محليات
32
عازف بيانو قطري من ذوي التوحد يبدع في «دريشة»
الطالب خلال العزف على البيانو
الدوحة – الشرق
في ربيعه الرابع عشر، أدى حسن سعيد الشحي معزوفات موسيقية أمام أكبر جمهور يقف أمامه في مهرجان دريشة للفنون الأدائية التابع لمؤسسة قطر، وعيناه مركّزتان باستمرار على البيانو، وأصابعه تتحرك بخفة ورشاقة فوق لوحة مفاتيح البيانو، وتعبيرات وجهه تتغير بشكل طفيف بالموازاة مع إيقاع كل نغمة موسيقية. تم تشخيص إصابة الشحي بالتوحد غير اللفظي عندما كان في الثانية من عمره. قالت والدته، عائشة الكاش: «لم يستطع أن يفصح لي عن ذلك بالكلمات، لكنني شعرت أنه مدركٌ تواجده على خشبة المسرح وهو يعزف أمام حشد من الحضور الذين يستمعون إليه ويصفقون له. عرفت وقتها أنه كان فخورًا وسعيدًا مثلما كنت أنا». عندما تعرفت عائلة الشحي على مهرجان دريشة للفنون الأدائية، أبدت رغبتها في مشاركة ابنهم. وقد أسعدها ترحيب الفريق بالابن. وقالت الأم: «نبحث دائمًا عن فرص لكي يؤدي حسن عروضه ويمضي قدمًا في شغفه بالموسيقى. نريد، كوالدين، أن يكون لابننا مكان في المجتمع.
ومن خلال فتح مهرجان دريشة للفنون الأدائية ومؤسسة قطر الأبواب أمام الناس من جميع القدرات، فقد منحه ذلك مكانًا جعله يشعر بالانتماء إلى هذا المجتمع. “تعود بداية علاقة الشحي بالموسيقى إلى عامه الثامن، عندما أتاحت له مدرسته الفرصة للعزف على البيانو خلال إحدى الفصول الموسيقية. سرعان ما أدرك والداه ظهور علامات تدل على موهبته ليقوما بتسجيله في معهد موسيقي خاص حتى يتمكن من استثمار موهبته الموسيقية وينمّيها. تتذكر والدته أنه عندما تواصلت في البداية مع المعهد الموسيقي، لم يكن مدرس البيانو متأكدًا من أن الشحي سيبلي جيدًا في هذا النوع من الموسيقى، بالنظر لكونه من ذوي التوحد. لكن بفضل إصرار الأم، وافق المعلم على منحه فرصة التعلم. بعد ست سنوات، أصبح الشحي يعزف بمهارة على البيانو. وقد كان معلم البيانو الخاص به من أوائل من أقرّوا بأن الشحي أظهر نقاط قوة غير موجودة عند معظم الأطفال الآخرين. وأضافت الأم: «ذاكرته جيدة، ولا ينسى النوتات الموسيقية التي تعلمها، بغض النظر عن المدة التي قضاها في فترة راحة بعيدًا عن آلة البيانو. معظم الأطفال الآخرين بحاجة إلى إعادة تنشيط بعد فترة انقطاع عن الممارسة الموسيقية، لكن الأمر لا ينطبق على حسن.» وسارعت الأم إلى التأكيد على أنه عندما يتعلق الأمر بالأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا سنكون أفضل حالًا.
وقالت: «كمجتمع، إذا ركزنا على احتياجاتهم، بدلاً من جعل نقاط ضعفهم عائقًا أمام مشاركتهم في مختلف النشاطات. عندما لا يعزف على البيانو، فإنه يستمتع بالسباحة أو ركوب الدراجات أو ركوب الخيل أو التزلج. إنه يستمتع بكل شيء على غرار الأطفال الآخرين في سنه. كل ما يحتاجه هو القليل من الدعم.» وتضيف الأم أن اهتمام الشحي بالموسيقىقاده أيضًا إلى محاولة العزف على آلة الإكسيليفون، ثم سرعان ما شرع في تلقي دروس في الموسيقى الشرقية أيضًا.
تعتقد والدته أن الموسيقى أسهمت في جعله يركز بشكل أفضل على أي مهمة يرغب في إنجازها. وحسب وجهة نظر الأم، فإن مهرجان دريشة للفنون الأدائية يضطلع بدور جدير بالثناء في استكشاف الثقافة العربية من خلال الموسيقى والمسرح والفنون. إلا أن محورية هذا الدور تكمن أيضًا في حرص المهرجان على اعتماد معايير الشمولية وتيسير الوصول. وقالت: «لم يقتصر الأمر على إشراك أشخاص من جميع القدرات في العروض، بل تعداه إلى إتاحة لغة الإشارة للصم وضعاف السمع، والوصف الصوتي للمكفوفين وضعاف البصر. لقد كان من الرائع التفكير في مثل هذه المبادرات بما يلبي احتياجات الأشخاص من جميع القدرات. إنه شيء آمل أن أراه يطبق مستقبلًا على مستوى كافة الفعاليات «. وبالموازاة مع الأجواء الشيقة لكرة القدم، تعلم الشحي كيفية العزف على البيانو لأداء أغانيه المفضلة المتعلقة بكأس العالم: مثل «ارحبو» و «هيّا هيّا» اللتين يعزفهما في البيت. وأسرّت والدته بأنها تحلم برؤية ابنها يؤدي معزوفات على مسرح عالمي في المستقبل القريب. كما تأمل أم حسن في رؤية المزيد من الفرص المتعلقة بالتطوير الترفيهي والمهاري للأشخاص من جميع القدرات في جميع أنحاء البلاد، مضيفة: «الفرص موجودة، لكنها ليست كافية بالضرورة. آمل ألا يمر وقت طويل قبل أن تتاح لنا فرص كافية بحيث لا يتم وضع أي أب أو أم لطفل مصاب بالتوحد أو القدرات الأخرى على قائمة الانتظار.»
مساحة إعلانية