عربي ودولي
204
بريطانيا: أزمة نجم البرامج الرياضية تهز الـ BBC
لندن – هويدا باز
يبدو أن دراما الصراع الأخير بين نجم البرامج الرياضية جاري لينكر وهيئة الإذاعة البريطانية لم تنته بعد رغم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين وعودة لينكر إلى برنامجه الرياضي (مباراة اليوم) الذي يبث يومي السبت والأحد من كل أسبوع بعد أن كانت الهيئة قد أوقفت تقديمه للبرنامج لحلقة واحدة السبت 11 مارس، إثر تغريدة له على صفحته بموقع تويتر انتقد فيها سياسة التضييق على اللاجئين التي تنتهجها الحكومة البريطانية، مشبّها إياها بسياسات النازيين.
وما إن أطلق لينكر تغريدته عبر تويتر إلا وكانت إدارة الـ»بي بي سي» له بالمرصاد فعاقبته بمنعه من تقديمه لحلقة البرنامج يوم السبت 11 مارس، أما السبب المعلن من قبل البي بي سي فكان «إخلال لينكر بقواعد الحياد التي تفرضها المؤسسة» إلا أن التضامن المبهر الذي لقيه لينكر من جمهوره والنجوم الرياضيين الذين يشاركونه تقديم البرنامج ارغم الـ»بي بي سي» على التراجع والتوصل لاتفاق معه أعاده من جديد إلى شاشة الشبكة.
تداعيات الأزمة
غير أن الدراما التي صاحبت أزمة لينكر مع البي بي سي والتي تابعها الرأي العام البريطاني تبدو وقد ألقت بظلالها على المؤسسة التي حظيت دوما بتقدير الجمهور البريطاني فقد أظهر استطلاع للرأي أجري بشكل حصري لصالح صحيفة (ديلي إكسبريس) أن ما يقرب من نصف الجمهور البريطاني يعتقد أن صورة البي بي سي قد تضررت بالفعل بسبب قصة جاري لينكر وما تبعها من دراما التغطية الإخبارية والتصريحات المتتالية من قبل أطراف عدة، وتشير نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة (تيكني يو كي ) إلى أن نسبة 48 بالمئة من الأشخاص رأوا أن الدراما المحيطة بالقضية قد أضرت بسمعة البي بي سي في حين رأت نسبة 36 من المستطلعة آراؤهم أنها لم تضر بسمعة المؤسسة بينما قال 16 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أنهم لا يعرفون.
وفي دليل قوي على اللغط الذي بات يثار بشأن المؤسسة العريقة وبات منعكسا على صفحات الصحف، كانت الرئيسة التنفيذية لهيئة تنظيم البث في المملكة المتحدة ميلاني دوز قد حذرت نواب البرلمان البريطاني من أن سمعة الـ»بي بي سي» قد تضررت بسبب وقف تلك الحلقة من برنامج ( مباراة اليوم) للنجم جاري لينكر، وقالت دوز أمام لجنة الاختيار بمجلس العموم عن اليوم الذي أوقفت فيه حلقة البرنامج « لم تكن عطلة نهاية أسبوع رائعة لمشجعي بي بي سي سبورت وأعتقد أننا جميعًا سعداء برؤية الـ»بي بي سي» تتخطى أزمة تلك الحلقة لكن من الواضح أن ذلك يضرب في السمعة الأوسع نطاقا فيما يتعلق بالحيادية في برامج المؤسسة وتغطيتها للأخبار وشؤون الساعة». وطالبت دوز البي بي سي بإعادة النظر في قواعدها الخاصة بمنع موظفيها من الكتابة عن آرائهم عبر حسابات التواصل الاجتماعي فيما يعرف بالحرص على الحيادية قائلة إن ذلك لايبدو منطقيا في وقت انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي.
جدل حول حيادية المؤسسة
وكان الصراع بين لينكر والـ»بي بي سي» قد فجر جدلا بشأن حيادية الـ «بي بي سي» نفسها حيث انتقد كثير من الكتاب المؤسسة قائلين إنها باتت منحازة بصورة واضحة إلى حزب المحافظين وقد تحدثت عدة تقارير في الصحف البريطانية مؤخرا عن تقديم رئيس مجلس الإدارة الحالي للـ»بي بي سي» ريتشارد شارب تبرعات مالية سخية للحزب، وكيف أنه توسط لبوريس جونسون رئيس الوزراء السابق، حينما كان رئيسا للحكومة، لتسهيل حصوله على قرض قيمته 800 ألف جنيه، قبل فترة قصيرة جدا من ترشح شارب ترشحه للمنصب الأعلى في الـ»بي بي سي»، واعتبرت عدة أصوات على صفحات الصحف البريطانية أن هناك أصواتا تمتدح الحكومة في الـ»بي بي سي» لكنها لا تتعرض لما تعرض له جاري لينكر حين انتقدها وأن لينكر لو امتدح أداء الحكومة في ملف اللاجئين أو غيره من الملفات لم يكن ليتعرض لأي مساءلة.
وتواجه الـ»بي بي سي» ضغوطا كبيرة بفعل الأزمة الاقتصادية وخطط الحكومة لإلغاء الرخصة التليفزيونية التي يجب أن يحصل عليها كل من يملك جهاز تليفزيون في المملكة المتحدة وكانت تشكل عماد التمويل الـ»بي بي سي» وسيتعين على المؤسسة وفق خططها المعلنة أن تخفض ميزانيتها الإجمالية بمقدار 500 مليون جنيه استرليني، وهو ما ألقت النقابات باللوم فيه على حكومة بريطانيا.
وقد كانت خدمة الـ»بي بي سي» للراديو الناطقة بالعربية أحدى ضحايا خطط الـ»بي بي سي» لتقليص ميزانيتها وخدماتها إذ تمت الإطاحة بها وتوقف بثها بعد خمسة وثمانين عاما من النجاح والشعبية التي حققتها في المنطقة العربية، لكن الخدمة العربية لم تكن وحدها فقد كانت ضمن خطة تم الاستغناء فيها عن 400 موظف وإغلاق إذاعات بعدة لغات عالمية، في وقت يتحدث فيها العاملون في تليفزيون الـ»بي بي سي» العربي أيضا عن خطط أخرى قادمة لتسريح المزيد من العاملين بالخدمة.
مساحة إعلانية