عربي ودولي
4
“التكايا” في غزة.. تجسيد لقيم التكافل والتعاضد في شهر الخير
غزة – قنا
/ تنتشر في قطاع غزة عشرات /التكايا/ التي تفيض بالخير على العائلات الأشد فقراً وتقدم لها وجبات الطعام اليومية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 سنة، والذي يعتمد نحو 80 بالمئة من سكانه على المساعدات الإغاثية الخارجية.
وفي شهر رمضان المبارك يزداد نشاط /التكايا/، كما يزداد الإقبال عليها من الصائمين الباحثين عن وجبات الإفطار.
ويرجع بعض الباحثين اشتقاق لفظ /التكية/ إلى الاتكاء والراحة من الأسفار، وقد ظهرت /التكايا/ بمفهومها العام منذ العصر السلجوقي والأيوبي والمملوكي، وكان يطلق عليها “الخانقاوات”، لكنها ازدهرت وتوسعت بشكل كبير جداً في زمن الدولة العثمانية، وكانت في الأصل أماكن لممارسة العبادة وتنظيم حلقات الذكر أو استضافة المسافرين، وعابري السبيل، بصورة غير منتظمة وغير إجبارية،
وفي الوقت الحالي تعتبر /التكايا/ في العالم العربي، بشكل كبير، مراكز لتوزيع الطعام والمساعدات الغذائية على العائلات الأشد فقراً.
ومن بين /التكايا/ الأكثر شهرة في قطاع غزة تكية /الحطاب/ في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، حيث يحرص صاحبها وليد الحطّاب، وللعام العاشر على التوالي على تحضير وإعداد الطعام في شهر رمضان المبارك وتوزيعه على الصائمين والأسر الفقيرة مجانًا.
وتعد /تكية الحطاب/ واحدة من العديد من /تكايا/ الطعام الخيرية، التي تنتشر في قطاع غزة، خلال شهر رمضان المبارك، وتقوم بتقديم وجبات إفطار ساخنة يوميًا للأسر الفقيرة في معظم أنحاء القطاع.
وقال وليد الحطاب، في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إنه يواظب كل عام في شهر رمضان المبارك على إطعام العشرات من فقراء الحي إضافة إلى الصائمين الذين يتصادف وجودهم في الشارع خلال أذان المغرب.
و/الجريشة/ تطبخ من القمح المجروش المحمص مع إضافة الملح والبهارات، وتوضع في وعاء على نار هادئة مع التحريك جيدا وبشكل مستمر لجميع المكونات حتى يتماسك قوامها، وتقدم عادة مع لحم الضأن المطبوخ باللبن.
وأضاف الحطاب أن عمل /التكية/ خيري وبمجهود شخصي لإطعام الصائمين، مشيرا إلى أنه يقوم بشراء جميع المستلزمات على حسابه الشخصي وأحيانا بتبرعات من أهل الخير، قبل بدء شهر رمضان، كما أن بعض الأفراد وأهل الخير يشاركون أحيانا بتزويده باللحوم، فيما يقوم هو بطبخها مع /الجريشة/ على موقد نار ووعاء كبير في شارع بالمنطقة التي يقطن بها شرق غزة.
وقبيل موعد الإفطار بنحو ساعة، يتجمع الأطفال والنساء والرجال من حوله جالبين معهم أوعية صغيرة للحصول على حصصهم من الطعام إلى المنزل.
وعن الهدف من عمل /التكية/، يؤكد الحطاب أن هدفها هو التعاضد والتكافل الاجتماعي خاصة في ظل الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها سكان قطاع غزة.
ومن جانبهم، أكد عدد من المستفيدين من إفطار /تكية/ الحطاب، أن طعام /التكية/ بات جزءا أساسيا من مائدة الإفطار في شهر رمضان ، خصوصا للأسر المتعففة والضعيفة.
وقالوا إن /التكايا/ تشعرهم دائما بأن الخير مازال موجودا في النفوس، وأن هناك من يهتم بالمحتاجين والضعفاء، ويقدم لهم ما يستطيع من خدمات، مشيرين إلى أن /التكايا/ تجسد قيم التكافل والتعاضد، ولولا وجود مثل هذه المبادرات وبالذات في رمضان لكانت أوضاع الناس في غزة أصعب بكثير، فما يقدم ولو كان يسيرا يشكل جزءا مهما من وجبة افطار الصائم.
ويعاني نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة، من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، في ظل الحصار الاسرائيلي المفروض منذ أكثر من 15 عاما، وارتفاع نسب الفقر والبطالة بنحو 50 بالمئة بحسب خبراء اقتصاد.
مساحة إعلانية