خلال العام 1896، مني الإيطاليون بهزيمة قاسية على يد الإثيوبيين في خضم معرة عدوة التي أسفرت عن مقتل نحو 6 آلاف إيطالي تزامنا مع وقوع الجنرال ماتيو ألبيرتوني (Matteo Albertone) أسيرا بقبضة قوات الإمبراطور الأثيوبي منليك الثاني (Menelik II). وبفضل هذا النصر، حافظت أثيوبيا على سيادتها لتمثل بذلك، رفقة ليبيريا، واحدة من الدول الأفريقية التي صمدت بوجه التوسع الإستعماري الأوروبي.
المشروع الإيطالي
مع توليهم لزمام الأمور بإيطاليا عام 1922، تحدث الفاشيون، بقيادة بينيتو موسوليني (Benito Mussolini)، عن ضرورة إعادة أمجاد الإمبراطورية الرومانية ومنح إيطاليا مكانة عالمية أكبر. وانطلاقا من ذلك، أكد موسوليني على أهمية محو عار هزيمة الجيوش الإيطالية بإثيوبيا عام 1896 ليبدأ على إثر ذلك الدوتشي، أي الدكتاتور، الإيطالي بالتخطيط لعملية غزو أثيوبيا.
وخلال العام 1926، اتجهت كل من إيطاليا وبريطانيا للبحث عن طريقة لدخول أثيوبيا بشكل إقتصادي. فعقب ضغوطات وتهديدات ضد إمبراطورة أثيوبيا زيوديتو (Zewditu)، حاول الإيطاليون استغلال شبكة قطار بأثيوبيا بينما اتجه البريطانيون لبناء قنوات جر مياه أملا في توفير مزيد من الموارد المائية لمستعمرتهم بالسودان الإنجليزي المصري (الإسم الذي كان يطلق سابقا على السودان أثناء الإستعمار البريطاني).
عقب رسالة موجهة لمنظمة عصبة الأمم من قبل السلطات الأثيوبية حول التدخل الأجنبي ببلادهم، انقلب الرأي العام ببريطانيا ضد فكرة التوغل بأثيوبيا. وبسبب ذلك، وجدت إيطاليا نفسها وحيدة أمام خيار مواصلة مشروعها الاقتصادي بالمنطقة.
معاهدة صداقة بعشرين عام
بدلا من التخلي عن مشروعه الاقتصادي بإثيوبيا، اتجه الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني لطلب المساعدة من دوق أبروزي الأمير لويجي أميديو (Luigi Amedeo) الذي تميز بحنكته الدبلوماسية.
تلبية لرغبة موسوليني، سافر دوق أبروزي عام 1928 مرفوقا بالعديد من مساعديه عبر البحر الأبيض المتوسط قبل أن يشق طريقه قرب السواحل الشرقية للقارة الأفريقية ليحل بأثيوبيا ضمن رحلة طويلة قادته نحو أديس أبابا. وبالعاصمة الأثيوبية، قدّم لويجي أميديو العديد من الهدايا القيمة والثمينة لوصي العرش هايله سيلاسي. وقد كان من ضمن هذه الهدايا حينها سيارة ليموزين فخمة من نوع إيسوتا فراشيني (Isotta Fraschini).
ساهمت هدايا دوق أبروزي في انهاء حالة التوتر الإيطالي الإثيوبي. وبفضلها، قبل هايله سيلاسي، الذي أصبح امبراطور أثيوبيا عام 1930، بمعاهدة صداقة بين إيطاليا وأثيوبيا لمدة 20 عام. وبموجب هذه المعاهدة، حصل الإثيوبيون على بعض الحقوق بميناء عصب بإريتريا التي كانت حينها قابعة تحت الاحتلال الإيطالي. وفي المقابل، حصل الإيطاليون على العديد من الإمتيازات الاقتصادية بأثيوبيا وسمح لهم بتشييد طريق بين عصب الإريترية ومنطقة ديسي الإثيوبية.
بعد مضي، بضعة سنوات عن توقيع اتفاقية الصداقة، اجتاح الإيطاليون منتصف الثلاثينيات أثيوبيا جاعلين منها مستعمرة لهم تزامنا مع مغادرة الإمبراطور الجديد هايله سيلاسي لها.