عربي ودولي
22
إبادة عائلات بأكملها سياسة إسرائيلية رائجة
غزة – محمـد الرنتيسي
ما من حديث في غزة اليوم، سوى حديث الدموع على فراق الأحبة، وتدمير المنازل والممتلكات، ولا صوت يسمع غير هدير الطائرات ودوي الانفجارات.. قصص وحكايات تلازم أهالي قطاع غزة ولا تفارقهم، منذ حرب الرصاص المصبوب العام 2008، مروراً بحروب 2012، و2014، و2021، وما تخللها من هجمات خاطفة، وليس انتهاء بحرب “السيف الحديدي” حسب التوصيف الإسرائيلي، و “طوفان الأقصى” حسب التسمية الفلسطينية، إذ يواصل جيش الاحتلال غزواته الإجرامية في قطاع غزة، دون أن تلوح في الأفق بوادر لوقفها.
فاضت الأحزان في غزة، وتعمقت الجراح، وبات في كل بيت دمعة، وفي كل حي دمار ورماد، فتوقف الحياة في بيت عائلة شبات في بلدة بيت حانون، التي فقدت 12 من أفرادها، فسالت دموع القهر على أجساد الأطفال والنساء الشيوخ المضرجة بالدماء، وكم كان المشهد قاسياً على إبادة العائلة برمتها، ومن بين جموع المشيعين كانت تسمع صرخات الحزن والكمد.
في ميدان حزن مشابه، في بلدة بني سهيلا، قرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، دمرت طائرات الاحتلال الحربية، منزلاً لعائلة أبو دقة، ما أدى إلى استشهاد 18 مواطناً من العائلة، غالبيتهم من النساء والأطفال، لكن عمق المأساة، تجلى بانتشال الطفلة تالا (8) أعوام، من تحت الأنقاض، لتجد أنها فقدت والديها وأشقائها في القصف.
يقول أحمد أبو دقة لـ الشرق، وفي قلبه حزن نبيل وألم عميق: “كنا نياماً، ومن قوة الانفجار، انخلع باب البيت، وامتلأ منزلنا بالغبار، بدأت أسأل عن أفراد عائلتي، وحين ناديت على طفليّ أنس وعمر، لم يجيبا، وما أن انقشع الغبار ودخلت إلى غرفتهما، حتى وجدتهما يغرقان في بحر من الدماء”.
ليس ببعيد، كان الشاب علي أبو ركاب، يحث الأهالي في قطاع غزة على استغلال الأرض بالزراعة، للتغلب على الظروف الصعبة، وفي لحظات مجنونة يرتقي بغارة استهدفت المناطق الزراعية في بلدة القرارة شرق مدينة خانيونس، مروياً الأرض بعرقه ودمائه.
وقضى 7 مواطنين، من عائلة النباهين، في مخيم البريج وسط قطاع غزة، فخيم الصمت على المكان، ووحدها مقاتلات الاحتلال الحربية كانت تبدد صمت المخيم، الذي تحول إلى أشبه بمكان للأشباح.
يوضح حسن النباهين لـ الشرق: “لا أحد يمكنه التنبؤ بما هو قادم، الأمور ذاهبة ربما إلى مزيد من التصعيد، نحن نترقب ما يجري، ونتطلع للخلاص من هذه الأوضاع المرعبة”.
واستناداً إلى وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فقد قضت نحو 55 عائلة بأكملها، ومسحت من السجل المدني، نتيجة للغارات الوحشية المستمرة على القطاع، بينما فقدت نحو 130 عائلة غالبية أفرادها، ما أوقع المزيد من الشهداء، جرى تشييعهم في أجواء من الحزن ودون وداع، بعد أن انتشلتهم طواقم الدفاع المدني من تحت الأنقاض، فيما لا تزال جثامين مئات آخرين عالقة تحت الأنقاض، ولم تتمكن الطواقم من انتشالها، بسبب الدمار الكبير في عين المكان، فضلاً عن النقص الحاد في المعدات.
وانهارت منازل فلسطينية عدة، بفعل القصف الوحشي الإسرائيلي، المتواصل على قطاع غزة، في إطار الرد على عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر، ما أوقع عدداً كبيراً من الضحايا.
مساحة إعلانية