ثقافة وفنون
22
أجرى الحوار: طه عبدالرحمن
يركز الرسام أحمد المعاضيد في أعماله دائماً على أن تكون عالمية، يرمز من خلالها إلى الإنسانية، وظل على هذا النحو في رسوماته، إلى أن كان انجازه لمجسم جديد، يحمل عنوان «ابتسم»، يتجمل على كورنيش الدوحة. في حديثه لـ ، يتحدث الفنان أحمد المعاضيد عن هذا المجسم، وسبب تسميته بهذا الاسم، علاوة على أبرز التحديات التي واجهته لإنجاز هذا العمل، فضلاً عما إذا كان سيعد تحولاً نوعياً في أعماله من الرسم إلى النحت، إلى غير ذلك من تساؤلات طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:
من أين استوحيت هذه المنحوتة؟
بداية، أتوجه بالشكر إلى سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، على دعمها لهذا العمل. كما أشكر متاحف قطر، و»أشغال» ولجنة الإشراف على تجميل الطرق والأماكن العامة بالدولة لتقديم العمل الفني «ابتسم» والذي أعتبره إضافة نوعية لمسيرتي الابداعية كونه يساهم في إيصال الرسالة السامية إلى العالم، حيث إن الابتسامة لغة عالمية يفهمها العالم، وكذلك يشعر بها جميع المخلوقات.
واسوحيت معنى «ابتسم» من تأملي للبساطة في الأرض، ونشر البسمة في جميع أنحاء العالم، إذ إن هذا ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة). رواه الترمذي. وهو المعنى الحقيقي الذي استوحيت منه المجسم، والذي أعتبره هدية قطر الفنية إلى العالم.
وما فكرة هذا المجسم؟ وما رمزيته؟
راودتني هذه الفكرة، أثناء جائحة «كورونا»، لحاجة الناس وقتها إلى الأمل والحب والتفاؤل، بعدها شرعت في تنفيذها، إلى أن جاءت لحظة ميلادها، لتكون رسالة للجميع بأن الابتسامة لغة عالمية، أردت أن أنقلها من قطر إلى جميع بلاد العالم. وأردت أن ترمز المنحوتة إلى نشر البهجة والسعادة في قلوب الناظرين، وأن تشيع الحب والسلام وإعادة الأمل لمستقبل مشرق بين الناس، وأن يترك هذا المجسم أثراً في نفوس المشاهدين والمارين، وذلك من خلال التصميم الفريد، بما يجعله استثنائياً في هذا المكان، وليكون معلماً يجذب الأنظار.
أهمية الفن
وهل ترى أن الفن هو الوسيلة الأنسب لنشر مثل المزايا التي تحدثت عنها؟
بالفعل، إذ إنه عادة في الأوقات الصعبة، يحتاج الإنسان إلى أن تكون له بسمة، كما أنه في ظل الكوارث التي يشهدها العالم، لابد للإنسان من بسمة، لذلك أردت أن أرسم البسمة على وجوه الإنسانية في دول العالم، عبر طريقة إبداعية. لذلك، أردت أن أنجز عملاً لنشر الابتسامة في جميع أنحاء العالم، لنشر عناصر الأمل والحب والتفاؤل والسلام، عن طريق الابتسامة، والتي ترمز إلى كل هذه الأمور، فابتسم رمز، أردت إرساله للإنسانية في جميع أنحاء العالم.
ما المدة التي استغرقتها لإنجاز هذا العمل؟
تم إنتاج هذا العمل، والتفكير فيه منذ 5 سنوات، وكنت أفكر في انجازه كعمل بسيط، ليكون معبراً، ومرسلاً لرسائل إيجابية للعالم كله، إلى أن جاءتني هذه الفكرة، ورسم مجموعة رسومات، والتخطيط لها، إلى أن استقررت على مجسم «ابتسم»، فتم تصنيعه، وتعرض لأكثر من اختبار، إلى أن خرج بالشكل المطلوب، ليراه الجميع بهذا المستوى، وذلك الحجم.
فنون إبداعية
وما أبرز ما يميز هذا المجسم؟
حاولت أن يكون هذا المجسم عملاً رمزياً، بعيداً عن تصوير الأشكال والأرواح، وأن يكون مناسباً للزائرين لالتقاط الصور معه، دون إزعاجهم، وتجنيبهم انعكاسات الشمس عليه، وكذلك أن يكون محتفظاً بجمالياته عند الزائرين إليه من مسافة بعيدة.
وهل سيكون هذا العمل بمثابة تحول جديد لك في الانتقال من الرسم إلى النحت؟
لم أنتقل من الرسم إلى النحت، ولكنه خط واحد، فعندما أنجز رسومات، فإنه يمكن تحويلها إلى مجسمات، وفي النهاية هي أفكار، وبطبيعة الإنسان يسعى إلى إنتاج كل ما يرضي ذائقة الجمهور، وخاصة فيما يتعلق بتلك الرسائل السامية.
ما رؤيتك لمثل هذه الأعمال في إشاعة الفن العام بين جمهور المتلقين؟
خطوة مميزة، وأشكر متاحف قطر على إقدامها على دعم مثل هذه الأعمال، وهي فرصة ليرى الزائرين للدولة انجاز مثل هذه الأعمال العالمية، خاصة أنها أعمال أصلية، أخرجها فنانون عالميون، وغير تقليدية، ما يجعلها جزءاً من الزيارات السياحية للمدينة، وعلما لها، ويقصدها الناس في كل مكان بالدولة.
تحديات فنية
ما أبرز التحديات التي واجهتك أثناء انجاز المجسم؟
أبرز التحديات التي واجهتني، تكمن في دمج الرسم داخل المجسم، فمن يشاهد العمل يلاحظ كتابات بخط يدي، وهو خط مبتكر وجديد في انسيابه، وحرصت أن يكون متجانسًا مع الوجه المعبر، ومعه العين، إحداها على شكل قلب، والأخرى عين دائرية تعبر عن الأمل، دون إغفال وجود الحاجب، ليكون كل ذلك في مجسم، انتقلت به من مجسم ثنائي الأبعاد إلى ثلاثي الأبعاد، تربطهم معاً قطعة وحدة، وكانت هذه صعوبة كبيرة لي، إلى أن أصبح المجسم مميزاً بتداخل الأحرف مع بعضها البعض.
كما كان اختيار المكان من التحديات التي واجهتني، وفي هذا السياق، أجدد شكري إلى سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، على وضعها هذا المجسم في المكان المناسب له، وهو كورنيش الدوحة، حتى أصبح هذا المجسم جزءاً منه، ومعلماً له، ويزينه في الوقت نفسه.
مساحة إعلانية