محليات
66
محسن اليزيدي
يثير سائقو درجات توصيل طلبات الطعام «الدليفري» موجة غضب واسعة في الشوارع والطرق العامة وعلى منصات التواصل الاجتماعي وذلك بسبب طريقة قيادتهم التي وصفها الكثيرون بالسريعة والمتهورة، وناقشت الصحافة المحلية هذه الظاهرة.
«الشرق» تطرقت لهذه القضية في أكثر من ملف حيالهم، ولكن هذه المرة رصدت «الشرق» الوجه الآخر للمعاناة التي يواجهها سائقي الدليفري يوميا، حيث التقت «الشرق» عدد من سائقي «الدليفري» واتاحت لهم الفرصة للتعبير عن معاناتهم وعكس مشاكلهم للرأي العام. حيث سردوا خلال اللقاءات معاناتهم اليومية اثناء القيام بأعمالهم وما يتعرضون له من ضغوط ومشكلات عديدة تحتم عليهم التحمل وكظم الغيظ لأن «أكل العيش مر» كما يقولون، وعلى الرغم من انتشار سائقي «الدليفري» في كل المناطق الا أنهم يعانون من العديد من المصاعب المختلفة أثناء عملهم اليومي، والتي تبدأ بتعرضهم للحوادث أثناء قيادتهم للدراجات النارية أو مضايقات الزبائن، وبسبب الحاجة للعمل وكسب لقمة العيش بالحلال لزم عليهم أن يتحملوا كل الصعاب بداية من عوامل الطقس المتقلبة ما بين الشتاء والصيف ولهيب الشمس الحارقة والغبار والضباب، ولأن الطقس يتغير ويتبدل ولكن اصحاب هذه الوظيفة لا تغيرهم ظروف المناخ وتقلبات الاجواء، فهم يعملون ليلا ونهارا لأوقات طويلة تمتد الى 12 ساعة يوميا، يطلبون زرقهم بين المدن والطرقات والازقة والبنايات الشاهقة.
«الشرق» في إطار سعيها إلى استكشاف الجانب الانساني لهذه الفئة، التقت عددا من سائقي الدليفري واستمعت الى معاناتهم وأبرز المشكلات التي يتعرضون لها خلال عملهم في توصيل الطلبات للزبائن في مختلف مناطق الدولة وذلك بهدف تسليط الضوء على الجانب الآخر من حياة سائقي توصيل الطلبات (الدليفري).
بشر.. لا كائنات فضائية
أكد محسن علي وهو سائق دراجة يعمل لدى إحدى شركات الدليفري انه يعاني من ضغوط نفسية وجسدية وبشكل مستمر خلال عمله اليوم وبالرغم من اني اتحمل تقلبات الجو صيفا وشتاء الا أن ما نتعرض له في الطريق مأساة بحد ذاتها، حيث إن كثيرا من سائقي السيارات لا يحترموننا في الطريق العالم ويتضايقون من وجودنا أمام ونحن في الطريق وكأننا كائنات فضائية غير مسموح لها أن تستخدم الطريق هذا يهرن وذاك يعصب وآخر يتلفظ علينا بألفاظ نابية دون مراعاة لمشاعرنا وظروف العمل الشاقة التي نهمل بها فنظر ان نكتم غيظنا كي لا نتعرض للمشكلات بين الناس في الطرقات، وقال السائق محسن ان اغلب الزبائن محترمون وكرماء ولكن هناك نوعية منهم تضايقنا لو تأخرنا في توصيل الطلب والذي عادة ما يكون خارج إرادتنا، وبعض الزبائن لا يستلمون منا الوجبات الا لم يكن لدي (فكة) ظنا منه انني استغل الظرف وحاجته للطعام، وهناك العديد من الزبائن لم يستلموا طلباتهم لأجل (ريال) واحد فكة وهنا كثير ما نضطر الى العودة الى المطعم وضياع الوقت وربما تفسد الوجبة لأجل إحضار ما تبقى من الحساب ولو كان (ريالا واحدا) واقترح أن تقوم شركات التوصيل بتقدين قسائم للموظفين للحصول على الوجبات من المطاعم التي يحملون منها الطعام كمبادرة تحفيزية وتقديرا لعلمهم المستمر حى ساعات متأخرة من الليل.
خصومات.. مكافأة التعب
وقال السائق مأمون إنه يعمل في شركة توصيل الوجبات (الدليفري) منذ ثلاث سنوات وأكثر ما يقلقه هو عدم التزام بعض الشركات المتعاقدة باشتراطات السلامة في الدراجة والصحة توفير حافظات طعام صحية جديدة التي فرضتها البلدية والتي طالبت سائقي الدراجات بالالتزام بها، وان مماطلة وتقاعس بعض الشركات عن تغيير الحافظات جعل العديد من السائقين يتحمل مبالغ المخالفات التي تفرض عليهم من قبل المفتشين، حيث ان الشركة تمتنع عن سداد المخالفات التي تفرضها البلدية ويتحملها السائقون ما يسبب لهم ارهاقا في ميزانيتهم وما ادخره في ايام وشهور.
يقول مأمون ان متوسط دخله اليومي لا يتجاوز 80 ريالا يدفع نصفها للشركة مناصفة حسب الاتفاق المبرم بين السائق والشركة المسؤولة ولو خصمنا منها المصاريف اليومية من أكل وشرب فإن حصيلة عملنا اليومي لا تتجاوز 20 ريالا كحد أقصى، وأما عن المشكلات التي تواجهنا فهي كثيرة ولا تحصى وبشكل يومي حتى ان بعض سائقي السيارات يغضبون ان أوقفنا دراجاتنا في مواقف السيارات أمام المحلات ويصرخون علينا حتى نخرج من الموقف فهم يعتقدون ان هذه المواقف مخصصة للسيارات فقط فأين نركن نحن دراجاتنا؟.
جبر الخواطر
ويؤكد السائق سعيد حاجي ما قاله زملاؤه عن التحديات والصعوبات التي تواجه مهنة سائق الدليفري وقال إن سائقي السيارات لا يعيرون لنا اي اهتمام ولا يفتحون لنا الطريق ويزاحموننا في الطرقات وبمجرد أن تأتي خلفي سيارة يبادر صاحب السيارة (بتكبيس) الأنوار العالية في محاولة منه لإزعاجنا كي نفسح له الطريق في وقت لا يمكننا فعل ذلك نتيجة زحام السيارات ولكن للأسف كثير من سائقي السيارات لا يبالون ولا يحترمون سائقي (الدليفري) ويقول حاجي إن (البخشيش) والاكراميات صارت شبه معدومة ولا أدري ما السبب فهي تسعد وتجبر خاطر سائق التوصيل رغم قلتها ولكنها تساهم شيئا ما في توفير وجبة العشاء له. ويؤكد حاجي أهمية ان تلزم الجهات المختصة الشركات المسؤولة عن خدمات التوصيل أن تجري الصيانة الدورية للدراجات والسيارات حيث انها تتعرض لكثير من الاعطال والشركات تماطل في إصلاحها ما يعرض السائقين لخطورة حوادث السير.
موقف لا أنساه
ويقول سائق دراجة التوصيل جعفر حسين ان العمل الحلال ليس عيبا وكل عمل له حسناته وسلبياته ولكن اي مهنة تفتقر الى الاحترام والتقدير تبقى مهنة مغبونة يكرهها صاحب العمل، فلو وجد سائق الدليفري الاحترام في الطريق من سائقي السيارات والزبائن لن يشتكي أحد منهم، وعن أصعب الظروف التي مر بها يقول جعفر جاءتني طلبية وجبة غداء وعند استلامها حاولت الوصول الى الزبون بكل سرعة رغم حرارة الشمس حيث الساعة تقارب الواحدة ظهرا، ولأن صاحب الطلب كان قد أرسل إلي العنوان (اللوكيشن بالخطأ) اضطررت أن ابحث عن بيته لمدة ساعة في حرارة الشمس وعندما كلمني بالهاتف وارسل العنوان الصحيح وبعد مشقة وتحمل قال لي لا أريد الطلب ولن أدفع لك شيئا ووجه لي عددا من الشتائم ما جعلني أبكي ألما وحسرة ودعوت الله أن يرزقني بعمل آخر أجد فيه من الاحترام والتقدير كإنسان على أقل تقدير.
حوادث سير
اما بابو كريشنا قال ان مهنة التوصيل وقيادة الدراجة مهنة خطرة وتتطلب الحذر الشديد فلا يكاد يخلو يوم الا ويصاب احد زملائنا بحادث بسيط أو كبير وغالبا ما تكون هذه الحوادث نتيجة احتكاك السيارات الصغيرة والمركبات الثقيلة مغ الدراجات النارية في الطريق حيث ان الخوذة لا تكفي لحمايتنا وهي تحمي الرأس فقط وأي حادث يحصل لنا في الغالب يعرضنا للكسور والجروح فمجرد سقوطي من الدراجة بحد ذاته كارثة، وأغلبنا يتحمل المرض والكسور ليستمر في عمله ولا يتوقف لأننا نعتمد على معيشتنا من خلال دخلنا اليومي وكل يوم نتوقف يستنزف من قوتنا ومن ميزانيتنا.
ونحن كسائقي دراجات «الدليفري» كل ما نحتاجه مزيد من الاحترام في الطريق وتفهم الزبائن لعملنا والمشقة التي نعاني منها لأن جل ما يتمناه اي زبون ان تصل اليه وجبة ساخنة دافئة، بينما يتغافل الكثيرون عن الصعوبات التي نواجهها سواء في الطريق أو من احوال الطقس في سبيل ان نصل اليهم وان لم نحصل على بخشيش واكرامية تكفينا ابتسامة رضا وكلمة شكر.
مساحة إعلانية