ثقافة وفنون
80
حاورته: هاجر بوغانمي
أكد سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة في سلطنة عمان الشقيقة أن المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي الذي تستضيفه قطر، يعد فرصة سانحة للخروج بالعديد من الأفكار والتوصيات البنّاءة التي تساهم في خلق مساحات وفضاءات ثقافية قادرة على صناعة التجديد في المشهد الثقافي، وقال في لقاء خاص مع (الشرق) إن اختيار دولة قطر لاستضافة المؤتمر الحالي وترؤسها للمجلس الاستشاري الجديد يؤكد ريادتها في مجالات التنمية الثقافية، وعبر سعادته عن تطلعاته لتعزيز الشراكات الثقافية بين قطر وسلطنة عمان، كما تناول اللقاء العديد من المواضيع منها ما يتعلق بالتحديات التي تواجه التنمية الثقافية، وتطوير السياسات الثقافية، بالإضافة إلى جهود منظمة «الإيسيسكو» في مجال التراث الثقافي المادي وغير المادي، وغيرها من المواضيع.. في الحوار التالي:
كيف ترون استضافة قطر للمؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، وتسلّمها رئاسة المجلس الاستشاري الجديد للتنمية الثقافية؟
يؤكد اختيار منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لاستضافة المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي على الدور الريادي الذي تقوم به دولة قطر على صعيد التنمية الثقافية بمختلف مجالاتها، خاصة وأن المؤتمر يحمل شعار «نحو تجديد العمل الثقافي في العالم الإسلامي».
ونظرا لكون التجديد في العمل الثقافي يعد أحد وسائل تعزيز المحتوى الحضاري والثقافي للدول، فإن تجربة قطر الثقافية تعد نموذجا فريدا في المنطقة، مكّنها من رئاسة المجلس الاستشاري للتنمية الثقافية والذي يعد تجربة جديدة على العالم الإسلامي الذي يسعى إلى مزيد من الحراك الثقافي المدعوم بكافة أدوات التجديد الثقافي بمختلف مجالاته.
قطر لديها مشاريع ثقافية بارزة ساهمت في ريادتها الثقافية، وقد تكون تجربة الحي الثقافي والمتاحف المختلفة، واحتضانها للفعاليات الثقافية الإقليمية والدولية ساهم بشكل كبير في نيل الثقة من المنظمة في ترؤس المجلس الاستشاري الذي يعد أحد الركائز الاستشارية للمنظمة والدول الأعضاء.
يناقش المؤتمر الحالي قضايا التنمية الثقافية في العالم الإسلامي.. برأيكم ما التحديات التي تواجه التنمية الثقافية؟ وإلى أي مدى يشكل المؤتمر فرصة لبحث الحلول الكفيلة برفع التحدي النهضوي لفائدة الأجيال الحالية والقادمة؟
التنمية الثقافية من بين المرتكزات التي تشغل العديد من الدول والمؤسسات الثقافية، وفي الإطار الذي تمتلك فيه العديد من الدول الكثير من الممكنات التي تدعم التنمية الثقافية، تواجه تلك الدول العديد من التحديات التي تواجه عمليات التنمية بمختلف مجالاتها، خاصة في الدول التي لا تعد التنمية الثقافية من أولوياتها مقارنة بمتطلبات التنمية في القطاعات الأخرى. كما أن التنمية الثقافية من بين القطاعات التي تحتاج إلى فترة زمنية طويلة علاوة على التكلفة الرأسمالية لمشاريعها إذا ما أخذنا في الاعتبار التحولات الكبيرة في التقنية الممكنة للثقافة بين فترة وأخرى وكلفتها العالية التي تحتاج إلى الدعم المالي المستمر.
من بين التحديات التنموية كذلك، مسألة الموازنة بين الهوية المتجذرة للمجتمعات والعولمة الثقافية التي تتطلب الانفتاح على الثقافات الأخرى والتنوع الثقافي الذي ربما تخشاه بعض المجتمعات حفاظا على هوياتها الثقافية، كما أن المنافسة في التطوير الثقافي كبيرة جدا ومتسارعة، وهو ما يجعلها من التحديات البارزة والتي ينبغي على الدول في العالم الإسلامي مواكبتها، حيث نعوّل كثيرا على المؤتمر الحالي الذي تستضيفه الدوحة هذه الأيام للخروج بالعديد من الأفكار والتوصيات البنّاءة التي تساهم في خلق مساحات وفضاءات ثقافية قادرة على صناعة التجديد في المشهد الثقافي، واستنباط مفاهيم ثقافية جديدة قادرة على حمل الرسائل الإيجابية لدول العالم الإسلامي، ومواكبة للتطلعات بمجتمعاته، وتنعكس إيجابا على الأجيال الحالية والقادمة، لتحفيز الإبداع والابتكار والتجديد في المشهد الثقافي.
كنوز بشرية
من بين الموضوعات والملفات المدرجة على جدول أعمال المؤتمر برنامج تثمين الكنوز البشرية الحية، والمبادئ التوجيهية للسياسات الثقافية ومؤشرات التنمية المستدامة… إلى أي مدى تشكل هذه البرامج والمشاريع نقطة مفصلية في تجديد العمل الثقافي في العالم الإسلامي؟
الكنوز البشرية هي المصدر الرئيسي الذي يمكن من خلاله تناقل المعارف الثقليدية في العالم الإسلامي وفي مختلف دول العالم، وينبغي على الدول أن تضع في الاعتبار أهمية وضع البرامج الكفيلة بالاستفادة منها لتحقيق الاستدامة في المعارف الثقافية، وبقائها للأجيال المتعاقبة، ومن هنا تكمن أهمية برنامج تثمين الكنوز البشرية التي يسعى المؤتمر إلى تحقيقه. كما أن مناقشة المؤتمر للمواضيع الأخرى الخاصة بالمبادئ التوجيهية للسياسات الثقافية تعكس مدى مواكبة المؤتمر للقضايا الثقافية العالمية المرتبطة بالتنمية الثقافية في دول العالم الإسلامي، وأهمية وضع سياسات إقليمية أو وطنية تضمن النصيب الكافي للتنمية الثقافية في أن تكون بين عناصر التنمية التي تضعها الدول ضمن سياساتها التنموية ومدى ضمان استدامتها إذا ما تم ربطها بكافة الخطط القطاعية للدول، لتكون ملائمة ومتماشية مع كافة القطاعات، وهي طريقة مهمة لحوكمة القطاع الثقافي.
سياسات ثقافية
برأيكم ما هي سبل تطوير السياسات الثقافية الراهنة في دول الخليج تحديدا؟
نحن نحتاج إلى سياسات ثقافية واضحة وموحدة، فلا بد من وجود خارطة عمل تنفيذية يتم تقييمها بشكل دوري في دول الخليج، وكلنا يعلم الإستراتيجية الثقافية الخليجية التي أعلنت في مسقط عام 2019م، إلا أن هذه الإستراتيجة إن أردنا تحقيقها علينا أن نوحد الجهود في وضع أدوات للقياس والتقييم للخطط الثقافية المشتركة.
ونحن في سلطنة عمان نحرص كل الحرص على الالتزام بكافة بنود الإستراتيجية الثقافية الخليجية التي نعتقد بأنها خارطة طريق تضمن تحقيق الاستدامة الثقافية، وقدرتها على التجديد في المشهد الثقافي بما يضمن الثوابت ويحقق الطموحات التي تلامس تطلعات المجتمع. ولو نظرنا إلى الإستراتيجية الثقافية لسلطنة عمان، سنجد أننا التزمنا بربط أهدافها بالإستراتيجية الثقافية الخليجية وكذلك أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، حرصا منا على أن تكون سياساتنا الثقافية تتماشى مع السياسات الثقافية التنموية الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ارتباطها برؤية عمان 2040 التي جعلت من التنمية الثقافية وتحديدا الإنسان والمجتمع ركيزة من ركائز الرؤية ووضعت ضمن الأولويات الإستراتيجية الوطنية لسلطنة عمان.
كيف ترون مجهودات منظمة «إيسيسكو» في دعم العمل الثقافي المشترك خاصة ما يتعلق بتسجيل المواقع الأثرية للدول الأعضاء على لائحة التراث الثقافي في العالم الإسلامي؟
تبذل منظمة الإيسيسكو الكثير من الجهود لدعم العمل الثقافي المشترك، ولاحظنا الجهود على صعيد توثيق المواقع الأثرية في مجال التراث الثقافي المادي، كما نلمس في المقابل الجهود المماثلة في مجال التراث الثقافي غير المادي، ومن بينها المشروع الأخير لتسجيل التراث الثقافي غير المادي لدول العالم الإسلامي، وهو ما يجعله مساهما في التنمية الثقافية المستدامة في هذه الدول، ويمكنها من وضع سياسات تنموية وطنية أو مشتركة تعزز من الاستثمار الأمثل للتراث الثقافي المادي وغير المادي، وبدأنا في سلطنة عمان بالتعاون مع المنظمة في العديد من المشاريع الثقافية المشتركة، ومستمرون في دعم مشاريعهم التنموية التي تخدم الشأن الثقافي بالمنطقة والعالم.
خطط وشراكات
ما هي الخطط والإستراتيجيات القادمة لتعزيز التعاون الثقافي بين قطر وسلطنة عمان لاسيما في مجال الثقافة والتراث؟
نتطلع في سلطنة عمان إلى تعزيز الشراكات الثقافية مع الدول الشقيقة والصديقة، ودولة قطر الشقيقة تربطنا بها العديد من الوشائج الثقافية والاجتماعية.
على الصعيد الثقافي هناك الكثير من العناصر الثقافية المشتركة التي تعزز من رفع مستوى التعاون بين البلدين، كما أن النهضة الثقافية التي يشهدها البلدان تساهم بشكل كبير في نمو العلاقات الثقافية بينهما، لذلك نتبادل بين فترة وأخرى العديد من البرامج والفعاليات الثقافية التي تعزز وتبرز هذه الروابط، وخلال الأيام القادمة نتطلع من خلال المؤسسات الثقافية إلى تفعيل العديد من الشراكات الثقافية التي تخدم البلدين، والمتمثلة في مجالات عديدة من بينها الفعاليات الثقافية المشتركة سواء على الصعيد الفني أو الأدبي. كما نسعى بشكل كبير إلى توسيع أفق التعاون بين البلدين في المجال الثقافي، وتبادل التجارب الثقافية الرائدة، وتمكين المثقفين بالبلدين من التواجد بشكل أكبر في الفعاليات والمناشط الثقافية السنوية.
مساحة إعلانية