محليات
0
الهدنة الروسية في أوكرانيا تدخل حيز التنفيذ وسط شكوك بنجاحها
هدنة روسية في أوكرانيا – أ ف ب
الدوحة – قنا
للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير من العام الماضي، أعلنت روسيا هدنة واسعة النطاق على طول خط التماس وجبهات القتال بين الطرفين مدتها ست وثلاثون ساعة، وقد دخلت الهدنة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيز التنفيذ، ظهر اليوم وستستمر حتى منتصف ليل يوم غد السبت، حيث أوضح الكرملين أن الهدنة المعلنة من جانب واحد جاءت بعد دعوة من رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بوصفها “هدنة” بمناسبة احتفالات عيد الميلاد.
لكن الجانب الأوكراني سارع لرفض أول هدنة رئيسية في الحرب المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الجانبين ودمرت مساحات شاسعة من أوكرانيا، ووصفها بـ”النفاق”، كما اعتبرها استراتيجية من جانب موسكو لكسب الوقت لإعادة تجميع قواتها وتعزيز دفاعاتها بعد سلسلة من الانتكاسات في ساحة المعركة، وقال إنه من غير الممكن إعلان “هدنة مؤقتة” إلا عندما تغادر روسيا الأراضي الأوكرانية.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن وقف إطلاق النار أحادي الجانب “لا يمكن ولا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد”.
كما صرح أندريه يارماك، مستشار الرئيس الأوكراني، بأن الخطة التي طرحها الرئيس زيلينسكي للسلام في وقت سابق – والتي تركز بشكل أساسي على انسحاب القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم – هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب بين البلدين، مضيفا – في تغريدة على تويتر- أن الروس مع الوقت لا يملكون أي خيار سوى سحب قواتهم من الأراضي الأوكرانية أو خسارة عشرات الآلاف من جنودهم.
وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن تعليقا على الهدنة “إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول تنفس الصعداء بوقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة”.
كما شككت الخارجية الأمريكية بالهدنة الروسية وقالت إنها جاءت بعد مهاجمة موسكو للبنية التحتية الأوكرانية يوم رأس السنة، مضيفة أنه إذا كانت روسيا جادة بشأن السلام وإنهاء الحرب فعليها سحب قواتها من الأراضي الأوكرانية.
وفي برلين، اعتبرت الخارجية الألمانية أن وقف إطلاق النار الروسي في أوكرانيا “لن يجلب الحرية ولا الأمان للأشخاص الذين يعيشون في خوف كل يوم”، فيما أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة أن أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة “سيرحب بأي هدنة في أوكرانيا خلال عيد الميلاد”، مع العلم أن ذلك لن يحل محل سلام عادل يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وفي غضون ذلك عبرت تركيا عن عزمها الاستمرار في جهودها للسلام بين موسكو وكييف، وأعلنت على لسان إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية في تغريدة له في حسابه على “تويتر” أنها ستواصل جهودها المكثفة لفتح الطريق أمام المفاوضات في جميع المجالات بدءا من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصولا إلى نقل الحبوب والأمن النووي”. وقال إن من الواضح أن الحرب الروسية الأوكرانية ستشتد في الأشهر المقبلة، وهذا يعني المزيد من الموت والدمار والأزمات العميقة طويلة الأمد”.
وتعمل تركيا على تفعيل جهود السلام بين البلدين، ولعبت دورا هاما في هذا المسار، وأسفرت جهودها عن نتائج مهمة مثل صفقة الحبوب التاريخية وتبادل أسرى الحرب.
وقد بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس العلاقات الثنائية، لا سيما مسألة الطاقة، وقضايا إقليمية منها حرب أوكرانيا والأزمة السورية.
وأشار أردوغان إلى أن مبادرات ممر الحبوب وتبادل الأسرى وإقامة منطقة آمنة في محيط محطة زابوريجيا للطاقة النووية، أظهرت أن المفاوضات المتعلقة بالحرب الروسية-الأوكرانية أفضت إلى نتائج إيجابية. وشدد على أن الدعوات إلى السلام والتفاوض بين الجانبين يجب أن تدعمها مبادرة لوقف إطلاق النار من جانب “موسكو”، ورؤية الحلّ العادل.
من جهته أشار الكرملين إلى أن الرئيس بوتين أبلغ نظيره التركي خلال المحادثة الهاتفية أن موسكو مستعدة للحوار إذا اعترفت كييف بما أسماه “الحقائق الإقليمية الجديدة”، في إشارة على ما يبدو للمناطق الأوكرانية التي ضمتها روسيا إليها.
وكانت أوكرانيا قد رفضت في السابق هذا الطلب ووصفته بأنه “غير مقبول على الإطلاق”.
كما بحث أردوغان أمس في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني دعم “أنقرة” لأوكرانيا فيما يخصّ المساعدات الإنسانية والطاقة، والتطورات في ممر الحبوب.
ووقعت تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا في يوليو الماضي اتفاقية في “اسطنبول” لاستئناف صادرات الحبوب من ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود، التي توقفت في فبراير 2022 على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وعلى الرغم من دخول الهدنة حيز التنفيذ ، إلا أن المراقبين لا يعلقون عليها آمالا كبرى نظرا لوقتها المحدد بست وثلاثين ساعة فقط ونظرا للتباعد الكبير في مواقف طرفي الصراع ومطالبها وشروطهما المعلنة لوقف إطلاق النار ، وقد أفادت تقارير عديدة باستمرار المعارك على أكثر من جبهة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها بدأت الالتزام بوقف إطلاق النار اعتبارا من ظهر اليوم بتوقيت موسكو على طول خط التماس بأكمله، لكنها اتهمت القوات الأوكرانية بمواصلة قصفها للمواقع العسكرية ولما وصفتها بالمناطق التي يسكنها الروس.
كما أفادت الأنباء بتواصل القصف المدفعي على جانبي الجبهة في مدينة /باخموت/، مركز المعارك شرقي أوكرانيا، فيما أشارت تقارير صحفية إلى سماع دوي قصف من الجانبين الروسي والأوكراني بعد بدء سريان وقف إطلاق النار، في هذه المدينة التي دمرت شوارعها إلى حد كبير جراء المعارك التي تراجعت حدتها مقارنة مع الأيام السابقة.
مساحة إعلانية