محليات
0
الدوحة – قنا
بدأت اليوم، فعاليات اجتماع مجموعة العمل الفنية المعنية بتطوير معايير ونظام إصدار شهادات الثقة والمساءلة بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والذي يستضيفه الهلال الأحمر القطري على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة مسؤولي وخبراء العمل الإنساني حول العالم .
وتركزت المحاور النقاشية للاجتماع على آليات تحسين جودة الخدمات الإنسانية وزيادة الشفافية في القطاع الإنساني، من خلال تحسين الاستجابة لحالات الطوارئ والتحديات الإنسانية المعقدة.
وفي هذا الإطار، قال سعادة السيد يوسف بن علي الخاطر رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري إن اجتماع اليوم يمثل خطوة مهمة في تعزيز العمل الإنساني حول العالم، مشيرا إلى أن تطوير معايير ونظام إصدار شهادات الثقة والمساءلة بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر سيحقق التكامل والتكاتف بين الجمعيات الوطنية، ما يمكنها من تقديم أفضل مساعدة ممكنة للمحتاجين في جميع أنحاء العالم.
واستعرض الخاطر خلال الاجتماع التحديات الكبيرة التي يواجهها عالم اليوم، مثل النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والفقر المدقع، ما يؤكد الحاجة لأن يكون الجميع أكثر استعدادا وتكاتفا، باعتبارهم أعضاء في الحركة الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمواجهة هذه التحديات .
ولفت في سياق ذي صلة إلى أن الانتقادات الكبيرة التي واجهتها الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية بسبب قصور أدائها في أعقاب أزمة اللاجئين بالبحيرات الكبرى عام 1994 نتيجة الحرب الأهلية في رواندا، فتحت الباب وقتها للعمل على تطوير معايير “إسفير” /التي تضمن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للسكان المتضررين من الكوارث الطبيعية والأزمات الأخرى/، مؤكدا أن اهميتها الكبيرة برزت في العمل الإنساني خلال العقدين الماضيين.
ونبه سعادة رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري في سياق متصل إلى أن مأساة الإبادة الجماعية المروعة في غزة للمدنيين والفرق والطواقم الطبية والإنسانية، وما يشهده العالم خلالها من تزايد لحالات العنف والقتل وانتهاك القانون الدولي الإنساني بصورة لم يسبق لها مثيل، تضع الحركة الإنسانية على جميع مستوياتها في اختبار حقيقي، وتدفع الجميع للعمل الجاد لاستعادة ثقة الضعفاء والمحتاجين الذين تتبنى الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر نصرتهم، وكذا إثبات قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم الإنسانية وتعزيز التزام المجتمع الدولي بالقانون الدولي الإنساني.
وأضاف قائلا “في سياق هذه الأحداث، وإيمانا بقدرة الحركة الدولية على إيجاد طرق لتحسين جودة المساعدة المقدمة وبناء إطار قوي للمساءلة، فإننا نثق في أن تطوير المعايير الجديدة سيعزز الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وتحقيق التكامل بين الجمعيات الوطنية لتقديم المساعدة الإنسانية بطرق فعالة لجميع الفئات المتضررة”.
ونوه بأنه في سياق ما سبق فإن المعايير الجديدة يجب أن تركز على مجالات تعزيز حماية المدنيين والفرق الطبية الإنسانية، بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، وكذا تعزيز قدرة الجمعيات الوطنية على العمل والتكيف مع الأزمات المعقدة وطويلة الأمد، بما في ذلك الأزمات الناتجة عن النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، وتعزيز أيضا المشاركة الفعالة للجمعيات المحلية في صنع القرار، بما يضمن أن تكون المساعدة الإنسانية ملبية لاحتياجاتهم ومحققة لتطلعاتهم، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الجمعيات الوطنية على كسب ثقة المانحين والشركاء والجهات الداعمة لتحقيق الاستدامة المالية التي تمكن الجمعيات من القيام بدورها في تقديم المساعدة الإنسانية، وحصول المجتمعات المتضررة على المساعدة التي تحتاجها في الوقت المناسب.
وأكد سعادة السيد الخاطر التزام الهلال الأحمر القطري بدعم جهود تطوير هذه المعايير الجديدة ، معربا عن ثقته في أنها ستساعد في أن يكون الجميع أكثر فعالية وتكاتفا باعتبارهم أعضاء في الحركة الدولية الإنسانية، ما يجعلهم مثالا يحتذى به لجميع العاملين الإنسانيين من حيث الالتزام بالمبادئ الإنسانية في جميع الظروف.
وعبر عن تقديره للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لاختياره دولة قطر لاستضافة هذا الاجتماع المهم، ما يعكس تقديره لأهميتها في تعزيز العمل الإنساني حول العالم.
ونوه السيد فرانك مورهاور مدير خدمات تطوير الجمعيات الوطنية بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، بالتزام الهلال الأحمر القطري الراسخ ودعمه القيم باستضافته لهذا الاجتماع واهتمامه بتطوير برنامج شهادات الاتحاد، لما لذلك من أثر عظيم في تعزيز الثقة والمساءلة داخل الشبكة الإنسانية العالمية.
ولفت إلى أنه في القطاع الإنساني والتنموي، تعد الثقة حجر الزاوية للوصول للمحتاجين، وحشد الدعم، وتعبئة الموارد بشكل فعال، وقال: إن ذلك ينطبق بشكل خاص على الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي يقوم الملايين من متطوعيها بدور محوري في تطوير البرامج وتقديم الخدمات الحيوية، مبينا أن هذه الجمعيات لديها ميزة خاصة بدورها المساند لدولها، من خلال العمل كشبكة واحدة للوفاء بالتزاماتها على الصعيد المحلي، وإحداث التأثير على الصعيد العالمي.
وأوضح أن شبكة الاتحاد، التي تضم 191 جمعية وطنية مجتمعية، تعمل كقوة عالمية فريدة من نوعها للعمل المحلي، من خلال المساهمة في الصمود، والتمكين، والتماسك الاجتماعي، وبناء السلام في المجتمعات المحلية.
ومضى إلى القول “مع وجود أكثر من 16 مليون متطوع على مستوى 190,000 فرع ووحدة محلية، فإننا نمثل عوامل فاعلة للتغيير على المستوى المجتمعي، من خلال تقديم الدعم الحيوي وتعزيز صمود الناس في مواقف الضعف والاحتياج” .
وبين أنه بالنظر إلى التغير والسياقات دائمة الصعوبة التي يعمل فيها الجميع، لا تكون الثقة والمساءلة مجرد مبادئ فحسب، بل ضرورات استراتيجية “تقع في قلب استراتيجيتنا لعام 2030 وأجندتنا للتجديد، من خلال تعزيز الالتزام بالممارسات الأخلاقية ووضع المساءلة الشخصية والمؤسسية في طليعة عملنا” .
وذكر أنه مع تزايد إدراك القطاع الإنساني بمفهومه الأوسع للدور الحاسم الذي تلعبه المنظمات المحلية الموثوق بها، فإن الجمعيات الوطنية تواجه تدقيقا متزايدا على آليات المساءلة وتقييمات العناية الواجبة لديها، وبالتالي فإن دعمها كي تصبح منظمات محلية قوية وموثوقا بها يأتي دائما في صميم رسالة الاتحاد.
وقال إن تطوير برنامج شهادات الاتحاد المتركزة حول الثقة والمساءلة يعد فرصة كبيرة لدمج الجهود سويا، لكون هذه الشهادات ستمكن الجمعيات الوطنية من إثبات أنها جهات شريكة مفضلة بالنسبة للحكومات والشركاء والمانحين، وبالتالي فهي تعد أداة حاسمة في دعم تطوير الجمعيات الوطنية كي تصبح الأفضل بين أقرانها فيما يتعلق بالثقة والمساءلة.
ولفت إلى أن برنامج الشهادات الجديد يتطرق بمجالات تركيزه الستة، إلى جوانب رئيسية مثل المشاركة المجتمعية، والمساءلة، والتدابير الوقائية، والمساءلة المالية، والقاعدة والقيادة القانونية، وغيرها، ويهدف إلى إحداث التناغم في معايير الثقة والمساءلة عبر شبكة الاتحاد، ما يخلق فهما مشتركا للتوقعات.
وأكد التزام الاتحاد بضمان أن يكون برنامج الشهادات هذا مناسبا وقابلا للتحقيق بالنسبة لمختلف الجمعيات الوطنية الأعضاء، وأن من المهم في هذا الأمر أن تتمتع عملية إصدار الشهادات بالمصداقية في نظر الشركاء والمانحين الخارجيين، مما يخلق فرص تمويل جديدة ويسهل عمليات تقييم العناية الواجبة.
وبين أن مجموعة عمل الجمعيات الوطنية هي التي توجه عملية تطوير البرنامج، وتركز على ثلاثة مسارات عمل رئيسية هي تطوير المعايير، وتحديد عملية إصدار الشهادات، وإشراك أصحاب المصلحة الرئيسيين. وقال إنه يجري حاليا إعداد ملف كامل يتضمن المعايير والخيارات الرئيسية لعملية إصدار الشهادات بهدف ضمان مصداقيتها، ليتم طرحه لمزيد من التشاور مع أعضاء الاتحاد، تمهيدا لرفعه لاحقا للاعتماد من الجمعية العامة للاتحاد في أكتوبر 2024.
وتابع “برنامج شهادات الاتحاد ليس مجرد قيمة داخلية فحسب، بل من الممكن أن يحفز القطاع الإنساني والتنموي بأكمله، من خلال بناء وتعزيز الموثوقية والمساءلة لكافة الأطراف الفاعلة ذات الصلة”.
وفي تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ على هامش الاجتماع أشاد السيد فرانك مورهاور، بالدور الإنساني الهام الذي يضطلع به الهلال الأحمر القطري على جميع المستويات، مبينا أن استضافته لهذا الاجتماع تدلل على ذلك.
وأكد أهمية تطوير معايير ونظام إصدار شهادات الثقة والمساءلة محل النقاش في اجتماع الدوحة وحتى بالنسبة للمانحين والمتطوعين، ودوره في ترقية الخدمات وجودتها فيما يعنى بالعمل الإنساني، بما في ذلك آليات المساءلة والشفافية، ما يساعد في الوصول للمحتاجين والمتضررين، وبالأخص في أوقات الطوارئ والأزمات .
ويهدف الاجتماع على مدى أيام انعقاده إلى مناقشة المعايير التي تم وضعها لبرنامج الاعتماد، بالإضافة إلى عملية منح الشهادة، ويتوقع أن تمثل نتائجه حجر زاوية في بناء خطة وبرنامج الاعتماد الجديد، الذي من شأنه تعزيز الثقة الدولية ومستوى المساءلة في هذا المجال الحيوي، لضمان تقديم أفضل خدمة إنسانية للمجتمعات المنكوبة.
ويحرص الهلال الأحمر القطري دائما على احتضان مثل هذه الاجتماعات التطويرية الهامة، التي تمهد الطريق لخلق بيئة نموذجية من شأنها تحقيق نقلة نوعية في ساحة العمل الإنساني، باعتباره جزءا فاعلا من الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ويسترشد في عمله بالمبادئ الأساسية للعمل الإنساني، كما يسعى لتحقيق رسالته ورؤيته الإنسانية تحت مظلة الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وبالتعاون مع شركائه من الجمعيات الوطنية.
مساحة إعلانية