عربي ودولي
20
شهباز شريف
الدوحة – قنا
وضعت باكستان حدا للغموض والحيرة التي أوجدتها نتائج الانتخابات التي جرت هناك في الثامن من فبراير الماضي والتي لم تسفر عن فوز أي حزب من الأحزاب الباكستانية بالعدد المطلوب من المقاعد في الجمعية الوطنية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، وتتألف الجمعية من 336 عضوا، ويحتاج الفائز بمنصب رئيس الوزراء إلى 169 صوتا على الأقل.
فقد انتخب المشرعون الباكستانيون شهباز شريف مرشح حزب الرابطة الإسلامية، رئيسا للوزراء للمرة الثانية في تصويت جرى صباح اليوم، ونال شريف البالغ من العمر اثنين وسبعين عاما أصوات 201 نائب مقابل 92 صوتوا لصالح عمر أيوب خان المدعوم من رئيس الحكومة السابق عمران خان زعيم حزب حركة إنصاف، الذي فاز أنصاره بمقاعد أكثر من أي حزب آخر في انتخابات الثامن من فبراير الماضي.
وحصل المرشحون المدعومون من خان في انتخابات فبراير، على أكبر عدد من المقاعد، ومن أجل العودة للسلطة اضطر شهباز شريف وحزبه إلى تشكيل تحالف مع منافسهما التاريخي، حزب الشعب الباكستاني الذي تديره أسرة رئيسة الوزراء الراحلة بي نظير بوتو، ومع عدد من الأطراف الأصغر حجما، اتفقا على تشكيل حكومة ائتلافية، ما أتاح لشهباز شريف فرصة الحصول على ولاية ثانية، وأن يصبح رئيس الوزراء الرابع والعشرون في باكستان، التي يبلغ عدد سكانها 241 مليون نسمة.
ومن المقرر أن يؤدي شهباز شريف، الأخ الأصغر لنواز شريف الذي شغل هذا المنصب ثلاث مرات، اليمين الدستورية غدا /الإثنين/ لولاية مدتها خمس سنوات.
وشغل شريف منصب رئيس الوزراء مرة واحدة لمدة 16 شهرا حتى /أغسطس/ من العام الماضي عندما تم حل الجمعية الوطنية لإفساح المجال أمام حكومة انتقالية مكلفة بإجراء الانتخابات الوطنية.
وفي خطاب ألقاه بعد إعلان فوزه، أعلن رئيس الوزراء شهباز شريف أنه سيتم منح رعايا الدول الشقيقة لباكستان حق الدخول إلى بلاده بدون تأشيرة، معربا عن ثقته في أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة التجارة في باكستان، وأضاف أن حكومته ستعمل بجد وتحدد هدفا لتصبح عضوا في دول مجموعة العشرين بحلول عام 2030.
ووعد بالعمل من أجل جلب الاستثمارات الخارجية إلى بلاده وخلق الظروف الاقتصادية التي من شأنها تحفيز النمو الاقتصادي، وخفض التضخم، وزيادة فرص العمل، وقال إنه سيتم توفير فرص عمل وأجور متساوية للنساء خلال فترة ولايته، مضيفا أنه سينشر شبكة واسعة من وسائل النقل العام الفعالة في جميع أنحاء باكستان.
كما وعد شهباز شريف ببناء مستشفيات ومرافق طبية على أحدث طراز، وتوفير فرصة الدراسة بالخارج لجميع الطلاب الموهوبين، وتوفير تدريب متخصص لنحو 500 ألف طالب شاب يشمل استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كما وعد بتقديم إعانات مباشرة للمزارعين، وحل أزمة الديون الخارجية وارتفاع أسعار الكهرباء والغاز.
وتعهد شريف بالعمل للوفاء بكل هذه الوعود، لكنه اعترف بأن الطريق لتحقيقها رحلة طويلة وشائكة ومليئة بالعقبات، وأكد أن هذه المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، مضيفا أن الدول التي تغلبت على مثل هذه التحديات أصبحت من أكثر الدول تقدما في العالم.
وتواجه باكستان أزمة اقتصادية عميقة، من أبرز معالمها معدل تضخم عند نحو ثلاثين بالمائة، بينما يعيش ما يقارب أربعين بالمائة من السكان تحت خط الفقر، إلى جانب ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى اثنين وسبعين بالمائة، كما ارتفع معدل البطالة الرسمي في الفترة الأخيرة إلى مستوى قياسي بلغ ثمانية ونصف بالمائة.
وتواجه باكستان أزمة خانقة جراء حجم الديون الخارجية التي تربو على 128 مليار دولار، وتلحقها خدمة الدين التي ترهق الميزانية العامة، كما انخفضت الروبية الباكستانية عام 2023 بنحو عشرين بالمائة مقابل الدولار.
ومن التحديات التي تواجهها باكستان توفير الطاقة، والتي تسببت بإضعاف آفاق النمو في البلاد، وتقييد الجهود الرامية إلى تنويع قاعدة الصادرات بعيدا عن المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة، مثل القطن والأرز والتركيز على السلع ذات القيمة الأعلى.
ومن المشاكل الكبرى التي واجهتها باكستان في الفترة الأخيرة ما حل بها أواخر عام 2022، حيث تسببت الفيضانات الموسمية في نزوح نحو 8 ملايين شخص وأدت إلى خسائر بقيمة تربو على 30 مليار دولار، إذ أدى فقدان محاصيل القطن إلى تدمير صناعة النسيج في البلاد، وهي مصدر رئيسي للصادرات.
وفي فترة ولايته السابقة، تمكنت حكومة شريف من التفاوض على اتفاق حاسم مع صندوق النقد الدولي، لكن العملية كانت غارقة في التحديات، وساهمت الإجراءات التي يتطلبها الاتفاق الذي ينتهي في أبريل المقبل، في ارتفاع الأسعار وزيادة الضغط على الفقراء، وعائلات الطبقة المتوسطة، وسيتعين على الحكومة الجديدة أن تبدأ على الفور محادثات مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى الاتفاق التالي لدعم اقتصاد باكستان وتمكينه من التعامل الفعال مع التحديات المختلفة.
مساحة إعلانية