محليات
180
الاحتلال يخشى مفاجآت المقاومة في الهجوم البري
رام الله – محمـد الرنتيسي
لا تخفي دولة الاحتلال تحفزها، من ردات فعل حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، ومفاجآتها الميدانية في خضم المعارك المستمرة في قطاع غزة، فما أن تقترب من إعلان ساعة الصفر، لهجومها البري، حتى تؤجل هذا الخيار، تارة بفعل الأحوال الجوية، كما زعمت في اليوم السابع للحرب، وأخرى بذريعة قلقها من محو المباني السكنية في غزة، قبل الشروع في الهجوم.
وكان مسؤولون أمنيون إسرائيليون، حددوا حي الرمال في غزة، ومحيط مجمع الشفاء، كمواقع للأنفاق التي تقيم فيها قيادة حركة حماس (وفق زعمهم)، وأخرى تتخذ منها كتائب القسام موقعاً لانطلاق هجماتها على الأهداف الإسرائيلية، وبينها مواقع يحتجز فيها عدد كبير من الرهائن الإسرائيليين، الذين تم أسرهم يوم 7 أكتوبر، لدى بدء عملية «طوفان الأقصى»، وهناك من دعا إلى اجتياح بري لقطاع غزة، حتى لو أدى هذا إلى مقتل جميع الأسرى الإسرائيليين هناك.
حسب مسؤولين إسرائيليين، فإن الهدف من الحملة البرية، هو الانتقام من قطاع غزة، من خلال تحويله إلى مدينة خيام، ومقابر وركام، ولكن، في خضم الاستعداد لشن هجوم بري واسع ودموي على قطاع غزة، تأخذ دولة الاحتلال بعين الاعتبار خوض قتال شوارع وأنفاق وأنقاض.
وفيما أخذ جيش الاحتلال يستعد للاجتياح البري منذ الأيام الأولى للعدوان على قطاع غزة، تأجل هذا الهجوم أكثر من مرة، أولها في اليوم السابع، لعدم ملاءمة الأحوال الجوية، حيث كانت سماء غزة ملبدة بالسحب الماطرة، وهذا من شأنه أن يصعب مهام سلاح الجو، في توفير غطاء للقوات البرية، بينما عزا مسؤولون إسرائيليون السبب في تأجيل ثان، إلى «الوضع الإنساني» وانتظار مغادرة أكبر عدد من أهالي القطاع نحو الجنوب.
هذا ضمن الأسباب المعلنة، أما غير المعلنة، ففي مقدمتها العامل المعنوي، بعد أن تفاجأ قادة الاحتلال، بالقدرات الفائقة لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية، خلال تنفيذ هجومها على مستوطنات غلاف غزة، صبيحة يوم 7 أكتوبر، خصوصاً وأن الهجوم البري، (من وجهة نظر خبراء عسكريين) يتطلب معالجة أكبر لردات الفعل، التي يمكن أن يتفاجأ بها المهاجم في خضم مجريات المعارك البرية، ومن بينها توسيع رقعة القتال.
ويتخوف جيش الاحتلال، من حرب استنزاف متوقعة، خصوصاً لجهة القتال في الأماكن المبنية، التي تعد من أصعب أنواع القتال للمهاجم ضد المدافعين، إذ سيتعين على المهاجم هدم كل هدف أمامه للتقدم، ومن شأن الدمار الكبير في قطاع غزة، أن يعيق حركة جيش الاحتلال في خضم المواجهة.
ويرجح خبراء عسكريون، أن يشن جيش الاحتلال حرباً برية غير مسبوقة، لتحويل الهزيمة المدوية التي مني بها خلال الساعات الأولى للهجوم، إلى نصر، من خلال جعل غزة منطقة غير قابلة للعيش والاستخدام البشري، أكان بإسالة المزيد من الدماء، أو بتحقيق نكبة فلسطينية جديدة وتشريد المواطنين، لا سيما وقد أصبح خطر التهجير جدياً.
ويتوقع الخبير العسكري الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، أن تكون الخسائر الإسرائيلية مضاعفة في حال إقدامها على هجوم بري على قطاع غزة، ويعزو السبب، لعدم وجود هامش للمناورة سواء للطائرة أو للدبابة، الأمر الذي سيدفع بالجندي الإسرائيلي للالتحام مع المقاتل الفلسطيني، الذي أظهر قدرات عالية خلال هجوم 7 أكتوبر، من خلال السيطرة على أهم أربعة مواقع إسرائيلية في غلاف غزة.
يوضح عريقات لـ الشرق: «في حالة الالتحام، سيتحول القتال إلى حرب معنويات وليس حرب سلاح، وستكون الغلبة للمقاتل الفلسطيني، الذي أظهر شجاعة منقطعة النظير، خلال الهجوم على مستوطنات غلاف غزة».
أمريكا من جانبها، لا تنصح دولة الكيان بـ»المغامرة» بهجوم بري، منوهة إلى أن هذا الخيار يجب أن يكون آخر همّها، طالما أنها تتفوق بسلاح الجو، فضلاً عن الخشية المتزايدة من أن يكون «حزب الله» ينتظر اللحظة التي يكون فيها جيش الاحتلال بكامل قوته وزخمه داخل قطاع غزة، لفتح جبهة الشمال، حتى إن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ذهبت إلى حد القول: «إن حزب الله لم يشأ المشاركة في الحرب، قبل أن تشن إسرائيل هجومها البري».
واستناداً إلى تقديرات المراقبين والخبراء العسكريين الإسرائيليين، والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى السلطة الفلسطينية، فإن قوات الاحتلال قررت الذهاب إلى هجوم بري على قطاع غزة، ويبقى المنتظر فقط، هو تحديد ساعة الصفر للهجوم.
مساحة إعلانية