محليات
12
❖ الدوحة – الشرق
قال الدكتور حازم قبلاوي- من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة قطر، إن الدولة خطت على مر السنين خطوات هائلة في حماية البيئة، وتحسين جودة الهواء من خلال التركيز على الاستدامة في خططها التنموية وإعطاء الأولوية للبحوث لمواجهة التحديات، وقد أدت جهود الحكومة للحفاظ على البيئة إلى تحسين جودة الحياة للجميع، مشيرا إلى عملهم الآن بشكل أساسي على المشاريع المتعلقة بالتلوث الناجم عن الغبار والجسيمات، كما أن المنطقة لديها الكثير من العواصف الترابية وربما هناك أيضًا بعض الأعمال الترابية القادمة من الحفر والبناء خلال مرحلة البناء، وهذا يعني أنه يجب أن تكون هناك بعض تدابير التخفيف للحد من تأثير الغبار الناتج إما بشكل طبيعي عن العواصف أو الأنشطة البشرية المتعلقة بالبناء.
حلول قصيرة وطويلة
يمكن أن تكون هذه الحلول قصيرة الأجل وطويلة الأجل، على المدى الطويل، على سبيل المثال، نحتاج إلى بنية تحتية صديقة للبيئة بما في ذلك المزيد من الأشجار والحدائق العامة، كما أن قطر تبلي بلاءً حسنًا في هذا الشأن، بالإضافة إلى العديد من المبادرات التي تم إحراز الكثير من التقدم بها.
وقال إن قطر زادت بشكل كبير من المساحات الخضراء والحدائق العامة خلال السنوات الماضية. وقال إن الأشجار تعمل كمرشحات عن طريق التقاط الجسيمات وتساهم أيضًا في تقليل درجة الحرارة في المناطق المحيطة. وهذا يساعد أيضًا في تقليل شدة العواصف.
وردًا عن السؤال حول تحديات جودة الهواء المحددة التي تواجهها قطر والمنطقة، قال الدكتور قبلاوي، انه يجب أن نضع في اعتبارنا أن تلوث الهواء ليس محليًا، بل إقليميا، كما قال أيضًا أنه لن تقضي المقاييس مثل التشجير وإقامة المزارع على تغيرات المناخ ولكنها تقلل من تأثيرها، مشيرا إلى انه لدينا محطات لمراقبة جودة الهواء في جامعة قطر ووزارة البيئة والتغيير المناخي ومعاهد بحثية أخرى، وفي الوقت الحالي، لدينا صورة أفضل عن الغبار والجسيمات يمكننا أيضًا أن نعرف مصدره ومعرفة ما إذا كانت طبيعية أم من صنع الإنسان، مشيدا بمبادرة الوزارة بتركيب محطات مراقبة لجودة الهواء، والتي توفر بيانات أكثر دقة لوضع السياسات والبحوث.
دور حاسم
وحول أهمية البحوث المتعلقة بالبيئة في قطر، قال الدكتور قبلاوي إن البحث يلعب دورًا حاسمًا في إيجاد حلول للمشاكل الخاصة بالدولة والمنطقة. فالبحث مهم في عملية وضع السياسات واتخاذ القرارات، كما أن العديد من الأبحاث جارية في معاهد التعليم العالي القطرية، منوها إلى أن البحث يُمكن الباحثين من تحديد ما إذا كانت عينات الجسيمات التي يجمعونها من العديد من المواقع المختلفة ناتجة عن مصادر طبيعية وحركة المرور على الطرق أو الأنشطة الصناعية، ويمكن أن يكون هناك العديد من المصادر المختلفة للجسيمات حتى في إطار الأنشطة الصناعية العامة، إذ يساعد البحث على إيجاد حلول محددة لمصادر ومشاكل محددة.
مبادرات ناجحة
وقال إن الحكومة عقدت من جانبها عددًا من المبادرات الناجحة لتطوير جودة الهواء ووضع اللوائح، مبينا أن هناك شفافية حول البيانات ومؤشرات جودة الهواء، حيث يمكن أن تكون هناك زيادة في بعض الأحيان في بعض معايير جودة الهواء كنتيجة طبيعية في زيادة التحضر وحركة المرور على الطرق، ولكن بشكل عام، تحسنت جودة الهواء بفضل تطوير البنية التحتية المستدامة والصديقة للبيئة وخطوات أخرى.
وتابع قائلا: هناك شفافية وهناك لوائح سارية ومع البيانات الواردة من محطات مراقبة جودة الهواء، كما أن قطر حققت إنجازات في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لري النباتات والمساحات الخضراء، وبالتالي الحفاظ على المصادر الطبيعية.
وتطرق الدكتور قبلاوي إلى أن الشيء الآخر الذي من شأنه أن يساعد في تقليل انبعاثات الهواء هو تقليل مدة توقف السيارات وتشغيلها، والذي من الممكن أن يساعد في تقليل ملوثات الهواء، وعلى سبيل المثال عند إشارات المرور، لأنه كلما طالت مدة توقف وتشغيل السيارات، كلما زاد عدد الملوثات التي ستطلقها، حيث إن محرك كل سيارة هو بمثابة نبات صغير… وأضاف: إن هذا يعني بأنه يجب علينا تصميم البنية التحتية للطرق وفقًا لذلك، خاصة وأن قطر قد قامت ببناء بنية تحتية ضخمة مع وضع الاستدامة في الاعتبار، وكل هذا سيؤدي إلى حياة أفضل للعامة.
دور القطاع الخاص
وفي حديثه عن دور القطاع الخاص في الحفاظ على جودة الهواء في قطر، قال إن المدن الصناعية في قطر تعمل على السيطرة على تلوث الهواء والحفاظ على جودة الهواء لفترة طويلة، إذ تمتلك جميع المدن الصناعية محطات مراقبة جودة الهواء الخاصة بها، حيث نتحكم بالانبعاثات في كل محطة ثم جميع المحطات بشكل جماعي، مؤكدا أهمية هذا التعاون وسيكون لدى المدن الصناعية تأثير سلبي أقل على البيئة، ولذلك يجب الوضع في الاعتبار النظر في تأثير البيئي وجودة الهواء لأي محطة حتى في مرحلة تصميم جميع المحطات والمنشآت في الدولة.
وتابع قائلا: «تمتثل المواد البتروكيميائية والأسمدة وصناعة المواد المضافة للوقود والصلب والأسمنت وجميع هذه الصناعات الأساسية للمعايير القطرية، وينبغي أن تقدم كل محطة جديدة دراسة تقييمية عن الآثار البيئية قبل البدء في بناء أي محطة في دولة قطر.
وذكر أنه سيتم إصدار التصاريح استنادًا إلى نتائج دراسة تقييم الآثار البيئية، حيث تمتلك الصناعة والقطاع الخاص القدرة على التحكم في الملوثات بشكل أفضل بكثير من الازدحام المروري، حيث إن لدينا مئات الآلاف من السيارات، منوها إلى أن القطاع الخاص وقطاع الصناعة يعملان بشكل جيد إلى حد كبير، ولكن فيما يتعلق بالازدحام المروري، ونظرًا للعدد الضخم من السيارات وربما بسبب ازدحام المرور في المدينة في أوقات معينة وخاصة في وهج النهار، ولهذا السبب فإن البنية التحتية، على سبيل المثال محور صباح الأحمد لا يسهل حركة مستخدمي الطرق فحسب بل له تأثير إيجابي كبير أيضا على جودة الهواء، ويمكن لهذا النوع من المشاريع أن تستوعب عددا أكبر من السيارات ذات التأثير الطفيف على البيئة. فيما يتعلق بحركة المرور، يُعتبر إجراء فحص سنوي للسيارات أمرًا في غاية الأهمية.»
تحسين جودة الهواء
كما أوضح الدكتور قبلاوي، أن السلطات في دولة قطر تعمل في جميع هذه المجالات لمواصلة تحسين جودة الهواء، لافتا إلى أنه من الممكن أن تكون حركة ازدحام المرور مصدرًا رئيسيًا لتلوث الهواء، كما ذكر أن تدابير الحد من الازدحام المروري، على سبيل المثال إجراءات توسيع نطاق فتح المدارس والمكاتب فيما بين أوقات الفجوة من الممكن أن يساعد في هذا الصدد، لأن الإدارة تعتبر هي محور الاهتمام قبل أن نشرع في التخفيف.»
كما ذكر أن حرص دولة قطر على زيادة المساحات الخضراء وزراعة العديد من الأشجار، أيضا تساهم في تحسين جودة الهواء، حيث تعمل الأشجار كمرشحات طبيعية في التخفيف من درجات الحرارة وامتصاص إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وأشار الدكتور قبلاوي إلى أن وسائل النقل العامة تُعتبر أمرًا أسياسيًا وموصى بها أيضا في إنجازات دولة قطر لتقديم شبكة نقل متكافئة ومناسبة للحافلات الكهربائية ومترو أنفاق الدوحة، ويمكن أن يختلف الناس بأن هذه الوسائل تعمل بالكهرباء، تُعتبر ناجمة عن محطة توليد الكهرباء، حيث يُعد السيطرة على تلوث الهواء الناتج عن محطات توليد الكهرباء أمرًا أكثر سهولة مقارنة بتلوث الهواء الناتج عن السيارات نظرًا لأن كل سيارة هي بمثابة محطة صغيرة من الناحية العملية.»
وفيما يتعلق بالبيانات الواردة من محطات مراقبة جودة الهواء، قال، «واصفًا بأن البيانات التي توفرها المحطات هي بيانات أولية وعليه أصبح لدينا تكنولوجيات متقدمة كما أصبح لدينا القدرة على جمع البيانات في كل ثانية. ويعني ذلك أنه أصبح لدينا الملايين وربما المليارات من نقاط البيانات، ومن الآن فصاعدًا أصبح أمر تحليل البيانات أمرًا أكثر أهمية… واستطرد قائلا: يمكن جمع بعض البيانات بشكل مباشر مثل قياس درجة الحرارة، ولكن لتحليل الغبار، تحتاج إلى أخذ العينة إلى المختبر، ولهذا السبب نحتاج إلى البحث والتحليل الكيميائي وفهم مصدر الغبار. لذلك، فإن تحليل البيانات هو أمر هام، ويمكن للجامعات ومؤسسات البحث أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا المجال».
وأضاف أن قسم الهندسة الكيميائية بجامعة قطر يجري أبحاثًا حول جوانب عديدة تتعلق بجودة الهواء، بما في ذلك مواد الأغشية وتطوير المواد الماصة وتوليف الأغشية، ويمكن تطبيق بعض نتائج هذا البحث في الصناعة، كما يعمل القسم أيضًا على تحسين المحولات الحفزية للسيارات، وكذلك البطاريات المستخدمة في المركبات الكهربائية، إلى جانب إجراء بحث حول تنقية المياه وذلك لزيادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، ويستخدم الباحثون أيضًا الموارد المحلية مثل تحويل مخلفات النخيل إلى فحم حيوي.
وأكد أن قطر قد أحرزت تقدمًا هائلًا في نظام التحكم في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء من خلال التشريعات وتنفيذ اللوائح التنظيمية وبناء البنية التحتية للمدن المستدامة والصديقة للبيئة ووسائل النقل العام، ويساهم كُل ذلك في تحسين جودة الهواء والمؤشرات، حيث إننا نخطو خطانا في الاتجاه الصحيح. وأضاف أنه «مع كل هذه الإجراءات السارية» فإنه يمكن التحكم في جودة الهواء حتى مع توسع النشاط الاقتصادي والصناعي، حيث يمكن للدول الإقليمية، ولا سيما في مجلس التعاون الخليجي، التعاون في تحسين جودة الهواء ومبادرات بيئية أخرى نظرًا لأنها تواجه تحديات مناخية مماثلة.
مساحة إعلانية