عربي ودولي
120
❖ رام الله – محمـد الرنتيسي
اتشحت فلسطين بالحزن والحداد، على استشهاد القائد الوطني الكبير صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فعم الإضراب الشامل والحداد العام كافة أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، وجابت المسيرات والتظاهرات الغاضبة شوارع المدن، وصدحت الحناجر بالهتافات الممجدة للشهيد، وأقيمت صلاة الغائب على روحه في كافة المساجد، في دلالة واضحة على المكانة المرموقة التي يحظى بها العاروري في الشارع الفلسطيني.
ولأن السيرة الوطنية العطرة لا تتوارى أو تحتجب بترجل أصحابها عن مسرح الحياة، بل تبقى حاضرة ومحفورة في القلوب والعقول، تصدر استشهاد القائد العاروري المشهد الفلسطيني حتى في أحاديث العامة، ورغم الفاجعة التي أصابت الفلسطينيين برحيله وهو في قمة التوهج النضالي في قيادة معركة «طوفان الأقصى» إلا أن مشاهد الفخر والاعتزاز بمسيرة العاروري القائد والمناضل والشهيد، كانت حاضرة بقوة.
«نهاية لا تليق إلا بالأبطال» هكذا عبر متظاهرون فلسطينيون بمدينة رام الله، التي خرجت عن بكرة أبيها للتعبير عن غضبها رداً على جريمة اغتيال العاروري، الذي اقتطعت سجون الاحتلال 18 عاماً من عمره، لكن هذا لم ينل من عزيمته وإرادته، فظل متفاعلاً مع نبض شعبه، طوال مشواره النضالي الحافل.
لم يكن العاروري يدّخر جهداً في سبيل وحدة أبناء شعبه في مواجهة الاحتلال، والعمل بصدق وإخلاص لطي صفحة الإنقسام واستعادة الوحدة الوطنية، فقال الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، إن العاروري حفر لنفسه اسماً ومكانة في قلوب الفلسطينيين، واصفاً إياه بـ «القائد العظيم».
بينما قال مفوض العلاقات العربية في حركة فتح عباس زكي إن العاروري هو شهيد فلسطين بأكملها، وليس حركة حماس فحسب، مبيناً أن خير وفاء لهذا الشهيد البطل هو استعادة وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الأوحد وهو الاحتلال.
وتأتي جريمة اغتيال الشهيد صالح العاروري لتضاف إلى سلسلة واسعة النطاق من جرائم القتل والاغتيال للقيادات الوطنية الفلسطينية، ولتؤكد من جديد على سادية الاحتلال ووحشيته ضد كل رموز ومقومات الشعب الفلسطيني، وتنفيذاً لتهديدات قادة الكيان الصهيوني بملاحقة قادة المقاومة في فلسطين وخارجها.
وباستشهاد العاروري الذي ذاق مرارة الاعتقال والإبعاد عن الوطن، فقد الشعب الفلسطيني مناضلاً من خيرة رجاله وقادته الذين لطالما دعوا إلى إعلاء صروح الوحدة الوطنية في مواجهة الكيان المحتل وجرائمه ضد الفلسطينيين وقضيتهم، فكان من البديهي أن تمتد ردود الأفعال لتغطي الساحتين العربية والإسلامية، خصوصاً وأن الاحتلال باغتيال العاروري على الأرض اللبنانية، هدف إلى جر المنطقة إلى أتون المعركة، التي سجل فيها فشلاً ذريعاً في غزة، بعد 90 يوماً.
ويقول مراقبون، إن جريمة اغتيال العاروري لم تكن الأولى التي يتجاوز فيها الكيان الصهيوني الخطوط الحمراء، ولن تكون الأخيرة في سجله الحافل بالجرائم، لكنها ستكون وقوداً جديداً للمقاومة، التي لم تنته باغتيال أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ويحيى عياش وأبو عمار وأبو جهاد وأبو علي مصطفى والشقاقي، ولن تنتهي باستشهاد العاروري.
مساحة إعلانية