفاته، وحياته الدينية وأقوال بعض العلماء عنه.


وعالج المؤلف في الفصل الثاني حركة الشيخ عثمان بن فودي الإصلاحية ومراحلها، وخصوصا مرحلة وضع أسس الحركة وقضاياها الرئيسة، وخروج الشيخ عثمان بن فودي لنشر دعوته، ومرحلة احتكاكه بملوك مملكة «غوبر»، ومرحلة تكوين الجماعة، ومرحلة الصدام العسكري بينه وبين ملوك ممالك «الهوسا».


كما تطرق في الفصل الثالث إلى جهود الشيخ عثمان بن فودي في إرساء نُظُم الحكم والإدارة، والتي تشمل الأنظمة السياسية والإدارية والمالية، والقضائية، والعسكرية والأمنية. أما في الفصل الرابع فركّز على جهود الشيخ عثمان بن فودي العلمية، والتي تشمل دوره في الازدهار الثقافي، والجانب التعليمي، وتعليم اللغة العربية ونشرها، وتعليم المرأة، وإسهاماته في الإنتاج العلمي، وإسهاماته الشعرية.


والجدير بالذكر أن الشيخ عثمان بن فودي ساهم مساهمة جبارة في تقويم قومه بقلمه، حيث أنتج كتبًا عديدة في الفنون الدينية والسياسية والثقافية، ونجب على يديه أكثر من مائة عالم فقيه، ممن بلغوا رتبة الاجتهاد المذهبي في الفقه المالكي. كما شارك الصوفيين في تهذيب أخلاق المسلمين، وسلك مسلك أهل الطرق الصوفية في تربية النفوس بالأذكار والأوراد.


وفي مسك الختام، يتبين من خلال هذه الإطلالة الوجيزة في كتاب «أسطورة إفريقيا وعالمها: الشيخ عثمان بن فُودي»، للدكتور علي بن غانم الهاجري، بأن الكاتب استطاع من خلال هذا الكتاب القيّم أن يقدّم تعريفًا شاملاً لأحد الشخصيات العظيمة المجدّدة للفكر والثقافة والتنمية في القارة السمراء، والتي يعود إليها الفضل في توطيد دعائم الدين والثقافة العربية، وبناء أسس الدولة الحديثة في القارة الإفريقية، وخصوصا منطقة غرب إفريقيا، مما يجعل الكتاب ضمن أبرز المراجع العلمية حول غرب إفريقيا وشخصية الشيخ عثمان بن فودي على وجه الخصوص لشموله وجودة مضمونه.

مساحة إعلانية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى