محليات
30
❖ وفاء زايد
ثار جدل قانوني أوردته المجلة القانونية والقضائية في عددها الجديد الصادر عن وزارة العدل في فتوى قانونية صادرة عن إدارة الفتوى والدراسات القانونية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، حول تحديد فترة استحقاق موظفات المدارس إجازة وضع إذا تخللت عطلة المدارس الدورية الصيفية، وأنه وفق المادة 25 من النظام الوظيفي لموظفي المدارس الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 32 لسنة 2019 أوضحت بصورة قاطعة بأنّ إجازة الوضع لا تملك جهة عمل الموظفة حيالها أدنى سلطة تقديرية، إذ بمجرد تقديم الموظفة ما يثبت واقعة الوضع، فإنه يتعين على تلك الجهة منحها إجازة لمدة شهرين براتب إجمالي.
ولم تكتف تلك المادة بالتأكيد على وجوبية إجازة الوضع، وإنما أعقبته بحكم آخر أنه لا يجوز لجهة عمل الموظفة احتساب إجازة الوضع ضمن الإجازات الأخرى المستحقة لها باعتبار أنّ إجازة الوضع يتعين منحها للموظفة منفصلة عن باقي الإجازات الأخرى، ولا يجوز أن تمنح مع أو خلال إجازة أخرى، ومن بينها بطبيعة الحال الإجازة الدورية الصيفية في ضوء عمومية عبارة (إجازاتها الأخرى) التي وردت بالمادة القانونية.
تفيد الواقعة أنه تقدم عدد من موظفات جهة حكومية بطلب منحهنّ إجازة وضع بعد انتهاء إجازة المدارس الدورية الصيفية رغم أنهنّ وضعنّ في فترة الإجازة الدورية الصيفية، وتزامن ولادة إحدى موظفات المدارس مع بداية تلك الإجازة وفقاً للتقويم الأكاديمي السنوي، وتمّ منحها إجازة وضع إلا أنها تطلب إجازة وضع من بداية العام الأكاديمي وليس خلال فترة الإجازة الصيفية للمدارس، مما أدى بإدارة الموارد البشرية بتلك الجهة لرفض طلبها.
وكانت إجازة الوضع لمدة شهرين مماثلة لعدد أيام الإجازة الدورية السنوية للمدارس ومتصادمة معها، وهذا الأمر يتطلب معه تحديد تاريخ استحقاق الموظفة لإجازة الوضع بعد إجازة المدارس الدورية الصيفية من عدمه.
حقوق الموظفات
واختلف الرأي حول مفهوم نص المادة 25 من القرار، الذي انقسم إلى قسمين: الأول هو أحقية الموظفة لإجازة وضع مع بداية العام الأكاديمي على ألا تحسب من إجازاتها الأخرى، والثاني: أحقية الموظفة لإجازة الوضع اعتباراً من تاريخ الوضع وإن كان خلال الإجازة الدورية الصيفية وليس اعتباراً من بداية العام السنوي، لأنه لا يمكن أن يستحق الموظف الإجازة بأثر رجعي.
والمسألة القانونية التي طرحت للنقاش هي مدى استحقاق الموظفة المتزامنة إجازة الوضع الممنوحة لها مع بداية الإجازة الدورية وهي إجازة وضع بواقع شهرين وبراتب إجمالي تبدأ مع بداية العام الأكاديمي.
وأوردت المجلة في فتواها حيثيات دراسة طلب الرأي، وهو أنّ القانون رقم 9 لسنة 2017 بشأن تنظيم المدارس أناط بمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير التربية والتعليم والتعليم العالي تحديد مواعيد الدراسة والعطلات في المدارس، فقد صدر التقويم السنوي للمدارس ويتضمن تحديد مواعيد بدء دوام موظفي المدارس وإجازاتهم.
نظام وظيفي
وأسند القانون إنشاء نظام وظيفي لموظفي المدارس، يحدد الحقوق والمزايا الوظيفية التي تمنح لهم، وبناء عليه أصدر مجلس الوزراء النظام الوظيفي، وقررت المادة 2 سريان أحكام قانون الموارد البشرية المدنية ولائحته التنفيذية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في النظام استناداً إلى أنّ القانون يعتبر الشريعة العامة للتوظيف في الدولة.
وتناولت المادة 1 من النظام الوظيفي بالتعريف بعض المصطلحات، ومن بينها الوزارة بأنها وزارة التعليم والتعليم العالي، والوزير هو وزير التعليم والإدارة المختصة هي إدارة الموارد البشرية، كما عرف الموظف بأنه مدير المدرسة أو الموظف الأكاديمي أو الموظف الإداري، والقانون هو قانون الموارد البشرية المدنية رقم 15 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية في تحديد الإجازة الدورية المستحقة للموظفين.
واشترطت المادة منح الموظفة هذه الإجازة أن تقدم تقريراً طبياً يثبت الوضع، أو صورة طبق الأصل من شهادة ميلاد الطفل، وفي حالة وضع توائم تكون الإجازة لمدة 3 أشهر، كما أجازت المادة القانونية للوزير تمديد هذه الإجازة لمدة لا تجاوز شهراً على أن تستحق الموظفة الراتب الأساسي.
النص قاطع الدلالة
ومن المقرر أنه متى كان النص صريحاً جليّ المعنى قاطع الدلالة في مراد المشرع منه فلا محل لتأويله والخروج عنه، ومن المسلم أنّ الإجازات هي أحد الحقوق التي كفلها المشرع لكل موظف ليستعيد الموظف خلالها قواه المادية والمعنوية، فهو يتصل بقيمة العمل وجدواه، وينعكس على كيان المجموعة، ويمس مصالحها العليا صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية، ويعد حقاً مقرراً للموظف بنص القانون، ويظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة فلا يجوز أن ينزل عنها وإلا كان التخلي عنها إضراراً بمصلحة العمل، وهي فريضة اقتضاها المشرع لكل من الموظف وجهة الإدارة.
وهذا لا يغير من أحقية الموظفة لإجازة الوضع اعتباراً من تاريخ الوضع وإن كان خلال الإجازة الدورية وليس اعتباراً من بداية العام الأكاديمي لأنه لا يمكن أن يستحق الموظف الإجازة بأثر رجعي، وذلك مردود عليه بأنّ الإجازة هي انقطاع مشروع عن العمل، فلا تكون إلا إذا توفر سببها أثناء القيام بأداء العمل أما إذا حدث أثناء الإجازة سبب مبرر فيؤدي إلى تغيير نوع الإجازة تبعاً لتغير سببها.
والثابت من هذه الواقعة بدء الإجازة الدورية لموظفي المدارس وأنه في الإجازة وضعت الموظفة طفلها، وبالتالي فإنه لا يجوز لها خلال الإجازة الدورية الحصول على إجازة من نوع آخر كإجازة وضع إلا بعد انقضاء الإجازة الدورية الصيفية أي مع بدء العام الأكاديمي عملاً بالقاعدة المقررة (لا تستحق الإجازة أثناء إجازة).
مساحة إعلانية