بالحرب العالمية الثانية، عاش العالم على وقع العديد من الكوارث البحرية التي أسفرت عن سقوط أعداد هائلة من القتلى. فيوم 30 يناير/جانفي 1945، استهدف السوفييت السفينة الألمانية فيلهلم غوتسلوف، التي أجلت أعدادا كبير من المدنيين والجنود الجرحى، متسببين في مقتل حوالي 9400 شخص. وبعدها بأشهر استهدف السوفييت خلال شهر نيسان/أبريل 1945 سفينة غويا (Goya) الألمانية قرب بحر البلطيق لتغوص بذلك الأخيرة نحو الأعماق ساحبة معها أكثر من 7 آلاف شخص.
وخلال العام 1944، كان البحر الأبيض المتوسط على موعد مع كارثة بحرية مشابهة. فعقب استيلاء الألمان عليها، واجهت السفينة أوريا (Oria) اعصارا أسفر عن خرابها وغرق الآلاف ممن كانوا على متنها.
أوريا بقبضة الألمان
إلى ذلك، بنيت سفينة أوريا عام 1920، لصالح مؤسسة نقل بحري نرويجية، بأحد أحواض بناء السفن بمنطقة ساندرلاند البريطانية. وعند دخولها الخدمة، قدر وزن أوريا بنحو 2127 طنا بينما بلغ طولها حوالي 87 مترا. فضلا عن ذلك، زودت الأخيرة بمحرك سمح لها ببلوغ سرعة قصوى عادلت 19 كلم بالساعة.
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، كانت السفينة أوريا في مهمة قادتها نحو شمال أفريقيا. ومع سقوط النرويج بقبضة الألمان، تواجدت الأخيرة بميناء الدار البيضاء الذي ضلت عالقة به على إثر الإجتياح الألماني لفرنسا واستسلام باريس أثناء شهر حزيران/يونيو 1940. بالعام التالي، استولت حكومة فيشي (Vichy) بفرنسا، العميلة للألمان، على السفينة أوريا واتجهت لإستخدامها بالبحر الأبيض المتوسط. وأواخر العام 1942، سلمت هذه السفينة، النرويجية الأصل، للألمان الذين فضلوا الإعتماد عليها بمهام نقل الجنود والأسرى.
أكثر من 4000 ضحية إيطالي
عقب نجاح الحملة على دوديكانيسيا خريف العام 1943، اتجه الألمان لنقل عشرات الآلاف من الأسرى الإيطاليين، الذين تخلوا عن موسوليني والتحقوا بالحلفاء عقب غزو الجنوب الإيطالي، نحو اليونان. ولإنجاح هذه الخطة، لجأ الألمان للإعتماد على بعض السفن التي تواجدت بحوزتهم حيث أجبر الآلاف من الإيطاليين للتكدس داخلها استعدادا لترحيلهم نحو أراضي اليونان.
إلى ذلك، تواجدت السفينة أوريا ضمن السفن التي كلفت بنقل الأسرى الإيطاليين. ويوم 11 شباط/فبراير 1944، أبحرت الأخيرة من جزيرة رودس (Rhodes) نحو بيرايوس (Piraeus) حاملة على متنها أكثر 4116 أسير إيطالي.
باليوم التالي، واجهت أوريا إعصارا دفع بها نحو منطقة خليج سونيون (Sounion). وهنالك، ارتطمت هذه السفينة بالصخور قبل أن تغوص بشكل سريع نحو القاع عقب تسرب كميات كبيرة من المياه إليها. لاحقا، حلت فرق الإنقاذ الألمانية بالمنطقة لتتمكن من إنقاذ عدد ضئيل من الأشخاص لم يتجاوز الثلاثين نفرا.
أسفرت هذه الكارثة البحرية عن مقتل حوالي 4100 إيطالي إضافة لخمسة عشر ألماني وواحد وعشرين يوناني لتصنف بذلك كواحدة من أكبر الكوارث البحرية التي شهدها البحر الأبيض المتوسط على مر تاريخه.