محليات
70
الدوحة – موقع الشرق
أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية أن جهود الوساطة القطرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لا تزال مستمرة رغم الصعوبات والعراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي في الطريق، مجدداً التأكيد في سياق آخر على أن دولة قطر لها دورها الفعّال في صناعة السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولا تقف وساطتها عند منطقة جغرافية محددة، فهناك العديد من الملفات التي تقوم الدوحة فيها بدور فعال ومقدر من جميع الأطراف وفي كل مكان سواء في لبنان وصولاً إلى الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا وغيرهما من الدول.
وتطرق سعادة الوزير في حوار صحفي مع موقع “المدن” اللبناني إلى العديد من الملفات والقضايا العربية والدولية، مجدداً التأكيد على موقف دولة قطر الثابت بأن الخيارات العسكرية في النزاعات والخلافات تؤدي إلى تدهور الأوضاع، وأن الوساطة تبقى هي الخيار الأمثل لمعالجة الأزمات التي يشهدها العالم.
غزة:
وبشأن الأوضاع في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، قال سعادة الوزير الدكتور الخليفي إن دولة قطر تشدد على ضرورة وقف العدوان على غزة فوراً، وأهمية صدور قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار بشكل مستعجل، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ومستدامٍ إلى مناطق القطاع كافة.
وجدد التأكيد على موقف الدوحة الثابت بشأن رفض سياسة التهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد سكان غزة، محذراً من تداعيات حرمان الفلسطينيين من الغذاء والماء والدواء وانتهاك حقوقهم المشروعة، واستمرار القصف الإسرائيلي والعدوان الذي أدى إلى استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء، في حلقة جديدة من مسلسل الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية الحيوية، وتعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية.
وقال إن دولة قطر كانت من أوائل الدول التي طالبت بإجراء تحقيق دولي عاجل في جرائم مهاجمة المستشفيات والمدارس وقتل المواطنين في غزة، وتدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في التحرك العاجل لمحاسبة إسرائيل وردعها عن ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين.
الوساطة القطرية:
وتطرق إلى ملف الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة، قائلاً إن دولة قطر تبذل جهوداً كبيرة إلى جانب الجهود الإقليمية والدولية المقدرة في هذا الشأن، وستواصل العمل مع الشركاء رغم التحديات الكثيرة التي تعيق عمل الوسيط، كاستمرار التقاتل والقصف على قطاع غزة وانعدام الثقة بين الأطراف.
وأشار وزير الدولة بوزارة الخارجية إلى أن دولة قطر رغم التحديات خلال الفترة الماضية تمكنت مع الشركاء في نوفمبر الماضي من تحقيق هدنة مؤقتة لمدة 7 أيام، أدت إلى الإفراج عن عدد من الأسرى من الطرفين، مضيفاً أن المهمة لم تنتهِ بعد، وأن الدوحة تعمل حالياً مع الطرفين على أمل الوصول إلى اتفاق آخر يساهم في التخفيف من وطأة هذه الأزمة.
وقال: نحن نرفض سياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد سكان غزة، ونشدد على أن القطاع أرض فلسطينية وأن الفلسطينيين وحدهم هم من يملكون الحق في تقرير مستقبلهم، مشيراً إلى أن دولة قطر تشدد على ضرورة وقوف المجتمع الدولي ضد المذبحة التي تحدث بحق الفلسطينيين، ورفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، والعمل على مواجهة السياسات المتطرفة والمستفزة للاحتلال الإسرائيلي، بما يؤدي في النهاية إلى تجنب استمرار دوامة العنف في المنطقة واحتمال تمددها إلى مناطق أخرى.
وجدد التأكيد على أن الضمان الوحيد لتحقيق سلام مستدام في منطقة الشرق الأوسط هو الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً للمبادرة العربية وحل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة كاملة.
لبنان:
وفي الشأن اللبناني، قال سعادة الوزير الخليفي إن دولة قطر تسعى مع شركائها الدوليين لتجاوز حالة الشلل السياسي ومواجهة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ودعم الجهود التي تعزز وحدته واستقراره، وتحقيق تطلعات شعبه في التنمية والتقدم، منوهاً باستضافة دولة قطر الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان لإيجاد آليات تساعد اللبنانيين في معالجة الأزمة.
وأكد أن جهود دولة قطر لدعم لبنان ستستمر خلال المرحلة المقبلة، وستواصل الجهد المبذول في تقريب وجهات النظر لإيجاد منفذ يساعد على انفراج الأزمة، مشدداً على أن الحل في نهاية المطاف يجب أن يكون من اللبنانيين أنفسهم.
وأضاف: نؤكد بأن الشعب اللبناني يستحق حكومة تنفذ بشكل عاجل الإصلاحات اللازمة لإنقاذ اقتصاد البلاد المتدهور، وتحقيق التطوير المطلوب في مختلف القطاعات الأخرى سعياً لتجاوز هذه المحنة. كما أن قطر تشجع جميع الأطراف على تغليب المصلحة الوطنية وتجنب المصالح السياسية الشخصية والسعي نحو تشكيل حكومة دائمة تدعم فكرة الاستقرار السياسي في لبنان.
الفراغ الرئاسي
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية إن التحرك القطري في القضية اللبنانية هو جزء من الجهود الدولية والإقليمية المستمرة لمساعدة لبنان في تجاوز الفراغ الرئاسي، مضيفاً أن قطر دولة لها علاقات جيدة في الوسط السياسي اللبناني وفي المنطقة، وتعمل عبر الحراك الدبلوماسي والاتصالات مع كافة الأطراف من دون استثناء بغية تشجيع الأطراف اللبنانية على التوافق لملء الفراغ في المناصب الرئيسية ومنها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
وأشار إلى وجود تنسيق مستمر مع أعضاء اللجنة الخماسية، وانسجام جيد في الأهداف والأفكار العامة، أما في ما يتعلق بأسماء المرشحين، أوضح سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية بأن دولة قطر لا تفضل أن تزكّي إسماً معيناً، فهذا يعد شأناً لبنانياً داخلياً، والقرار الأول والأخير هو للبنانيين أنفسهم. وسترحب قطر بأي شخص يختاره المجتمع اللبناني لدخول مرحلة مهمة من التطوير والإصلاح في البلد، ولن تتوانى قطر في تقديم يد العون والمساعد للأشقاء اللبنانيين للوصول إلى الاستقرار والازدهار.
وأضاف: شدّدنا مع اللجنة الخماسية على الحاجة الملحة إلى قيام القيادات اللبنانية بتسريع إجراء الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى حتمية تطبيق الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي تشتد الحاجة إليه في الوقت الحالي. وحثت اللجنة بقوة الزعماء والأحزاب اللبنانية المختلفة على اتخاذ إجراءات فورية للخروج من هذا المأزق السياسي، مؤكداً استمرار العمل والجهود نحو تقريب وجهات النظر بين مختلف الأحزاب رغم كثرة الانشغالات بالقضايا الإقليمية والدولية. كما تظل رؤية دول قطر داعمة للبنان متطلعةً إلى استمرار التنسيق بما يعود بالنفع العام على لبنان وشعبه الشقيق.
الوساطة مستمرة بين أمريكا وفنزويلا
وبشأن نجاح الوساطة القطرية بين الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية فنزويلا البوليفارية لتبادل عدد من السجناء الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر الماضي، قال سعادة الدكتور الخليفي إن دولة قطر رسخت مكانتها في العالم كوسيط موثوق إقليمياً ودولياً، لأنها تقف دائماً على مسافة واحدة من كل الفرقاء، وتسعى باستمرار إلى تقريب وجهات النظر بينهم، من خلال تقديم سلسلة من الحلول والمقترحات المبتكرة، نابعة من خبراتها وتجاربها عبر السنوات الماضية.
وامتداداً لهذه المساعي، تلقت دولة قطر طلباً رسمياً من البلدين الصديقين (أمريكا وفنزويلا) للمشاركة كوسيط دولي، لحل عدد من الخلافات القائمة بينهما. وقد نجحت وساطة دولة قطر في تحقيق صفقة جزئية متصلة بتبادل عدد من السجناء، وهي خطوة ضمن وساطة أوسع لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين، فالمهمة لم تنتهِ بعد، معرباً عن شكر قطر للولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية فنزويلا، على تعاونهما في إنجاح عملية تبادل السجناء وتجاوبهما مع جهود الوساطة القطرية.
مساحة إعلانية