محليات
330
❖ هديل صابر
انتقد الدكتور حمد الجابر- استشاري جراحة تجميل وترميم-، «الهبة» في الجراحات والإجراءات التجميلية التي عادة ما تقوم بها الإناث من المراهقات محاكاة لصور الفتيات اللاتي يطلق عليهن «مؤثرات» على منصات التواصل الاجتماعي كالانستجرام أو التيك توك، لافتاً إلى أنه في عيادته يرفض هو وطاقمه الطبي ما نسبته 30% من الحالات التي ليس لها دافع حقيقي أو منطقي لإجراء الجراحة خاصة جراحة تقويم الأنف، سوى أنها تريد محاكاة المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي أو مجموعة الأقران التي تحيط بها، متأسفا على جيل يختزل المثالية في المظهر الخارجي.
وأشار الدكتور الجابر في حوار مع «الشرق» إلى أنَّه ومن خلال خبراته المتراكمة في مجال جراحة التجميل والترميم، بات يكتشف الحالات التي تأتي إلى عيادته بسبب الإدمان على التجميل وليس لوجود سبب حقيقي أو مسوغ منطقي، وهذا ينم عن عدم الرضا عن الذات، لافتا إلى أنَّ في مثل هذه الحالات على الطبيب مسؤولية أخلاقية في توجيه المراجع أو المراجعة لما تمليه عليه أخلاقيات المهنة وليس «السوق عاوز كده»، مؤكدا رفضه إجراء أي جراحة طالما كان الشخص ليس بحاجة لها وإنما الدافع «الهوس»، لافتا إلى أنه عندما كان أحد أعضاء لجنة التراخيص تم وضع معايير لجراحات السمنة –على سبيل المثال لا الحصر- لخطورة الجراحة وتبعاتها في حال لم يكن الشخص حقيقة وضعه الصحي يتطلب إجراء هذه الجراحة، مؤكدا أن في عيادته لا يقوم هو أو طاقمه الطبي بإجراء أي جراحة إن كان المراجع واقع تحت ضغط مجتمعي وفي حالة صحية جيدة، فصحة المريض هي الفضلى وليس الهدف جني الأرباح، قائلا «إنَّ المهنة لها أخلاقها وهذا ما تعلمته وأقسمت عليه».
جراحات التجميل للرجال
وأضاف الدكتور الجابر قائلا «إنَّه بالرغم من أنَّ من بلغوا عمر الـ 18 عاما قادرون على إجراء أي إجراء دون ولي الأمر، إلا أنني لا زلت أشترط على هذه الأعمار حتى عمر 21 أن يكون أحد الوالدين أو أحد المقربين للمراجع للحديث معه، والتأكد من البيئة العامة التي تحيط بالشخص الراغب بإجراء الجراحة للتأكد من أن الدافع ليس نفسيا».
وأشار الدكتور الجابر إلى أنَّ نسبة إجراء جراحات التجميل بين كلا الجنسين قد تكون متقاربة، قائلا « عند فترة عملي في مؤسسة حمد الطبية كانت نسبة الرجال تصل إلى 49% مقارنة بالنساء، وحتى الآن في عيادتي نسبة النساء أكثر بقليل من الرجال، وغالبا الجراحات التي يقبل عليها الرجال تتعلق بجراحات الأنف والترميم ما بعد جراحات السمنة، وعادة الرجال يأتون وقد حددوا ما يريدون، بعكس النساء اللاتي عادة ما يأتون لمحاكاة أخريات أو لإحداث تغيير كلي، وبالنسبة لي أنا ضد التغيير الجذري ولا أستطيع أن أتكيف مع متطلبات التجميل التي تشوه ولا تحسن، ونحن ضد ما يراه المريض مناسبا وهو غير مناسب له، فنحن ضد سياسة «الزبون عايز كده»، أو تلبية للموضة».
جراحات الأنف دقيقة
وعرج الدكتور الجابر على فترة عمله في مستشفى الرميلة بمؤسسة حمد الطبية، قائلا «عملت في مستشفى الرميلة لمدة 18عاما، وكانت من أكثر السنوات متعة كما أكسبتني الكثير من الخبرة في بدايتي كطبيب، حيث كنا نتعامل مع حالات الحروق والإصابات والبتر، وأيضا العيوب الخلقية، وكان مخططي أن أعمل في العيوب الخلقية، كالشفة الأرنبية، والعيوب الخلقية في المسالك البولية للأطفال، لكن لم أجد نفسي في جراحات الأطفال بسبب الجانب النفسي الذي لم أقو على التغلب عليه، وللآن أقوم بإجراء جراحات تجميلية للشفة الأرنبية للبالغين فقط خاصة في المخيمات الخيرية التي تنظمها قطر الخيرية، لكنني بعد سنوات من العمل وجدت أنني أفضل جراحات الأنف فهي تعكس بعضا من شخصيتي، فأنا ضد الروتين حتى في مهنة الطب، وجراحات الأنف تحقق هذا الأمر، إذ أنَّ كل أنف يختلف عن الآخر، كما أنه من الجراحات التي تتطلب دقة عالية سيما وأنَّ الأنف هو بوابة الشخص فأي خطأ قد يتسبب بحالة نفسية لدى المريض كما أنَّ المريض وقتها سيفقد الثقة بطبيبه، لذا الآن 70% من الجراحات التي أجريها في العيادة جراحات أنف إلى جانب الترميم مابعد جراحات السمنة».
تسليع المهنة
وعلق الدكتور الجابر على ما إذا كان القطاع الصحي مستعدا للسياحة العلاجية في جراحات التجميل، قائلا « إنَّ هذا من الموضوعات الشائكة، ورأيي هو أنَّ القطاع الصحي في الدولة ليس مستعدا ليكون وجهة للسياحة العلاجية في جراحات التجميل، فالقوانين التي تحكم هذا القطاع صعبة، وتكاليف جراحات التجميل باهظة مقارنة بالدول المجاورة، وكثيرون يبحثون عن التكلفة القليلة، إذ أنَّ البعض بات يُسلِّع مهنة الطب وخاصة جراحات التجميل، فتسليع مهنة الطب تؤثر على المريض في المقام الأول لأن الشخص يقدم صحته قربانا للخدمة المتدنية السعر، فهذا يؤثر على الجودة عند بعض الأطباء الذين أيضا يريدون تحقيق ربح مادي وهذا حق من حقوقهم، لكن ليس جميع الأطباء ينصاعون لما هو موجود في السوق، والأهم لديهم النتائج النهائية للجراحة التي تكشف تميز طبيب عن آخر، وأضرب مثالا هنا في بعض الدول التي أصبحت تجري جراحات تجميل بأسعار بخسة إلا أن النتائج ضعيفة بل قد يصل الحال إلى وفاة الشخص، والسبب انعدام الجودة إذ أنَّ المريض لا يرى الطبيب المختص سوى قبل الجراحة، وفي بعض الأحيان لا يقوم الجراح المعين بإجرائها من الأساس، فالاقتصاد يجب أن يكون منفتحا أكثر، مع دراسة التجارب المحيطة، والتوازن ما بين التكلفة والجودة».
توسع غير مدروس
وعرج الدكتور الجابر خلال حديثه على التوسع غير المدروس في افتتاح العيادات والمستشفيات، أي أنَّ المهنة ليست من المهن المحمية كمهنة المحاماة –على سبيل المثال لا الحصر-، فالمحامي وحده المرخص له أن يحصل على ترخيص مكتب محاماة، في حين العيادات أي مستثمر قادر على أن يحصل على ترخيص لافتتاح عيادة أو مجمع طبي فطالما المستثمر بكل تأكيد لديه رأس مال ولديه قدرة على استقطاب كوادر طبية وتمريضية بإمكانه منح ترخيص لمنشأة صحية، فكيف سيكون أداء الطبيب الذي يعمل لدى هذا الشخص غير الملم بالمهنة وبمعاييرها وأخلاقياتها إلا أن هدفه هو تحقيق أرباح مالية، لذا قد يكون من المهم أن يعاد النظر بهذا الشأن.
وعلق الدكتور الجابر على عضويته في مجلس أمناء الكلية الملكية للجراحين في إيرلاندا قائلا «إنَّ هذه عضوية دائمة، وحصلت عليها أولاً أنا من طلبة هذه الجامعة العريقة، فضلا عن أنني أقوم بعدة مشاريع مع الجامعة، ومتطوع لدعم الطلبة وخاصة من طلبة الطب، وحققت أحد أحلامي في التعاون مع الجامعة وتقديم منحة باسم العائلة «الجابر» للطلبة الذين ليس لديهم القدرة على تحمل تكاليف الدراسة إلا أنهم يملكون كافة الاشتراطات للالتحاق بكلية الطب، وأعد أول عربي ينضم إلى هذه القائمة».
تجدر الإشارة إلى أنَّ الدكتور حمد الجابر عمل في مؤسسة حمد الطبية حتى عام 2014، عضو سابق في لجنة التراخيص الطبية والكفاءة المهنية في وزارة الصحة العامة حتى 2018، أسس عيادات (PHI) 2019، حاصل على ماجستير في القيادة التنفيذية من جامعة جورج تاون وحاليا يحضر لماجستير قانون طبي في كلية الحقوق جامعة أدنبرة.
مساحة إعلانية