قال ديفيد ماكايل، الخبير الدبلوماسي الأمريكي بشؤون الشرق الأوسط، وعضو المجلس التحريري بصحيفة «نيوزداي نيويورك»: إن كافة التقارير الراصدة للأدوار القطرية توضح أن خطوة الوصول إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن جاء بمثابة انتصار جديد لسجل قطر البارز في الوساطة الناجحة والفاعلة، موضحين أهمية دور الدوحة والذي لم يكن يتم تسليط الضوء عليه بصورة كاشفة لحقائق مهمة منها أن استضافتها لمكتب حماس جاء بطلب أمريكي في ظل البحث عن قناة تواصل فاعلة في سياق النزاع، ولكن وساطة الدوحة الفاعلة كانت حاضرة في مشاهد إقليمية ودولية عديدة، حتى في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، وبكل تأكيد بين واشنطن وطهران وكونها وسيط بارز بين حركة طالبان في أفغانستان مع أمريكا والمجتمع الدولي، وكل هذه الملفات الحيوية جعلتها تكتسب رصيداً أكثر قوة في ملفات التفاوض على إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، فهي تمتلك علاقات نافذة ومؤثرة، ومحفزات تضع فيها ثقلها الدبلوماسي ومقوماتها كدولة من أجل سير الطريق الصعب على مسار التفاوض، والأمر لدى قطر يرتبط سياقاً بما هو أكبر من فكرة الطموح السياسي لشغل مكانة أكثر بروزاً، ويختلف كلياً عن أي تفسيرات عن تشابه أيدولوجي أو تقارب سياسي في خطها للتفاوض، فهي لا تدعم رؤى طالبان بشأن تعليم المرأة وبعض الحقوق المدنية، ولا تتبنى الخط السياسي أو الأيدولوجي مع إيران، ولا تدعم إراقة أي دماء في النزاع القائم بين حماس وإسرائيل في غزة كما جاء موقفها الرسمي، ولكن الدوحة تنشط بفن موازنة دبلوماسية يصفها البعض أنها «تسير على خط رفيع» و»شائك» ولكنها «أتقنت» هذا المسار بمهارة جاءت من طبيعتها كدولة باحثة بكل تأكيد عن تعدد شبكة علاقاتها الدولية وتنوع مصادر نفوذها واتصالاتها، كجزء من الرؤية الإستراتيجية وفق آليات الأمن القومي لها كدولة وهو الأمر الذي توافق مع أولويات الأمن القومي للإدارة الأمريكية لا سيما في إدارة بايدن، إزاء أهمية تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
اهتمام لافتويتابع الدبلوماسي الأمريكي ديف ماكايل، في تصريحاته لـ : إن الدور القطري البارز الذي يكتسب اهتماماً دولياً لافتاً، نرى أنه تجاوز مرحلة المقارنة إلى تفوق بارز فالدوحة لم تعد سويسرا الشرق، في مجرد كونها حلقة اتصال مؤثرة مثل تلك التي كانت تمتلكها سويسرا بين واشطن وطهران، ولكن الدوحة تجاوزت ذلك أن وساطتها كانت أكثر فعالية وتأثيراً ناجحاً في ملفات تبادل الأسرى والرهائن، فهي ليست وسيط اتصال، بل جزء فاعل في عملية التفاوض، وشريك في جهود صياغة الاتفاقات المهمة التي تم الوصول لها سواء بإطلاق سراح الرهائن أو بهدنة وقف إطلاق النار، وكان لافتاً على أن العمل عن قرب بهذا المستوى بين قطر وفريق الأمن القومي الامريكي لدى الرئيس جو بايدن، والروابط القوية والصداقة الشخصية التي تجمع بين أنتوني بلينكن ومعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية للتشارك المتعدد والمكثف في أكثر من ملف دبلوماسي، أن يؤشر لمزيد من القوة والترابط في العلاقات القطرية – الأمريكية، وقدرتها على تحقيق أهداف مشتركة، بالمشاركة مع القادة الإقليميين، لا سيما أن الدوحة كانت أكثر اندماجاً وانخراطاً مع الأطراف الإقليمية الفاعلة في موجة تقارب دبلوماسية إضافية، جعلها في وضع مثالي من أجل تحقيق مثل هذه المكاسب الحقيقية المهمة لدبلوماسيتها الفاعلة والمؤثرة.