عربي ودولي
34
واشنطن- زينب إبراهيم
مع حلول الذكرى الثانية للانسحاب الأمريكي من افغانستان تنفيذا لاتفاق الدوحة التاريخي بين واشنطن وطالبان، أكد د. أنتوني ريفيز، عضو فريق الخبراء بالأمم المتحدة سابقاً بأفغانستان وأستاذ العلوم السياسية بجامعة إلينوي وعضو مجلس شيكاغو للشؤون الخارجية والسياسة الدولية، أن المناسبة تجدد التذكير بأهمية الأدوار القطرية المهمة في افغانستان وتسلط الضوء على النجاحات الدبلوماسية المتجددة، وفي استعراض النقاش حول تحديات المشهد الأفغاني، بكونه يرجع دائماً إلى نقطة أساسية ومحورية فارقة، وهي مبادرة السلام التي عقدت في الدوحة وما نتج عنها من اتفاق الدوحة التاريخي، الذي يعود دائماً كوثيقة حيوية في إطار المباحثات الأمريكية- الأفغانية بوساطة قطرية، وميزة الاتفاق أنه للمرة الأولى يدعم الخيار الدبلوماسي بديلاً للنهج العسكري الذي كان سبباً في مواصلة تورط القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان لأكثر من عقدين، والمنطق العسكري هو الذي أمد عمر أطول حرب أمريكية تجددت فيها ساحات القتال بصورة خسرت فيها أمريكا مليارات الأموال ومئات الضحايا، وبالفعل رغم تحقيق بعض المكاسب المدنية فيما يتعلق بأوضاع المرأة التعليمية وغيرها من الحقوق المدنية، إلا أن ساحات القتال المفتوحة كانت تفتح الأبواب لنزيف دماء متجدد، حيث ساعدت الاتفاقيات التي ابرمت في قطر ولوجستيات التنسيق الأمني في الحد من العمليات العسكرية ووقف الخسائر في الأرواح حينها، وأيضاً بحث المسار الدبلوماسي للمرة الأولى في التفاوض بين أمريكا وطالبان.
شراكة قطرية – أمريكية
يقول د. أنتوني ريفيز: إن قطر قامت أيضاً كشريك حيوي في الملف الأفغاني بأدوار بارزة مثل الوكالة الدبلوماسية والوساطة الحيوية، كما أن الانتقادات التي وجهت لعمليات الإجلاء لم تقف أمام حقيقة واحدة، وهي الانسحاب ذاته، والذي كانت تقديرات إدارة بايدن إنه لن يكون سهلاً فأي مسار كان سينتهي إليه الأمر، فإن الانسحاب كان خطوة لا بد منها، ولعبت الدبلوماسية المهمة أدوارا أضافت مزيداً من القوة على العلاقات الأمريكية مع الحلفاء التقليديين البارزين بالخليج مثل قطر، والانخراط في مباحثات حيوية بشأن تحديات المستقبل الأفغاني العديدة في خضم الأوضاع الاقتصادية والتطورات الإنسانية الخطيرة اللافتة، وتغييب الدبلوماسية عموماً والعزلة التي تم فرضها هي التي عجلت بخطوات اتخذتها طالبان فيما يتعلق بأوضاع تعليم الفتيات، رغم أن المباحثات الرسمية في مكتب قطر دائماً ما ألقت إشارات للمرونة من قبل طالبان بشأن تعليم المراهقات، ولكن دائماً ما تم ربط الخطوات المدنية، بالإفراج عن الأصول المجمدة والمساعدات الاقتصادية للمجتمع الدولي، فهناك بعض المخاوف ولكن السبيل الدبلوماسي بإمكانه حتى الآن تحقيق بعض المصالح المرجوة وإن كان في ظل التعقيد الجيوسياسي ولكنها ستمتد لمعالجة أزمات الداخل الأفغاني اقتصادياً وإنسانياً على تفاقمها.
أهمية اتفاق الدوحة
وتابع د. أنتوني ريفيز في تصريحاته لـ الشرق: إن اتفاق الدوحة كان حيوياً أيضاً في خلق نمط من التنسيق الأمني بين القوات الأمريكية وقوات طالبان، ربما تطور الأمر إلى تنسيق مخابراتي بشأن جهود مكافحة تنظيم داعش- خاراسان وما حققته طالبان من تحجيم فعلي لأذرع تنظيم الدولة، وفي المقابل كانت المخاطر المرتبطة بتحول طالبان ساحة للإرهابيين يشن منها هجمات داخل أمريكا، هي مخاطر ترتبط بمعالجة قضايا الماضي ولكن كما نعلم بوضوح لم تعد القاعدة كما هي بعد اغتيال قادتها والمطاردات المتجددة، حيث تراجعت القاعدة، في قائمة أولويات الأمن القومي الأمريكية، أمام تحديات أخرى مثل مواجهة الصدام مع روسيا والهجمات السيبرانية والقرصنة الصينية وصراعات النفوذ الدولية، وأزمات الإرهاب الداخلي والانقسام المجتمعي وتأثيرات الطاقة الضاغطة على الاقتصادات والمعيشة ومعادلات التضخم، دون أن يمنع ذلك القوات الأمريكية في أن تتدخل بعمليات عسكرية إذا وجدت فرصة سانحة لتقويض القاعدة أو قيادتها كما حدث في تصفية أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
مساحة إعلانية