عربي ودولي
0
خبراء لـ الشرق: عودة نظام الأسد تتطلب تنازلات مهمة
علم سوريا
عواطف بن علي
تشهد المنطقة منذ فترة تحركات حثيثة نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وهي تحركات عجلت بها أحداث الزلزال المدمر الذي ألحق أضرارا في كل من تركيا وسوريا بالإضافة إلى عدد من المتغيرات الجيوسياسية التي عرفتها المنطقة ومن بينها عودة العلاقات السعودية الإيرانية. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن اجتماع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي المزمع عقده يوم الجمعة المقبل، في مدينة جدة سيتم فيه تبادل وجهات النظر حول إمكانية عودة سوريا إلى جامعة الدولة العربية لحضور قمة الرياض في منتصف مايو. ومع هذه التطورات، تثار العديد من الاستفهامات والتساؤلات حول عودة سوريا إلى الجامعة العربية دون تقديم أي تسوية أو حلول سياسية توافقية تطوي صفحة الحرب الدامية . وهل هناك إجماع عربي على هذه العودة خاصة في ظل مطالبات بضرورة تلبية تطلعات الشعب السوري في الحل السياسي وحدوث إجماع عربي حول هذه التحركات.
وفي تصريحات لـ الشرق رأى عدد من الخبراء الدوليين أن عودة العلاقات العربية السورية تطور جيوسياسي محفوف بالمجازفة ويطرح عددا من السيناريوهات المفتوحة لعدد من الصفقات السياسية والمصالح الاقتصادية التي ستكون مطروحة بقوة على طاولة المفاوضات، كما تبرز مدى التغيير في موازين القوى وتأثيرها على المشهد السياسي في المنطقة.
تحول جذري
بدأ مسار التطبيع التدريجي لعدد من الحكومات العربية لإعادة علاقات مع نظام الأسد منذ أواخر عام 2018، عندما أعادت الإمارات العربية المتحدة والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق. وأعادت عُمان سفيرها في عام 2020. وبدأت الوتيرة تتسارع في عام 2021 وازدادت في الأسابيع التي أعقبت الزلازل. وفي أوائل أبريل، زار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد القاهرة، في أول زيارة رسمية من نوعها لمصر منذ أكثر من عشر سنوات. بل كانت هناك مؤشرات على أن تركيا، التي لطالما كانت من أقوى الداعمين للمعارضة لنظام الأسد، تفكر بجدية في إعادة العلاقات، وهو ما أكدته تقارير إعلامية بعد لقاء بين وزيري الدفاع التركي والسوري ونظيريهما الروس في موسكو في ديسمبر 2022.
عودة مشروطة
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن عددا من الدول العربية قدمت عرضا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد للمصالحة مقابل المساعدة بمليارات الدولارات في عملية إعادة إعمار سوريا. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بارزين أن المحادثات التي قادتها المملكة الأردنية اقترحت إلى جانب الدعم المالي، التوسط لدى الولايات المتحدة وأوروبا لرفع العقوبات عن بشار الأسد ونظامه. وبالمقابل، يلتزم الأسد بالدخول في مفاوضات مع المعارضة السياسية السورية، وقبول حضور قوات عسكرية عربية لحماية اللاجئين العائدين إلى بلدهم. وبحسب وول ستريت جورنال، فإن مصدرًا سوريًّا أكد أن بشار الأسد “لم يبد اهتماما” بخصوص الإصلاح السياسي الداخلي، أو بقبول حضور قوات عسكرية عربية في سوريا. وبالمقابل، لم تظهر القوى الغربية أي مؤشر على إمكانية رفع الحصار عن النظام السوري.
وفي هذا الصدد، قال جورجيو كافيرو الرئيس التنفيذي لمركز تحليلات الخليج في واشنطن في تصريحات لـ الشرق إن هناك إجماعا متزايدا بين الحكومات العربية لصالح عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ودعم حكومة دمشق، حيث تمثل التحركات العربية نحو المصالحة مع الأسد تطورًا مهمًا في عملية إعادة دمج سوريا في العالم العربي. منوها الى موقف ثابت ضد دمشق منذ بداية الأزمة السورية، حيث ترى أن الاسباب التي أدت الى الموقف العربي من سوريا لم تتغير”.
بدوره أبرز د. أندرياس كريج الأستاذ المساعد في قسم دراسات الدفاع في كلية كينجز كوليدج لندن في تصريحات لـ الشرق أن هناك تطورا مهما للغاية وهو الضغط العربي من أجل السماح للنظام السوري بالعودة إلى جامعة الدول العربية، مشددا على أن العقبة الوحيدة حقاً أمام عودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية هي عدم وجود ضمانات لحماية الشعب السوري وأوضح كريج أن اجتماع يوم الجمعة الذي سيجمع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون مع وزراء خارجية مصر والاردن والعراق، سيكون لبحث حل وسط يمكن التفاوض بشأنه للسماح بعودة نظام الأسد، رغم أنه في الوقت الحالي، ليس من الواضح ما هو الموقف الذي ستتخذه بعض الدول التي اشترطت أن تكون عودة العلاقات مقرونة باستيفاء شرطين هما أن يكون القرار توافقيا وأن تكون هناك تنازلات ملموسة أو ذات مغزى يقدمها نظام الأسد تجاه الشعب السوري والعالم العربي الذي شهد على الوحشية والعنف الذي استخدمه نظام الأسد في سوريا.
وأضاف: ” لا أظن أن التطبيع مع نظام الأسد سيتم دون تقديم تنازلات ملموسة للشعب السوري وللمعارضة. ولذا يمكن أن يكون أحد التنازلات أن يسمح نظام الأسد بدرجة من الحكم الذاتي في مناطق المعارضة السورية يجب أن يكون هناك تغييرات ذات مغزى على الأرض”.
تأثيرات محتملة
كما بين كريج أن الولايات المتحدة تعارض عودة العلاقات وأن الدول الغربية ترفض عودة النظام لكنها في المقابل لا تعد استراتيجية واضحة لمستقبل سوريا، موضحا أن الأمريكيين يمكن أن يغضوا الطرف طالما لم يتم انتهاك عقوبات قيصر، فيما أوضح كافيرو أن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وعدد متزايد من الدول العربية يعد انتصارًا كبيرًا لإيران وروسيا حيث استثمرت طهران وموسكو مبالغ هائلة من الموارد لمساعدة حكومة الأسد في مواجهة الثوار في سوريا، الآن إعادة دمج دمشق في الطيف الدبلوماسي للمنطقة العربية، بينما يعامل الأسد كرئيس عربي طبيعي وشرعي، وزياراته إلى الخليج تؤكد مدى انتصار الروس في الأزمة السورية. وعلى نطاق أوسع، فإن الدول العربية التي أعادت تأهيل الأسد تتحدث عن حقيقة أن الشرق الأوسط يتكيف مع بيئة متعددة الأقطاب على المسرح الدولي. وأشار كافيرو إلى أن الولايات المتحدة لا ترحب بتطبيع الدول العربية للعلاقات الدبلوماسية مع سوريا مما يؤكد هذا الاتجاه فشل السياسة الخارجية لواشنطن عبر الطيف السياسي في الولايات المتحدة، هناك إجماع على أن حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها في الشرق الأوسط يجب ألا يعيدوا تأهيل الحكومة السورية. ومع ذلك، يبدو من غير المرجح أن ترد واشنطن على إعادة فتح السفارات أو استضافة الأسد في زيارات رسمية إلى عواصم عربية مختلفة بأي شيء يتجاوز الخطاب مثل العقوبات أو تعليق مبيعات الأسلحة أو إلغاء الصفقات التجارية حيث أولويات إدارة بايدن تتعلق بالصراع في أوكرانيا، والتوترات مع الصين، والبرنامج النووي الإيراني. سوريا والجهود المبذولة لمنع الدول العربية من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق ليست أولويات عالية لفريق بايدن.
مساحة إعلانية